لماذا يجب على السعودية أن تعيد النظر في علاقتها بالإخوان المسلمين؟

الأربعاء 18 فبراير 2015 06:02 ص

وفاة الملك «عبد الله» في 23 يناير/كانون الثاني من هذا العام، وجلوس شقيقه الملك «سلمان» على عرش المملكة يثيران التساؤلات حول انعكاسات ذلك على المملكة والمنطقة ككل. هل يجلب ذلك الإصلاح؟ هل تتغير السياسات تجاه إيران؟ هل يتم خفض إنتاج النفط لدعم عودة الأسعار العالمية؟ هل يكون هناك تفاوض مع «الأسد» في سوريا لإنهاء الحرب الأهلية وهزيمة «الدولة الإسلامية»؟

أمام الملك «سلمان» الكثير من القرارات لاتخاذها بشأن بلاده في الداخل والخارج. وما يثير استغراب الكثيرين هو أنه قد أعطى علامة على أن المملكة العربية السعودية قد تسعى للتقارب مع جماعة الإخوان المسلمين؛ الجماعة التي ينتشر أتباعها في معظم أنحاء العالم الإسلامي. وللمملكة والإخوان تاريخ مُختلط؛ وخصوصا في مصر. في فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي دعمت المملكة العربية السعودية جماعة الإخوان ضد «جمال عبد الناصر»، لكن الأمور تبدلت عندما بدأت الجماعة كسب نفوذ داخل المملكة. وفي الآونة الأخيرة؛ ساعدت المملكة في عملية عزل حكومة جماعة الإخوان المسلمين في القاهرة - والتي شابها عنف - واستبدالها بالجيش.

العداوة بين «آل سعود» وجماعة الإخوان المسلمين عميقة وواسعة النطاق، ما يجعل التقارب على المدى البعيد صعبا للغاية. ومع ذلك؛ ينبغي استكشاف دوافع السعوديين وإمكانيات التغيير.

التنافس مع إيران

الصراع الطائفي في العالم الإسلامي في مرحلته الأعلى والأعنف منذ عقود إن لم يكن قرون؛ وسوف يسعى التحرك السعودي لإضعاف موقف إيران في المنطقة. وقد يكون ذلك - من دون شك - القوة الدافعة وراء الحسابات السعودية.

وعلى الرغم من تعميق الصدع الشيعي السني، فإن إيران والإخوان يتشاركان معارضة المملكة العربية السعودية، إيران بسبب القضايا الطائفية والجغرافية السياسية، وجماعة الإخوان بسبب دور السعودية في إزاحتها عن السلطة. ودعمت إيران حكومة الإخوان في مصر حتى أطيح بها من قبل الجيش بدعم من الرياض. كما تدعم إيران جماعة الإخوان المسلمين في تونس وغزة وأماكن أخرى.

ويريد السعوديون قطع حبل الوصال بين إيران والعالم السني. وسوف يكون الدعم المادي والإعانات بالطبع الأداة الأكثر فعالية. ومع ذلك؛ فإن عداء الإخوان للرياض قوي جدا، وحتى بعد فترة من الهدوء، ربما يروق للإخوان ما يحدث بين الخصمين الطائفيين من شد وجذب. ويمكنهم بذكاء أخذ الدعم من الجانبين دون الوقوف مع أي منهما والخروج من التنافس الدبلوماسي أكثر قوة من أي وقت مضى.

ومن المفارقات أن جماعة الإخوان يمكنها عندئذٍ أن تصبح موازن مُهم يقوم بدور الملطف للكراهية الطائفية، والتي قد تتحول في الوقت الحاضر إلى المزيد من سفك الدماء أكثر مما نشاهده بالفعل.

دعم شعبي في المنطقة

وقد بنت الرياض جزءا من الدعم الشعبي لها في الشرق الأوسط من خلال الإعانات العامة والدعم المباشر للمدارس السلفية في العديد من البلدان. وتؤدي هذه المدارس نفس الدور الذي تؤديه الوهابية في المملكة وتحمل نفس أهدافها وطموحاتها.

السلفيون - في المقابل - ممتنون لمعلميهم وأولياء نعمتهم في الرياض. وكان السلفيون المصريون معارضين شعبيين لحكومة الإخوان المسلمين، ومؤيدين مهمين للنظام العسكري الذي ساعدته المملكة العربية السعودية في الوصول إلى السلطة. ونبع هذا بشكل شبه مؤكد من توجيهات الرياض.

وبطي المملكة العربية السعودية لجماعة الإخوان تحت جناحها فسيزداد الدعم الشعبي لها في كل من مصر وتونس وليبيا وسوريا وتركيا. وقبل كل شيء فإن الإخوان مُنظمة مُنضبطة للغاية لديها سمع وطاعة. وإذا تحالفوا مع السلفيين - ليست مهمة سهلة - فيمكنهم ضم القاعدة الشعبية السعودية الهائلة في المنطقة إلى صفهم.

وعلى الرغم من أن أعداد الإخوان المسلمين داخل المملكة العربية السعودية غير مؤكدة - وتم حظر المنظمة هناك - إلا إنها تتمتع على الأقل بقدر من الدعم هناك بسبب مواقفها الإصلاحية ومواقفها المناهضة للملكية. ووفقا لذلك؛ فإن التقارب قد يجلب دعما شعبيا أكبر لعائلة «آل سعود» في أي فترة حرجة؛ وبشكل خاص عندما يأتي جيل جديد من الحكام إلى السلطة، وفي مواجهة قضية مُلحة وهي التحرر أو الليبرالية.

مشكلات داخل المملكة

وقد يجلب التقارب مع الإخوان آمالا كبيرة وربما غير واقعية للحرية. وهذا لن يكون موضع ترحيب في أجزاء كثيرة من الحكومة السعودية ورجال الدين؛ وخصوصا المحافظين وشيوخ القبائل. والنتيجة قد لا تكون عملية تدريجية وناجحة، بل قمع تتلاشي معه الآمال.

وسوف تكون جهود الرياض لجذب الإخوان مكلفة، وهذا في وقت انخفضت فيه عائدات النفط، والمملكة تنفق بالفعل مبالغ هائلة في سوريا والعراق واليمن ومصر وباكستان. وسوف يزداد الاستياء بسبب النفقات الخارجية بين الشبان السعوديين الذين لا يرون أي فرصة عمل هادفة في الداخل لكنهم يرون فرصًا للمجد العسكري في الخارج.

مشكلات خارج المملكة

التأثير السعودي في المنطقة هو بالفعل مثير للقلق في العديد من الدول. وسوف تزيد الشراكة مع الإخوان هذا القلق إلى حد كبير، وبالطبع ستشجع القوى المتنافسة على القيام بمحاولات لمنع ذلك بشكل فردي أو جماعي.

وفي الوقت الحاضر؛ جلب السعوديين إلى مدارهم كل من البحرين والإمارات والكويت وحتى باكستان. وتدين الفصائل في سوريا واليمن إلى الرياض بالفضل. وإذا تحركت مصر بشكل أقوى تجاه السعوديين، فإن ذلك قد يعطيهم تأثيرا هائلا في المنطقة وتقارب مع أقوى جيش في العالم العربي.

وينظر العديد من الدول بارتياب إلى زيادة النفوذ السعودي في المنطقة. وقد حاولت قطر إحباط الهيمنة السعودية من خلال دعم جماعة الإخوان المسلمين - التي تحاربها السعودية وتنفي أتباعها أو تعتقلهم وتغلق قنواتها - وستسعى لاستخدام كل أدواتها للحفاظ على الإخوان خارج المدار السعودي.

وتتألف جماعة الإخوان نفسها من عدة فروع وطنية، ما يجعل الجهود الدبلوماسية السعودية أمرا مُعقدا للغاية. النجاح مع فرع وطني واحد قد يؤدي إلى استياء أو مخاوف آخر أو أكثر. تركيا - على سبيل المثال - تريد إقامة نفوذها في المنطقة المتغيرة، وستعارض تجاوزات السعودية.

وأعربت إسرائيل في الآونة الأخيرة عن ارتياحها تجاه السعوديين؛ حيث تعارض كل منهما النفوذ الايراني وبرنامج طهران النووي. ومع ذلك؛ فإن احتمالية توحد العالم السني - على أن تكون اليد الطولى للرياض - ربما يجعل إسرائيل ترتب أولويات توقعاتها فيما يتعلق بأمنها، وربما يؤدي إلى تقارب تلقائي مع أشد المعارضين للمملكة العربية السعودية؛ الجمهورية الإيرانية.

وفي الوقت الذي يبدو فيه ذلك غير معقول نظرا للتوترات الحالية، فإنه يمكن الإشارة إلى أن هناك الكثير من الأمور التي لم يكن ليقبلها عقل إذا لم تحدث بعض الأحداث السخيفة في الشرق الأوسط فقط في السنوات الخمس الماضية. ويمكن الإشارة إلى أن إسرائيل وإيران كانتا بمثابة الشركاء الاستراتيجيين منذ تأسيس إسرائيل في عام 1948 وحتى أوائل التسعينيات؛ بصعوبة من الناحية الجغرافية السياسية.

تدعو الأحداث إلى إعادة النظر في الشراكات الاستراتيجية. وينبغي على القادة أن ينصتوا. 

المصدر | برايان داونينج، كاونتر بانش

  كلمات مفتاحية

السعودية الإخوان المسلمون إيران إسرائيل مصر

خاص لـ«الخليج الجديد»: السعودية تعيد الاتصال بالإخوان في اليمن وتسقبل وفدا قياديا بـ«الإصلاح»

أحمد التويجري: اعتبار «الإخوان» جماعة إرهابية «كلام لا يقبله عقل»

«واشنطن بوست»: مستقبل الإخوان المسلمين في الخليج

«سعود الفيصل»: لا توجد مشكلة بين السعودية وجماعة «الإخوان»!

«الإخوان المسلمين»: ساءنا كثيرا تجريح «السيسي» لدول الخليج ولا نرضى ذلك لأحبتنا

«إيكونوميست»: حرب حكام الخليج ضد «الإخوان» جاءت بنتائج عكسية غير مقصودة

«ستراتفور»: الموقف تجاه الإخوان المسلمين «يربك» حسابات السعوديين

كيف ستدير دول مجلس التعاون الخليجي «أرجوحة» علاقاتها بين الإخوان المسلمين والنظام في مصر؟

ضغوط سعودية لمصالحة مصرية ــ إخوانية

التحول السعودي والقلق المصري

السعودية اليوم