أميركا اللاتينية.. وظاهرة القروض الصينية

السبت 7 مارس 2015 05:03 ص

في الأسبوع الماضي، نشرت مؤسسة «حوار الأميركتين» و«مبادرة الحوكمة الاقتصادية العالمية» بجامعة بوسطن دراسة جديدة أشارت إلى أن قروض البنوك المملوكة للدولة في الصين لأميركا اللاتينية ارتفعت 71 في المئة العام الماضي مما يثير القلق على جانبي المحيط الهادي. وتوضح الدراسة أن البنوك الصينية أقرضت دول أميركا اللاتينية 22 مليار دولار خلال العام الماضي، وما إجماليه 119 مليار دولار في السنوات العشر الماضية. وأفادت أيضاً أن التزامات القروض الصينية على أميركا اللاتينية العام الماضي تجاوزت إجمالي القروض من البنك الدولي وبنك تنمية الأميركتين.

وكل قروض البنوك الصينية تذهب فعلياً إلى المشروعات المتعلقة باستخراج المواد الخام في الدول التي تجد صعوبة في الحصول على قروض من الأسواق الدولية مثل فنزويلا والأرجنتين والإكوادور والبرازيل. وأفادت الدراسة أيضاً أن فنزويلا المتعطشة للمال حصلت وحدها على 47 في المئة من القروض الصينية لأميركا اللاتينية في العام الماضي.

وفي سياق متصل أكد «كيفين جالاغر»، الأستاذ في جامعة بوسطن، الذي شارك في الدراسة، أن قروض الصين لأميركا اللاتينية ساعدت اقتصاد المنطقة على النمو في السنوات القليلة الماضية، ولكنها زادت المخاطر أيضاً لكل من الصين والقارة اللاتينية معاً.

وهنا بعض الجوانب السلبية للقروض على أميركا اللاتينية:

أولًا: تزايد تورط دول أميركا اللاتينية في الديون. وستتزايد صعوبة سداد الديون لأن على هذه الدول سداد الديون بالدولار الأميركي في وقت تنخفض فيه قيمة عملاتها. وأشار «جالاغر» إلى أن «هذه ديون بالدولار... ومع انخفاض أسعار المواد الخام وانخفاض النمو الاقتصادي وانخفاض قيمة عملات الدول اللاتينية. تتمثل الخطورة في أن الديون التي يمكن إدارتها يوم معين قد لا تمكن إدارتها في اليوم التالي».

ثانياً: اعتماد أميركا اللاتينية على الصين جعل صناعات المنطقة أقل قدرة على المنافسة في الأسواق العالمية. وفي السنوات القليلة الماضية، ساعد شراء الصين للمواد الخام الأميركية اللاتينية بكميات كبيرة، مثل النحاس والحديد وفول الصويا، المنطقة على النمو بمعدلات قياسية، ولكنه أيضاً جعل صادراتها من غير المواد الخام مثل الإلكترونيات والمنسوجات أكثر غلاء في الأسواق العالمية.

وفي عام 2000، احتكرت أميركا اللاتينية والصين معاً 9 في المئة من سوق قطع غيار الكمبيوتر في العالم. وأكد «جالاغر» أنه بحلول عام 2011، أصبحت أميركا اللاتينية تسيطر على 6 في المئة فقط من سوق الكمبيوتر في العالم بينما تسيطر الصين على 55 في المئة. ومضى يقول «إن أميركا اللاتينية قد فشلت في استغلال الأرباح الهائلة لصادرات المواد الخام في إعادة استثمارها في تطوير التنافسية الصناعية... واليوم يواجه الإقليم انخفاضاً في أسعار المواد الخام ويفتقر إلى التنافسية في الصناعات».

ثالثاً: القروض الصينية وُفرت بقليل جداً من القيود مما شكل مخاطر بيئية وسياسية كبيرة لأنها لا تلزم الحكومات المقترضة باتباع إجراءات صارمة في مواجهة تحديات البيئة ومناهضة الفساد.

رابعاً: القروض الصينية تديم اعتماد أميركا اللاتينية على تصدير المواد الخام في وقت تنخفض فيه أسعارها. ويرى «جالاغر» أن هذا يعمل على استمرار نمط التركيز على المواد الخام في حين أنهم في لدول اللاتينية «يحتاجون إلى كل من صادرات المواد الخام والصناعات لرفع مستوى معيشتهم».

وأضاف «جالاغر» وهو مؤلف كتاب سيصدر قريباً بعنوان «الحفاظ على ازدهار الصين» أن القروض الهائلة من الصين لأميركا اللاتينية هي أيضاً ذات تأثير سلبي على البنوك الصينية. ومضى يقول «إن البنوك الصينية مكشوفة بشدة أمام الأرجنتين وفنزويلا... فماذا لو عجزت إحدى هذه الدول عن السداد؟ فهذه القروض لا تتضمن اشتراطات خاصة بعدم السداد، على الأقل فيما نعلم».

ويرى كاتب هذه السطور أن عمليات الشراء الهائلة للمواد الخام من طرف الصين واستثماراتها في أميركا اللاتينية مثلت نعمة كبيرة لدول المنطقة على مدار العقد الماضي. ولعل أسوأ ما أنتجته مشكلة قروض الصين هو ثقافة الاتكال في أميركا اللاتينية مما أضر كثيراً بصادرات المنطقة من المنتجات الصناعية وعالية التقنية. ويجب على أميركا اللاتينية الترحيب بهذه القروض، ولكن كما نصح «جالاغر»، يجب عليها استغلالها في دعم الابتكار وجعل صناعاتها أكثر تنافسية. وبغير هذا سيكون ضرر القروض الصينية أكثر من نفعها.

* أندريس أوبنهايمر كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية

  كلمات مفتاحية

الصين أميركا اللاتينية القروض الصينية فنزويلا الأرجنتين الإكوادور البرازيل دعم الابتكار التنافسية الصناعية أضرار القروض

«أوباما» ينتقد بشدة خطط الصين لفرض قواعد جديدة على شركات التكنولوجيا الأمريكية

الديون السيئة في الصين

أميركا اللاتينية وتحديات 2015

قطر للغاز: الصين قد تصبح أكبر مستورد للغاز المسال في العالم

اطلبوا وسائل القتل ولو في الصين: السعودية تنضم لسباق التسلح بالطائرات بدون طيار

أميركا اللاتينية ونهاية الرأسمالية!

حروب العملة.. انتصار صيني!

الصين: قبول عضوية الإمارات وإيران في البنك الآسيوي للاستثمار

57 دولة يوقعون اتفاقية تأسيس البنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية

أمير قطر يبدأ من كوبا جولة في 3 دول بأمريكا اللاتينية

الرئيس الصيني ووزير الخارجية الأمريكي يبحثان ملف كوريا الشمالية