أسباب تفاؤل «أوبك» باستقرار أسواق النفط

الثلاثاء 17 مارس 2015 02:03 ص

تغيرت لهجة الوزراء والمسؤولين في «أوبك» مع التطورات السريعة في الأسواق خلال الأسابيع الأخيرة. والاتجاه السائد هو استقرار الأسعار على مستويات مقبولة أكثر. لكن على رغم هذا التغير، يبقى الحذر سيد الموقف.

شرح وزير البترول السعودي «علي النعيمي» وجهة نظر بلاده وأيضاً توقعاته لآفاق الأزمة. وقال خلال ندوة يوم 4 الجاري في برلين إن السعودية «تأمل في حصول إجماع بين الدول المنتجة للنفط لتحقيق توازن في الأسواق»، وأضاف: «الطلب على النفط يرتفع تدريجاً، كما أن الاقتصاد العالمي في تحسن مستمر، وأسعار النفط أخذت بالاستقرار». ويأتي كلامه بعد انخفاض سعر «برنت» إلى نحو 40 دولاراً في كانون الثاني (يناير)، واستقراره على 60 دولاراً خلال الأسابيع الماضية. وكان النعيمي قال إن سعر 20 دولاراً للنفط أمر غير مهم، ولا يستدعي التدخل في الأسواق وتغيير سياسة «أوبك».

انتقد «النعيمي» في خطابه في برلين «النظريات الخاطئة» حول شن منظمة «أوبك» حرباً على النفط الصخري. فبالنسبة له، بنيت سياسة المنظمة على أساس «قرار تاريخي» مفاده «عدم التدخل في الأسواق». وذكر أن طلب الدول الأخرى من السعودية كان خفض إنتاجها وحدها للتخلص من التخمة في الأسواق. وهذا الاقتراح شبيه بما طلب من السعودية في أواخر الثمانينات، ما أدى إلى انخفاض إنتاجها إلى نحو مليوني برميل يومياً من النفط الخام، «وهذا أمر غير مقبول». فلا يمكن تكرار هذا الخطأ مرتين. فليست مسؤولية السعودية وبقية أقطار منظمة «أوبك» توفير الدعم للنفط ذي كلفة الإنتاج العالية كي يحصل غيرهم على حصصها في الأسواق.

ونبه «النعيمي» إلى أن إنتاج الدول غير الأعضاء في «أوبك» أعلى كثيراً في الوقت الحاضر مما كان عليه في الثمانينات. وأكد أن المملكة ملتزمة باستقرار الأسواق وتوازنها، «لكن هذا يتطلب تعاون الدول غير الأعضاء في المنظمة، على رغم أن بعضها امتنع عن التعاون لأسباب خاصة». والكلام هنا موجه بخاصة إلى روسيا، الدولة ذات الإنتاج الأكبر في العالم، والتي لديها شركات حكومية تستطيع موسكو الطلب منها خفض الإنتاج. كما طلب من العراق الموافقة على انضمامه لنظام «أوبك» للحصص، ما رفضته بغداد.

رحب «النعيمي» في الوقت ذاته «بإمدادات النفط الجديدة، ومصدر معظمها الولايات المتحدة». ولم يبد قلقاً من منافسة هذه النفوط، إذ «إن الطلب العالمي في ازدياد، وهناك انقطاعات من بعض الدول المنتجة». من ثم، «فإن الدول المنتجة ذات كلف الإنتاج القليلة، ستلعب دوراً رئيساً كما سيكون لها الموقع الأهم في الأسواق». وأكد النعيمي في النهاية استمرار مسؤولية بلاده في «تحقيق التوازن في الأسواق».

من السهل جداً فهم موقف النعيمي في التأكيد على دور السعودية في توازن العرض والطلب. فهذا دورها التقليدي الذي مارسته باستمرار. لكن كيف يمكن تفادي المواجهات ما بين الدول ذات كلف الإنتاج القليلة (النفوط التقليدية) والدول ذات كلف الإنتاج الباهظة الثمن (النفوط غير التقليدية). فقد بدأت في حزيران (يونيو) الماضي عندما رفضت المجموعة الأخيرة التعاون مع «أوبك»، وستبرز في المدى المتوسط عند محاولة التفاوض للوصول إلى حل مشترك لمعالجة المشكلة معاً (فهناك مصالح مختلفة فيما بينها، منها المخاوف الروسية من إقفال الحقول القديمة والآثار السلبية على إنتاجية الحقول مستقبلاً. 

ومشكلة التعامل مع الشركات في الحقول الصخرية وصعوبة تجميعها في بوتقة واحدة والحصول على التزامات واضحة منها). كما يحتمل حصول مواجهة أخرى عندما يزداد إنتاج النفط الصخري وتتوسع صناعته عالمياً. فواقع الحال، أن النفط التقليدي القليل الكلفة سيواجه صديقاً وخصماً في الوقت ذاته. إذ إن النفط غير التقليدي يزيد إمدادات النفط العالمية، ما يردع حصول أزمة إمدادات في وقت ارتفاع الطلب والاضطرابات الجيوسياسية. 

لكن، بالتزامن، لا تلتزم صناعة النفط غير التقليدي بالضوابط التي تتحكم بدول «أوبك». ويذكر أن سقف إنتاج أقطار «أوبك» في السنوات الأخيرة وحالياً هو نحو 30 مليون برميل يومياً، أو نحو ثلث الإنتاج العالمي،» وهذا عامل قوة لهذه الدول لا يستهان به على رغم أن كلفة الإنتاج باهظة لبعض نفوطهم (النفط المحصور والنفوط من بقاع البحار والمحيطات العميقة جداً ونفط «أورينوكو» الفنزويلي الثقيل جداً الذي تبلغ تكاليف إنتاجه نحو 60 دولاراً للبرميل).

توقع الأمين العام لـ«أوبك» «عبدالله البدري» في مؤتمر للطاقة في البحرين، «أن ترتفع أسعار النفط وتستعيد توازنها في النصف الثاني من السنة» مؤكداً «أن العوامل الأساس للسوق لا تبرر تراجع سعر النفط»، «لكنْ هناك دور للمضاربين». كما قال بالنسبة للأسعار: كانت هناك تخمة في النصف الأول، «لكن السوق سيسترد توازنه في النصف الثاني».

وأضاف أن النفط لا يزال يلعب دوراً محورياً في صناعة الطاقة العالمية. ومتوقع أن يزداد الطلب عليه 60 في المئة بحلول عام 2040، وإن إنتاج المنظمة مستقر عند نحو 30 مليون برميل يومياً، في حين يزداد الإنتاج من خارجها نحو 6 ملايين برميل يومياً منذ العام 2008. وتابع: «المنظمة لا تستطيع دعم سعر مصدر آخر للطاقة، والنفط الصخري ليس تحدياً لها». ورأى وزير النفط الكويتي «أن الأسعار قد تتحسن هذه السنة وقد تظل في نطاق ما بين 50 و60 دولاراً للبرميل».

مرد التفاؤل هو زيادة الطلب، وانخفاض نمو إنتاج النفط الصخري من 1.2 مليون برميل يومياً إلى 700 ألف، كما أن الطلب على النفط ارتفع مرة أخرى، من دون سبب واضح. فهل هو تحسن الاقتصاد العالمي، بخاصة في أميركا، أو زيادة المخزون لبيعه عند ارتفاع الأسعار، ما يمكن أن يستعمل في الفترة القريبة المقبلة ويكون له آثار سلبية عليها؟ تتغير المعلومات يومياً تقريباً. فحتى يتم التأكد من صحتها ونتائجها، يصعب توقع متوسط أسعارها للنصف الثاني. وطبعاً، يجب التوصل إلى تفاهم مع بعض الدول غير الأعضاء في «أوبك» للمشاركة في خفض الإنتاج، بخاصة روسيا، وإلا يبقى كل شيء معلقاً. 

* وليد خدوري كاتب عراقي متخصص بشؤون الطاقة

 

  كلمات مفتاحية

النفط أسعار النفط أوبك النعيمي استقرار الأسعار النفط الصخري زيادة الطلب انخفاض الإنتاج

أوبك: انخفاض سعر النفط قد يقلص الإنتاج الأمريكي بنهاية 2015

قرارات «أوبك» عدم خفض الإنتاج تضر بالنفط الصخري والكويت تتوقع استمرار سياستها

«أوبك» تتوقع تعافي أسعار النفط خلال أشهر وترفض ”دعم سعر“ النفط الصخري

«أوبك»: استقلال أمن الطاقة لكل دولة غير عملي ولا يناسب الاقتصاد الدولي

«أوبك» تدرس عقد اجتماع طارئ لدراسة انخفاض أسعار النفط .. والسعودية ترفض

الأعضاء الخليجيون في «أوبك» يتأهبون لانتظار أطول وتحمل انخفاض الأسعار

مسؤول خليجي: 60 دولارا للنفط لا تحقق التعادل لميزانيات دول الخليج

المعروض النفطي لأوبك يرتفع في مارس لأعلى مستوياته منذ 6 أشهر

تقرير: المنافسة على حصص أسواق النفط يرجح استمرار تذبذب الأسعار