ديون دبي .. هل تنوء بحملها الإمارة الغنية؟

الأربعاء 18 مارس 2015 07:03 ص

ربما تكون إعادة هيكلة 14.6 مليار دولار من ديون دبي العالمية في فبراير أعطت انطباعا أن الإمارة تتعامل مع عبء ديونها بشكل جيد إلى حد ما هذه الأيام. لكن بعد خمسة أعوام ونصف مرَّت منذ اضطرار دبي إلى الذهاب صاغرة لجارتها الثرية أبوظبي، يبدو أن الإمارة لم تتمكن حتى الآن من التعافي تماما، خاصة إذا ظلت أسعار النفط منخفضة. 

بحلول أبريل 2014، كانت ديون دبي قد بلغت قرابة 141.7 مليار دولار، ما يعادل 141% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لصندوق النقد الدولي. ويشمل هذا الرقم الأموال المستحقة على الحكومة مباشرة، وكذلك قروض وسندات الكيانات المرتبطة بالحكومة (Government Related Entities (GREs، وهذا يشمل: دبي العالمية، ودبي القابضة، ودبي للاستثمارات الحكومية.

لكن دبي سددت بعض الديون منذ أصدر صندوق النقد الدولي هذه الأرقام؛ ففي عام 2014، سددت نخيل 2.2 مليار دولار، وشملت صفقة حديثة لـ"دبي العالمية" سداد 2.96 مليار دولار كانت مقررة في 2015، إلى جانب مد أجل 11.7 مليار دولار كانت مستحقة في عام 2018، لكن سدادها الآن لم يعد ضروريا قبل 2022.

صحيح أن مثل هذه الترتيبات تعني انخفاض إجمالي ديون دبي، لكنها لا تزال كبيرة، كما أن انخفاض أسعار النفط منذ الصيف الماضي أحيا المخاوف بشأن قدرة دبي على سدادها كلها في الوقت المناسب. ولما كان اقتصاد دبي يعتمد إلى حد كبير على توفير الخدمات لدول الخليج الأخرى التي تعتمد على النفط والغاز، فإن دبي قد تتضرر مباشرة إذا استمر انخفاض أسعار النفط.

يؤكد ذلك جيسون توفي، الاقتصادي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في كابيتال إيكونوميست، قائلا: "صفقات (نخيل ودبي العالمية)، وصفقات أخرى قليلة، قلصت- على الأقل- إلى حد كبير من مخاطر أزمة الديون في السنوات القليلة القادمة". لكنه أضاف: "بيدَ أن مشكلات ديون دبي لم تته بعد. وإذا ظلت أسعار النفط منخفضة لفترة طويلة؛ قد يقود ذلك بسهولة إلى مشكلات أكثر حينما يتعلق الأمر بسداد الديون".

مزيد من الديون في الأفق:

حتى الآن، يبدو معظم المراقبين متفائلاً إلى حد ما. ونتيجة لإعادة الهيكلة؛ أعادت وكالة موديز تصنيف ديون دبي العالمية من قروض مُتعثرة إلى قروض عاملة. وهو ما حسَّن بدوره التوقعات بالنسبة للقطاع المصرفي المحلي.

"ورغم أن انهيار أسعار النفط في الآونة الأخيرة زاد من مخاطر الهبوط العام في أسعار سوق الأوراق المالية أثناء دورة التداول للبيئة التشغيلية الإقليمية للبنوك المحلية في الإمارات، فإن هذا القرار الأكثر استدامة يقلل أحد أوجه عدم اليقين الرئيسية التي تواجه النظام المصرفي في دولة الإمارات" على حد قول خالد هاولادار، المسؤول الائتماني في وكالة موديز.

ومع ذلك، لا تقتصر المشكلة على ديون دبي القائمة، لكنها تمتد إلى ميلها لاقتراض المزيد. حيث يتوقع أن تنفق الإمارة ما يفوق 18 مليار دولار على تحضير معرض إكسبو 2020، بحسب HSBC، يتوقع أن تتكبد الحكومة ثمانية مليارات دولار منها، وتتحمل الكيانات المرتبطة بالحكومة GREs وبقية القطاع الخاص العشرة المتبقية.

وكما أشار صندوق النقد الدولي في استعراضه لاقتصاد الإمارات عام 2014: "تتحمل الكيانات المرتبطة بالحكومة مخاطر مالية واسعة النطاق تتعلق بتنفيذ هذه المشروعات، و.... هذا يمكن أن يقوض سعي هذه الكيانات لتخفيض ديونها، ويؤثر في نهاية المطاف على الصحة المالية".

وتقدر لجنة إكسبو دبي أن يبلغ عدد الحضور- الذي يتزامن مع اليوبيل الذهبي لدولة الإمارات- 25 مليون شخص على مدى ستة أشهر. وهي أرقام كبيرة تعني زيادة عدد زوار دبي في تلك الفترة مقارنة بالوجهات الأخرى الشهيرة حول العالم. وفي هذا الصدد يقول "توفي": "دبي متفائلة جدا بالمعرض، وتتوقع أن يفوق عدد زوارها خلال تلك الفترة زوار لندن وباريس. لكن إذا جاءت أعداد الزوار الفعلية دون التوقعات، فإنها قد تواجه بعض المشكلات. وهذا أحد المخاطر الرئيسية التي تلوح في الأفق".

لكن الصحة العامة للاقتصاد عززت الثقة في قدرة الإمارة على سلوك مسار آمن خلال السنوات  القليلة المقبلة. وانحسرت مخاوف خوض جولة مدمرة أخرى من الطفرة والكساد العقاري بعد خفض أسعار الإيجار والبيع في النصف الثاني من العام 2014. وهو ما أرجعه وكلاء العقار المحليون إلى مزيج من العوامل، منها قواعد الرهن العقاري الأكثر صرامة، وارتفاع رسوم المعاملات، والحذر الأكبر من جانب المستثمرين بسبب انخفاض أسعار النفط. وفي الوقت ذاته، لا يزال مؤشر مديري المشتريات لدولة الإمارات العربية المتحدة- الذي يقيس الطلب في الاقتصاد غير النفطي- في مستوى مرتفع.

من جانبه قال كربيس إيراديان، كبير اقتصاديي معهد التمويل الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا: إن العامل الأخير أبرز مرونة القطاع غير النفطي في الإمارات العربية المتحدة. وأضاف: "أعتقد أن النمو سيبقى قويًا في دبي. وأنا لا أشعر بالقلق حيال الكيانات المرتبطة بالحكومة، حيث سيستمر معظمها في الأداء الجيد وسوف تكون قادرة على إدارة ديونها".  

لكن في أجزاء أخرى من السوق، توجد مؤشرات على الإفراط. ففي قطاع السياحة، على سبيل المثال، هناك خطط لتدشين اثني عشر حديقة ترفيهية في دولة الإمارات العربية المتحدة، معظمها في دبي. وهو ما يمكن أن يوحي بمسحة من اللاعقلانية لدى بعض المستثمرين. وهو ما يعلق عليه الخبير الاقتصادي دينيس شبيغل قائلا: "نحن نتساءل ما إذا كان هذا السوق يمكن أن يدعم تشغيل جميع الحدائق العامة. أنا لا أعرف أيها سيفتتح الآن، لكني أتوقع أن بعضها لن يشهد ذلك".

حتى الآن لا أحد يتوقع أزمة ديون أخرى، وبينما يوافق البعض على أن عبء الديون في الإمارة يمثل مشكلة، يقولون إنها مشكلة بإمكان السلطات التعامل معها. أو كما يقول وائل زيادة، رئيس قسم الأبحاث في المجموعة المالية هيرميس: "إذا كانت عليك ديون تقدر بـ 120 مليار دولار، فإن ذلك يمثل مشكلة لأي دولة بحجم دبي. لكنها مشكلة يمكن التحكم فيها". بيد أن المشكلة بالنسبة لدبي، على الأقل، هي أن بعض العوامل التي ستحدد ما إذا كان بمقدورها سداد ديونها في الوقت المحدد تبقى خارج نطاق سيطرتها، وليس أقلها اتجاه أسعار النفط.

 

  كلمات مفتاحية

دبي هيكلة الديون أبوظبي أسعار النفط صندوق النقد الدولي كيانات مرتبطة بالحكومة نخيل دبي العالمية

كاتب مصري يتساءل: لما يفر السارقون إلى دبي؟!

قمة دبي تستشرف جيلاً جديداً من حكومات المستقبل

الإمارات: دبي تنفق نصف مليار دولار على احتفالات العام الجديد

خبراء يحذرون من تضرر سوق العقارات في دبي بفعل هبوط أسعار النفط

حكومة دبي تسدد التزامات صكوك بقيمة 7 مليار درهم

«موانئ دبي العالمية» تستكمل اتفاق قرض بقيمة 1.2 مليار دولار

«موانئ دبي العالمية» تستحوذ على عالم المناطق الاقتصادية

«دبي القابضة» تحقق أرباحا قياسية تتجاوز 4.7 مليار درهم خلال 2014

ارتفاع أرباح «دبي القابضة» 25% بقيمة 5.83 مليار درهم