يبدو أن القيادة السياسية والعسكرية المصرية قد أخذت قرارها بالتدخل العسكري البري في اليمن لمساندة التحالف العربي - الإسلامي بقيادة السعودية. فرغم كل ما قيل عن نتائج تورط الجيش المصري في حرب ستكبّده خسائر كبيرة، يدور حديث آخر عن «المقابل» الذي يمكن أن تحصل عليه القاهرة عند الدفع بقواتها البرية تحت عنوان تأمين «باب المندب» المؤمّن أميركيا، جنبا إلى جنب مع قوات باكستانية.
وعلمت «الأخبار اللبنانية» أن هيئة الاستطلاع في القوات المسلحة المصرية التي تولّت جمع المعلومات ودراستها عملت على تقديمها إلى الرئيس «عبد الفتاح السيسي» خلال الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي استمر أكثر من ست ساعات، وهي خطوة لا تعني في مؤشراتها سوى وجود نية لتدخل بري. كل تلك التحركات تزامت مع ضوء أخضر للقوات المسلحة بالاستعداد لعملية برية مهّد لها رئيس الأركان «محمود حجازي» خلال اجتماع برؤساء أركان الجيوش العربية في الرياض جرى فيه تبادل المعلومات العسكرية وتحديد الدور الذي يفترض أن تقوم به القوات المصرية.
وأعقب الاجتماع المذكور اجتماع آخر تنسيقي جمع «حجازي» ووزير الدفاع «صدقي صبحي»، مع وزير الدفاع الجيبوتي الذي التقي «السيسي» خلال زيارته للقاهرة، إضافة إلى سفر «صبحي» أمس إلى باكستان في زيارة تهدف إلى تنسيق التحركات البرية، إذ من المفترض أن تكون القوات الباكستانية والمصرية الأكثر عدداً في الحرب البرية، مع الأخذ بالاعتبار أن زيارة وزير الدفاع المصري لم تكن معلنة من قبل أو في جدول الرحلات التي كان من المقرر أن ينفذها الوزير خلال الأيام الماضية.
كذلك جاءت زيارة صبحي لباكستان بالتزامن مع إعلان وزير الدفاع في إسلام آباد أن الرياض طلبت رسميا تدخلا بريا في اليمن، مع أنه قال إن بلاده لا تزال تسعى إلى الحل السلمي، وهو على ما يبدو امتصاص للتداعيات ريثما يجري الحصول على موافقة من البرلمان الباكستاني للمشاركة في الحرب. وبعد ذلك، حمل «صبحي» خلاصة النتائج التي قدمتها أجهزة الاستخبارات واستعرضها مع «السيسي»، على أن يكون قرار التدخل البري «في الوقت المناسب».
في المقابل، لا يبدو أن هناك توافقا داخل الجيش على خوض الحرب البرية حتى الآن، وهو ما يدفع الرئاسة إلى تأجيل أي إعلان رسمي عن التحرك البري المرتقب بحجة تأمين مضيق باب المندب، وقد يكون وراء التأجيل أسباب أخرى مرتبطة بالرسائل الإيجابية التي يرسلها الحوثيون إلى النظام المصري على لسان متحدثيها، إضافة إلى أنه لا يوجد تهديد فعلي للقاهرة حتى الآن من إبعاد هادي عن السلطة سوى التضامن مع الرياض التي دعمت مصر بمليارات الدولارات خلال العامين الماضيين.
هذا تحديداً ما دافع عنه «السيسي» بعد الاجتماع الطويل مع القيادة العسكرية قبل يومين، عندما قال إن القلق لدى الرأي العام لا ينبغي أن يكون في مقابل قرار مصر الدفاع عن «أشقائها»، مضيفا: «مصر لن تتخلى أبداً عن أشقائها في الخليج، وسنقوم معهم بحمايتهم والدفاع عنهم إذا تطلب الأمر ذلك، وسنقف بجانبهم حتى لو لم يقفوا بجانبنا... لن يستطيع أحد أن يقترب من أشقائنا، بمن فيهم الخليج الذي يعدّ أمنه خطاً أحمر، وجزءاً من الأمن القومي المصري، فأيّ حدّ سيقترب من أشقائنا، سنتصدى له بالقوة».
ولم يفتأ مؤيّدو التدخل القول إن حماية باب المندب الذي يعتبر الشريان الحيوي لقناة السويس هي حماية لأكثر من 10 مليارات دولار جرى استثمارها في القناة خلال عام واحد، فضلا عن صون نتائج مؤتمر شرم الشيخ الأخير.
عموماً، فإن المؤكد أن الرئيس المصري لن يتخذ قرار المشاركة في الحرب من دون مقابل، فالمكاسب الاقتصادية الهائلة التي حققها الرئيس المخلوع، حسني مبارك، من المشاركة في حرب تحرير الكويت عام 1991 نجحت في إنعاش الاقتصاد المصري حتى حين.