السياسة السعودية في اليمن بين رسائل التصعيد والتهدئة

الثلاثاء 7 أبريل 2015 08:04 ص

مع مطلع الشهر الحالي وبعد أيام قليلة على بداية عملية «عاصفة الحزم»، جدد العاهل السعودي «سلمان بن عبد العزيز» تأكيده أن بلاده تفتح أبوابها لجميع الأطياف السياسية اليمنية الراغبة في المحافظة على أمن اليمن واستقراره. وقال العاهل السعودي إن الاجتماع يتم تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي في إطار التمسك بالشرعية في اليمن ورفض الانقلاب عليها.

وأعلنت الرياض أن الهدف هو عودة الدولة اليمنية لبسط سلطتها على كافة الأراضي اليمنية وإعادة الأسلحة إلى الدولة وعدم تهديد أمن الدول المجاورة.

ويأتي تصريح العاهل السعودي مؤخرا بأن المملكة ليست من دعاة الحرب، وأن عملية «عاصفة الحزم» ضد جماعة الحوثي في اليمن «جاءت لإغاثة بلد جار وشعب مكلوم» في سياق التهدئة وتخفيف التوتر الإقليمي.

وفي هذا السياق أيضا قال وزير الثقافة والإعلام «عادل بن زيد الطريفي» إن «المملكة العربية السعودية لا تدعو إلى الحرب، وعاصفة الحزم جاءت لإغاثة بلد جار وشعب مكلوم وقيادة شرعية استنجدت لوقف العبث بأمن ومقدرات اليمن والحفاظ على شرعيته ووحدته الوطنية وسلامته الإقليمية واستقلاله وسيادته».

ويفهم من هذه التصريحات أن الرياض قد تريد إرسال رسائل مفادها أنها تريد أكثر من الاستقرار في اليمن، وأن هدف ضربتها العسكرية هي إعادة الفرقاء إلى مواقعهم الطبيعية لأجل ضمهم إلى طاولة مفاوضات واحدة، وأنها لا تريد أن تتطور الأمور لتصل إلى حرب إقليمية. وربما تكون زيارة «محمد بن نايف» إلى أنقرة ولقائه الرئيس التركي عشية زيارته المرتقبة إلى طهران تأتي في هذا السياق، حيث ترغب الرياض في تمرير رسائل إلى إيران بهذا الخصوص، وهي أن الرياض لا تسعى إلى حرب إقليمية وإنما فقط لن تسمح بمزيد من التوتر على حدودها.

وكذلك يؤكد هذا المنحى قبول الرياض وتفهمها للاهتمام الروسي بالوضع الإنساني في اليمن، حيث قال السفير السعودي لدى الأمم المتحدة، «عبد الله المعلمي»، إن دول الخليج العربي رغم استغرابها لهذا الاهتمام «المفاجئ» من جانب موسكو إلا أنها تؤيد اهتمامها بالوضع الإنساني في اليمن.

أما الاتجاه الآخر الذي ميل نحو التصعيد فيتمثل  في حرص الرياض على عقد الاجتماعات المكثفة وتأكيدها على أن التحالف للدفاع عن الشرعية في اليمن حظي بالمباركة الواسعة والتأييد الشامل من الأمة العربية والإسلامية والعالم. وأنها تبذل جهود ضخمة على جميع المحاور لتدمير قدرات المليشيات الحوثية ودحر مؤامراتها على اليمن .

ويصب في  معنى التصعيد أيضا طلب السعودية من باكستان مزيدا من التسليح والتعاون العسكري حيث أكد هذا وزير الدفاع الباكستاني «خواجة آصف» الذي قال امام البرلمان الباكستاني بقوله: «طلب منا السعوديون طائرات وسفن حربية وقوات على الأرض».

وبين التهدئة والتصعيد فإن البيئة الإقليمية اليوم والدولية أيضا تسعى لتجنب الحروب المباشرة وتميل إلى تجنيد الوكلاء وتحقيق المصالح أو مواجهة الخصوم عبر الطرق غير المباشرة، لذا فإن المعطيات الحالية تشير إلى ميل السعودية للتهدئة أو البقاء في الوضع الحالي ومنع انزلاق الأمور لحرب مباشرة وذلك لأن الأطراف القريبة لديها مخاوفها واشنغالاتها الخاصة، فتركيا لا تميل للمواجهة العسكرية وباكستان  تضم 20 % من سكانها من الشيعة ولا تريد إشعال صراع طائفي على أرضها، وفي الوقت نفسه لا ترغب في خسارة الحليف السعودي، ومصر لديها من المشاكل ما ينوء به الإقليم كله.

ولعل الجهة الوحيدة التي تعلن أنها تريد حربا مع إيران هي بعض دوائر صنع القرار في إسرائيل، ويقول البعض هناك في تل أبيب أنهم يتمنون أن تزول العوائق بينهم وبين السعودية حتى يكون بالإمكان التوصل لاتفاق لمواجهة إيران، في ظل أن الدولتين تشعران أن واشنطن تدير، أو في طريقها لأن تدير ظهرها لهم. ولكن هناك عوائق دينية وتاريخية وسياسية كبيرة جدا وزوالها صعب بل يراه البعض أقرب إلى المستحيل.

لكن الظروف التي تعيشها المنطقة والمتغيرات التي تثبت يوميا تصاعد فواعل من غير الدول تجعل الشروط مختلفة كما أن القوى العالمية تحاول خلق الحالة الأفضل لتحقيق مصالحها إما بالحفاظ على معادلة التوازن الإقليمي أو تغيير نسب الأطراف فيها لتحقيق نتائج أكثر أمنا وأكبر مصلحة.

 

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران اليمن أردوغان عاصفة الحزم

«محمد بن نايف» يزور أنقرة قبل ساعات من زيارة «أردوغان» لطهران

«عاصفة الحزم»: إعادة ترتيب الأوراق الإقليمية

الطريق الضيق للخروج من الحرب الأهلية أو الإقليمية في اليمن

«ستراتفور»: الخيارات المعقدة للمملكة العربية السعودية في اليمن

«فورين بولسي»: العلاقات السعودية الأمريكية لن تتغير في عهد الملك «سلمان»

السعودية وإيران .. «ردع» يسبق «المصالحة»

الحوثيون: رحلة التيه بين العزلة والتمدد

عن السعودية واليمن: الأخوة لا الحرب

السعودية تسجن يمنيين اثنين بتهمة إرسال رسائل للحوثيين تمس بأمنها

ألمانيا تتودد إلى السعودية إثر تقييم لجهاز استخباراتها أغضب المملكة