«المونيتور»: «الدولة الإسلامية» يدعي بيعة عشائر نينوى وزعماء العشائر يشككون

الأحد 26 أبريل 2015 04:04 ص

«أنتم يا شيوخنا سادة القوم وتاج رؤوسنا». هذه كانت إحدى أشدّ عبارات الترحيب والحفاوة التي تقدّم بها زعماء «الدولة الإسلامية» إلى شخصيّات عشائريّة في محافظة نينوى. جاءت هذه المغازلة غير المسبوقة بعد يوم واحد على انتزاع تكريت من قبضة «الدولة الإسلامية» على أيدي القوّات العراقيّة والحشد الشعبيّ بمساندة التحالف الدوليّ.

وقد نشر تنظيم  «الدولة الإسلامية» فيلما دعائيّا قصيرا عن اللقاء الذي نظّمه مع شيوخ العشائر في الموصل عبر حساب عائد له على تويتر، تحت عنوان «عشائر نينوى تجدّد البيعة وتستعدّ للمواجهة».

وظهر في الفيلم مجموعة أشخاص يرتدون الزيّ العربيّ، ويدخلون قاعة نقابة المهندسين في منطقة الفيصليّة وسط المدينة. كما ظهر ستّة من زعماء تنظيم «الدولة الإسلامية»، وجميعهم محلّيون من الموصل، باستثناء الأردنيّ «عمر مهدي زيدان»، أشهر منظّري التنظيم في بلاده، وكان هذا الظهور الأوّل له منذ مغادرته الأردن وانضمامه إلى  «الدولة الإسلامية» في شهر تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي. انتهى الفيلم بإعلان الحاضرين البيعة للبغدادي، وهي تعني الطاعة العمياء والقتال حتى الموت وفقًا لصحيفة «المونيتور».

تشكيك

أبرز الملاحظات على هذا الفيديو أنّ التنظيم عدّد أسماء 30 عشيرة في نينوى ادّعى مبايعتها للبغدادي. الحقيقة أنّ قرابة 80 رجلا حضروا البيعة المزعومة وظهروا في الفيديو، وصفهم أبرز زعماء العشائر في نينوى الشيخ «عبدالله الياور»، شيخ عشيرة شمر، في حديث إلى «المونيتور» أنّ «غالبيّتهم ليسوا شيوخا وإنّما رؤساء أفخاذ (فرع صغير من العشيرة)، ولا يمثّلون سوى أنفسهم، فالرؤساء الحقيقيّون معروفون جيّدا».

وتابع «الياور» الذي يصنف من أشدّ المعارضين لـ«الدولة الإسلامية»، متحدثا من مدينة دهوك: «حتّى هؤلاء كانوا يردّدون ما يمليه عليهم زعماء التنظيم، فأهل المدينة جميعا رهائن، وهذا أمر مؤسف جدا».

وعلّق شيخ عشيرة الحديديّين «أحمد الورشان» على ظهور شخص من عشيرته في الفيديو قائلا: «إنّ هذا الشخص الذي تحدّث باسم عشيرته لا يمثّل إلّا نفسه، والأمر ينطبق على الأشخاص الآخرين». جاء ذلك في مقطع فيديو نشره قيادي كرديّ على صفحته الشخصيّة على فيسبوك.

ذهبت التصريحات الرسميّة تجاه الفيلم إلى القول إن المواقف التي تعلنها العشائر في المناطق الخاضعة إلى سيطرة التنظيم قد لا تكون حقيقيّة، وتجري تحت تهديد السلاح، وهو أسلوب التنظيم لإظهار شعبيّته في الموصل. هذا بالضبط ما أعلنه النائب عن محافظة نينوى «سالم محمّد» للمركز الخبريّ لشبكة الإعلام العراقيّ.

وأشار إلى أنّ تنظيم «الدولة الإسلامية» ركّز على شخصيّات في عينها، تحدّثت ببراعة وبلغة عربيّة فصحى، ووظّفت أحاديث وآيات قرآنيّة للحثّ على الجهاد، وهذا غريب تماماً على شيوخ العشائر الذين يتحدّثون عادة بلهجة عاميّة.

وكشفت مصادر مطّلعة لـ«المونيتور» أنّ أغلب المتحدّثين ينتمون إلى  «الدولة الإسلامية»، وليس أقلّ من اثنين منهم خطباء جوامع عيّنهم التنظيم في مساجد الموصل بعد طرد خطباء الجوامع الذين رفضوا الانصياع لأوامره بعد حزيران/يونيو 2014. فمنذ سيطرة تنظيم  «الدولة الإسلامية» على الموصل بدأ يروج لافكاره عبر الجوامع لأنها الوسيلة الأسهل والأسرع والأكثر اقناعا للمسلمين، لذا عمل على طرد خطباء الجوامع الذين لا يؤيدون افكار التنظيم وإبدالهم بآخرين من الموالين له.

وأشارت هذه المصادر إلى أنّه ليس مصادفة أن ينشر الفيديو بعد يوم واحد من تحرير مدينة تكريت، فهو يأتي كنوع من الردّ، واستعراض الدعم والتأييد، وتوريط أكبر قدر من الناس في معركة الموصل المقبلة.

ورصد عالم الاجتماع المعروف الدكتور فالح عبد الجبّار ظاهرة ملفتة للنظر في العراق، تتلخصّ في أنّه كلّما ضعفت الفئة التي تمتلك زمام السلطة، فإنّها تستقوي بالقوى المحليّة، ولا سيّما العشيرة.

ويبدو أنّ «الدولة الإسلامية» يسير على هذا النهج، بل على خطى صدّام حسين الذي شجّع القبليّة وقرّب شيوخ العشائر عندما ضعفت سلطته. ظهر ذلك في وضوح عندما أدرك أنّ واشنطن ماضية في شنّ الحرب على العراق في عام 2003. أما المثال الأقرب على توظيف العشيرة كقوّة داعمة للسلطة بقدر تعلّق الأمر بمحافظة نينوى، هو ما قام به المحافظ «أثيل النجيفي» الذي زجّ العشائر لمواجهة القوّات الأمنيّة العراقيّة عن طريق التظاهر، فيما عرف بـ«ساحة الأحرار» في عام 2013.

والآن، هل نتوقّع أن يقاتل أبناء عشائر نينوى إلى جانب «داعش»؟

إنّ العشيرة في نينوى ظاهرة اجتماعيّة - سياسيّة، وليست قوّة عسكريّة قتاليّة يحسب حسابها. حتّى أنّ تجربة الصحوات فشلت في نينوى بينما نجحت في الأنبار.

كما لم تستطع العشائر الوقوف في وجه  «الدولة الإسلامية» بمفردها، والدليل أنّ التنظيم استولى على ممتلكات الكثير من الشيوخ وفجّر منازلهم ومضايفهم، ونفّذ بين الحين والآخر إعدامات ضدّ أبناء القرى في نينوى، من دون أن تحرّك عشائرهم ساكناً.

ويقول الشيخ «عبد الله الياور» الذي استولى التنظيم على أملاكه كلّها في نينوى بعد سيطرته على الموصل: «أنا واثق بأنّ العشائر لن تقاتل إلى جانب داعش، وأنّ زعماء التنظيم واهمون إن اعتقدوا أنّهم بهذا اللقاء العلنيّ، سيجنّدون أبناءنا للقتال معهم».

الراجح أنّ العشائر لن تقاتل القوّات التي ستهاجم داعش في نينوى للأسباب التي ذكرت أعلاه. وعلى العكس، سيكون للعشائر في مرحلة ما بعد التحرير دور في مسك الأرض، ولا سيّما في الأقضية والنواحي والقرى النائيّة، إلى حين استعادة القوّات الأمنيّة سيطرتها على الوضع الأمنيّ.

  كلمات مفتاحية

العراق العشائر الدولة الإسلامية الموصل نينوى الحشد الشعبي

نينوى تستقبل أكبر موجة نازحين من السُنة بسبب مجازر «الحشد الشعبي»

أنشطة اجتماعية لـ«الدولة الإسلامية» في نينوى وسط جهود دولية لتجفيف منابع تمويل التنظيم

«الدولة الاسلامية» يفجر سور نينوى التاريخي العائد للحضارة الآشورية

«الدولة الإسلامية» تعتقل عشرات من مشيعي ضابط كبير في شرطة نينوى

المرصد السوري: «الدولة الإسلامية» أعدم أكثر من 2154 شخصا حتي الآن

الألمانية: مقتل 11 من «الدولة» في نينوى بينهم أوروبيون في مشاجرة بين عناصر التنظيم