«روبرت فيسك»: من يقصف من في الشرق الأوسط؟

الثلاثاء 5 مايو 2015 08:05 ص

سأحاول أن أكون دقيقا لنصل للفهم الصحيح المكتمل. تقصف السعودية اليمن لأنها تخشى من أن يعمل الحوثيون الشيعة لصالح إيران، وتقصف أيضا تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا، وكذلك تفعل الإمارات العربية المتحدة. أما الحكومتان السورية والعراقية فتقصفان معاقل أعدائهما، وأمريكا وفرنسا وبريطانيا والدنمارك وهولندا وأستراليا وكندا، فهم يقصفون تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق بتنسيق مع الحكومة العراقية وليس حكومة دمشق.

الأردن والسعودية والبحرين يقصفون أيضا تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق لأنهم لا يحبونهم، لكن الأردن تقصف «الدولة الإسلامية» بشكل أكبر من السعودية بعد قيام التنظيم بإعدام طيارها «معاذ الكساسبة» حرقا حتى الموت داخل قفص حديدي. أما مصر فتقصف أجزاء من ليبيا بعد قطع رؤوس مجموعة من الأقباط المصريين من قبل تنظيم داعش ليبيا في فبراير/شباط الماضي. وتعترف إيران أيضا بضرب معاقل «الدولة الإسلامية» في العراق، الأمر الذي ينظر إليه الأمريكيون، وليس الحكومة العراقية، بنظرة تشاؤمية. فيما تقوم إسرائيل بقصف القوات السورية وحكومة دمشق، وليس تنظيم «الدولة الإسلامية»، وهو خيار مثير وجميعنا يتفق على ذلك.

الأمر المدهش بالنسبة لي هو أن طائرات هؤلاء جميعهم لا تصطدم ببعضها مع استمرار القصف، وعلى الرغم من أن طيران الشرق الأوسط الخطوط الجوية اللبنانية هي الناقل الدولي الوحيد الذي لا يزال يحلق في سماء سوريا، فإن جميع رحلاتي من بيروت إلى الخليج لم تتعرض للهجوم من الطائرات العربية أو الغربية التي تحلق في سماء العراق والشام.

وتبدو الطبيعة الطائفية والدينية لهذه الحرب واضحة تماما لكل من يعيشون في الشرق الأوسط، فالسعودية تقصف اليمنيين الشيعة وإيران تقصف السنة في العراق، أما مصر السنية فتقصف سنة ليبيا، والأردن السنية تقصف السنة في العراق، لكن القوات السورية المدعومة من الشيعة تقصف أعداءها السنة وحزب الله اللبناني يقاتل الأعداء السنة للرئيس السوري «بشار الأسد»، إلى جانب الحرس الثوري الإيراني والأفغان الشيعة في ثوبهم السوري.

وعلى مدار الأيام الثلاث الماضية، طالب تنظيم «حزب الله» بعضا من أعضائه بالعودة إلى سوريا في غضون أسبوعين للمشاركة في معركة كبيرة في تلال القلمون عبر الحدود الشمالية الشرقية من لبنان، خشية أن يحاول تنظيم «الدولة الإسلامية» دخول لبنان وقطع خط إمداد «حزب الله» من الهرمل لبعلبك وجنوب لبنان.

ويمكننا استشعار النزعة الطائفية في الطلب الأخير للمملكة العربية السعودية بإرسال قوات باكستانية لحماية أراضيها (وربما للمساعدة في غزو اليمن)، والذي تقدم به ولي العهد الجديد «محمد بن نايف» ووزير الدفاع «محمد بن سلمان»، لكن السعوديين تقدموا بطلب آخر لباكستان لإرسال جنود مسلمين سنة فقط، لكن الضباط الشيعة بالجيش الباكستاني،يمثلون 30% من القوات المسلحة، لم يرحبوا بذلك الأمر.

ورد الكاتب «خالد محمد» بصحيفة «ذا نيشن» على ذلك الطلب (الطائفي) بالقول: «إن جيش وشعب باكستان متحدون للمرة الأولى منذ أعوام من أجل التخلص من آفة الإرهاب على أراضي البلاد، لكن السعوديين يحاولون تقسيم الشعب والجيش أيضا، فعندما يرتدي ضابط زي الجيش فهو يقاتل من أجل بلده وليس من أجل معتقدات دينية ... هل يعتقد السعوديون أن جيشا محترفا يمكنه القتال من أجل مثل تلك القضية؟ إذا كان الأمر كذلك فلماذا يطلبون من باكستان إرسال قواتها المسلحة؟».

وتجدر الإشارة إلى مقتل جنود باكستانيين على يد الجيش العراقي في المعركة على مدينة الخفجي السعودية الساحلية في عام 1991. فهل كان جميعهم من السنة، أنا أتساءل؟

والآن نقول إن هناك فائز من كل هذه الدماء وهم صانعو الأسلحة. على سبيل المثال زودت شركتا «رايثيون» و«لوكهيد مارتن» السعودية خلال العام الماضي فقط السعودية بصواريخ بقيمة 1.3 مليار دولار، فضلا عن إعلان قطر الأسبوع الماضي عن شرائها 24 مقاتلة فرنسية من طراز «رافال» بقيمة 5.7 مليار دولار، وهو ما سبقته إليها مصر.

ومن الجدير بالذكر أن خدمات البحوث بالكونجرس تقدر أن غالبية ميزانية تنظيم «الدولة الإسلامية» تأتي من مانحين أفراد في السعودية وقطر والإمارات والكويت.

لكن الشيء المحير بالنسبة لي هو أن الأمريكيين يتفاخرون بعد أكثر من عقد باكتمال مهمتهم في العراق. ويتضح ذلك في قول الجنرال «بول فنك» المسؤول عن إعادة تشكيل الجيش العراقي: «إن العدو يركع على ركبتيه»، فيما قال جنرال آخر مقرب من الرئيس «باراك أوباما» إن نصف قادة «الدولة الإسلامية» تمت تصفيتهم. إنه محض هراء وكلام لا يسمن ولا يغني من جوع. لكن رئيس الأركان الفرنسي الجنرال «بيير دي فيلر» قال في زيارته الأخيرة للعراق وكردستان إن «العراق دولة تتحلل» وكلمة تتحلل يمكن تطبيقها على غالبية دول الشرق الأوسط حاليا.

  كلمات مفتاحية

السعودية اليمن مصر ليبيا الأردن إيران

طائرات النظام السوري تقصف إدلب بقنابل فراغية تحوي غاز الكلور

قطر تشتري 24 طائرة رافال مقاتلة في صفقة تبلغ 7 مليارات دولار

مقتل 7 بينهم 3 أطفال وامرأتين في هجمات للطائرات المصرية ضد أهداف بـ«درنة» الليبيبة

الشرق الأوسط أنفق 150 مليار دولار على التسلح عام 2013 .. الإمارات والسعودية تتصدران عربيا

3 طائرات فرنسية مقاتلة تصل الأردن لمواجهة «الدولة الإسلامية»

الائتلاف السوري المعارض يطالب «التحالف» بتفسير قصفه قرية «أطمة»

«فيسك»: تنسيق سري بين قوات «الأسد» وروسيا والأكراد