«ذا ديلي بيست»: كيف تستفيد واشنطن من نموذج تايوان في إدارة علاقاتها مع دول الخليج؟

السبت 9 مايو 2015 06:05 ص

تسعى إدارة الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» من وراء القمة القادمة في كامب ديفيد مع دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعيش حالة من العصبية، إلى تعزيز الضمانات الأمنية. ويجول بخاطر دول مجلس التعاون الخليجي، بكل وضوح، الآن أسوأ السيناريوهات، وذلك لخوفها من التوصل إلى اتفاق نووي محتمل مع إيران، وهو الأمر الذي سيمثل تحولا استراتيجيا في منطقة الخليج العربي تجاه إيران كضامن إقليمي (مع الولايات المتحدة ثم تقلص ارتكازها على آسيا).

ومع ذلك، فإن تخلي الولايات المتحدة عن علاقاتها الأمنية الرسمية بصورة كبيرة وملحوظة مع دول مجلس التعاون الخليجي، هو أمر مستبعد جدا على الأرجح. وحتى لو توصل المفاوضون إلى اتفاق نووي مع إيران، فإنه ليس هناك التزام باتفاق متعلق بأي استراتيجية أوسع نطاقا بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط. وفي الواقع، فإن فصل صفقة إيران عن أي استراتيجية أمريكية واسعة كان على رأس الانتقادات الرئيسية التي أطلقها أمثال «هنري كيسنجر» و«جورج شولتز» ضد الإدارة في كتابات منشورة على صحيفة «وول ستريت جورنال» ذائعة الصيت.

ومع ذلك، فإنه نظرا للدور الذي تلعبه الولايات المتحدة كضامن للأمن في منطقة الخليج، فإن مثل هذه المخاوف لا يمكنها أن تتلاشى. لغة الجسد وتلميحات البيت الأبيض في بعض الأحيان تشير إلى آماله وأمنياته بأن الاتفاق النووي مع إيران سوف يؤدي إلى ذوبان الجليد في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، بالإضافة إلى فتح تعاون جديد في مجالات أخرى. مثل هذه العداوة المتبددة تجعل المخاوف في الخليج لا مفر منها تقريبا.

ومن الجدير بالذكر أن ذلك لم يكن حقيقة واقعية إما/ أو: حتى الثورة الإيرانية عام 1979، استندت السياسة الأمنية للولايات المتحدة في الخليج على دعم «ركيزتين» هما إيران والمملكة العربية السعودية. إن الأهمية الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية ودول الخليج لن تختفي مع اتفاق إيران، وستبقى على الأقل ما دام يعتمد العالم على النفط. ولكن أي إصدار متجدد من دبلوماسية «الركيزتين الأمريكيتين» يتطلب وضع حد للنزاع بين السنة والشيعة، والانفراج، إن لم يكن المصالحة، بين المملكة العربية السعودية وإيران. كل ما عليك هو ألا تحبس أنفاسك لهذا أو لذاك.

أي تحالف رسمي، كما فعلت الولايات المتحدة مع حلف شمال الأطلسي أو اليابان، يتطلب التصديق من الكونجرس أويطرح بعيدا عن الطاولة. الحصول على موافقة الكونجرس لتحالف رسمي مع دول الخليج من الصعب تصوره. ولكن عدم الاستقرار في المنطقة وأهمية الخليج تشير إلى بعض العلاقات الأمنية المعززة تماما كما سعت دول مجلس التعاون الخليجي.

قد يكون هناك بعض الاحتمالات المستنبطة من العلاقة الأمنية الأمريكية طويلة الأمد مع تايوان. وفي الوقت الذي كان هناك تحالف قصير، فإن قانون العلاقات مع تايوان لسنة 1979 يحدد العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة وتايوان. إنه يتطلب من الولايات المتحدة أن تعيد النظر في أي وسائل غير سلمية تشكل أي تهديد مستقبلي لتايوان بقلق بالغ. وتنص على أنه في مثل هذه الظروف، تقوم الولايات المتحدة بــ «إمداد تايوان بالأسلحة ذات الطبيعة الدفاعية» و «الاستفادة من قدرة الولايات المتحدة على مقاومة أي لجوء إلى القوة أو غير ذلك من أشكال القسر» التي يمكن أن تهدد أمن تايوان.

بالإضافة إلى قانون العلاقات مع تايوان، عندما قامت الولايات المتحدة بتطبيع العلاقات الصين، فقد أعطت تعهدا غير رسمي، عرف باسم «الضمانات الستة» لتايوان. وتشمل هذه الضمانات التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على مبيعات الأسلحة مفتوحة بدون قيود، وألا تغير موقفها بشأن السيادة على تايوان، وعدم الضغط على تايبيه بالدخول في مفاوضات مع جمهورية الصين الشعبية.

وخلافا للمادة الخامسة من قانون الناتو، فإن الالتزام بأن أي هجوم على أحد أفراد حلف شمال الأطلسي هو اعتداء على الجميع، أو الالتزام الراسخ بالدفاع عن اليابان إذا تعرضت لهجوم، فإن قانون العلاقات مع تايوان لا يُلزم الولايات المتحدة بالدفاع عن تايوان إذا تعرضت لأي هجوم. لكنه لم يحبس الولايات المتحدة في جهود رامية إلى مساعدة تايوان في الدفاع عن نفسها، وفي لغة «القلق البالغ» التي ظهرت في خطاب الولايات المتحدة باتخاذ عمل عسكري محتمل.

ويرى معظم المحللين في آسيا أنه إذا قامت الصين بعمل عسكري غير مبرر لتوحيد الصين، فإن الولايات المتحدة من المرجح أن تتدخل عسكريا. وعلى الرغم من أن علاقات بكين وتايبيه عبر المضيق سلسة نسبيا الآن، إلا إنه من المتوقع أن انتخابات ما بعد 2016 في تايوان يمكنها بقوة أن تزيد التوترات، وتصبح تايوان مصدرا للاحتكاك في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين. ومع ذلك، فإنه إذا أثارت تايوان بكين بإعلانها الاستقلال رسميا، فإن هناك فرصة جيدة بأن الولايات المتحدة لن ترد. ومنذ أن تم إقرار قانون العلاقات مع تايوان، فإن الغموض في العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة وتايوان كان عاملا لتعزيز للاستقرار.

وهناك، أيضا، اقتراحات وتخمينات بأن المملكة العربية السعودية قد تصبح دولة نووية إذا كان لإيران سابقة على شاكلة تايوان. وفي مناسبتين سابقتين خلال السبعينات و الثمانينات في القرن الماضي، فقد كشفت الولايات المتحدة عن جهود تايوانية سرية لبناء قدرات نووية. واضطرت الولايات المتحدة، في الواقع، للاختيار بين علاقات أمنية مع تايوان أو الاستقلال الاستراتيجي. ويتعين أن يفضي أي تعزيز للعلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي إلى تفاهمات واضحة حول تأثير الانتشار النووي السعودي / الخليجي على الالتزامات الأمنية الامريكية في المنطقة.

وبطبيعة الحال، فإن الوضع المتعلق بدول مجلس التعاون الخليجي مختلف جدا. لكن مثال تايوان قد يكون مفيدا في صياغة ضمانات أقوى لدول مجلس التعاون الخليجي مما هو عليه الحال الآن. ربما بعض تفويض من الكونجرس لمساعدة دول مجلس التعاون الخليجي للدفاع عن نفسها، والتزام الولايات المتحدة بأن تظهر رد فعل في حالة أي «قلق بالغ» من عدوان خارجي ضد دول مجلس التعاون الخليجي، يمكن أن يساعد بشكل أفضل في طمأنة شركائنا الاستراتيجيين.

بعد الفشل الذريع لــ«خط أوباما الأحمر» في مواجهته لجنون العظمة السورية والخليجية بشأن المصالحة بين الولايات المتحدة وإيران، فإن الإدارة بحاجة ماسة إلى مقاربة خلاقة لتعزيز علاقتها الأمنية مع دول مجلس التعاون الخليجي، بشكل ثنائي أو جماعي. استخلاص الدروس من تجربتنا مع تايوان ليست مكانا سيئا للبدء من عنده.

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة إيران السعودية البرنامج النووي تايوان قمة كامب ديفيد العلاقات الأمريكية الخليجية

الولايات المتحدة تسعى لعقد اتفاق أمني جديد مع دول الخليج

جدول أعمال كامب ديفيد: تأييد دول مجلس التعاون للصفقة مع إيران باهظ التكلفة

في انتظار اتفاق كامب ديفيد الخليجي الأمريكي

الرياض تستضيف قمة خليجية تمهيدا لقمة كامب ديفيد مع الرئيس الأمريكي

رسائل «أوباما» في كامب ديفيد

«ذي إيكونوميست»: «أوباما» يقلب أوضاع حلفائه في دول الخليج

‏«فارجلوري» التايوانية العقارية تستأنف مشروعا بمليار دولار في أبوظبي