رواية جديدة عن مقتل «بن لادن»: المخابرات الباكستانية احتجزته 5 سنوات والسعودية تكفلت بنفقاته

الثلاثاء 12 مايو 2015 07:05 ص

لم تكن وفاة زعيم تنظيم القاعدة السابق، «أسامة بن لادن»، على أيدي قوات البحرية الأمريكية مطلقًا كما صورتها الرواية الرسمية التي قدمتها حكومة الولايات المتحدة، وفق تحقيق صحفي نشر أمس الإثنين.

حيث نشر المحقق الصحفي الحائز على جائزة بولتزير، «سيمور هيرش»، في مجلة «لندن ريفيو أوف بوكس»، يوم أمس الاثنين، تحقيقا مثيرا للجدل، أبرز مجموعة من نقاط الاختلاف بين ما قال أنها الحقيقة وبين رواية الإدارة الأمريكية لما حدث في اللحظات الأخيرة من حياة «بن لادن» في عام 2011:

أولا: بدلًا من الاختباء في باكستان، كان «بن لادن» سجينا لدى الجيش الباكستاني، الذي لم يعرف فقط مكان وجوده، بل واحتفظ به تحت الإقامة الجبرية، وقبل الأموال من المملكة العربية السعودية للعناية به، ومن الجدير بالذكر هنا أن هذا الادعاء هو تكرار لصدى تقرير صحيفة «نيويورك تايمز» في عام 2014، الذي جاء فيه أن وكالة الاستخبارات الباكستانية ISI كلفت مكتبا خاصًا من مكاتبها بالتعامل مع «بن لادن».

ثانيا: فكرة أن الإيهام بالغرق وغيره من أساليب «الاستجواب القاسية»، هي التي أوصلت المحققين للمعلومات التي أدت إلى معرفة مكان «بن لادن»، هي فكرة ملفقة تماما، وبدلًا من ذلك، كان أحد الوشاة هو من أبلغ المسؤولين الأمريكيين في باكستان بمكان تواجد «بن لادن» مقابل مكافأة قدرها 25 مليون دولار.

ثالثا: دفعت السعودية أموالًا للسلطات الباكستانية بمقابل إيواء وتمويل إقامة «بن لادن» خلال السنوات الخمس الأخيرة من حياته.

رابعا: لم تكن قوات البحرية بحاجة لشق طريقها إلى غرفة نوم «بن لادن»، ولم تتعرض هذه القوات لإطلاق النار من قبله ربما، وبدلًا من ذلك، تسللت هذه القوة بهدوء إلى الطابق العلوي، وقتلته في حين لم يكن مسلحا.

خامسا: لم يدفن «بن لادن» في البحر، كما تدعي الرواية الرسمية الأمريكية. وبدلًا من ذلك، قامت قوات البحرية بقذف أجزاء من جسده المثقل بالرصاص على سفح جبال هندو كوش أثناء عودة الفريق إلى أفغانستان على متن طائرة هليكوبتر.

ويعتمد تقرير هيرش على مجموعة من المصادر المسماة والغير مسماة، فضلًا عن العديد من الاقتباسات المباشرة من رئيس جهاز المخابرات الباكستاني ISI المتقاعد، «أسد دوراني».

يقول هيرش في مقاله: «اتصلت في هذا الربيع مع دوراني، وقلت له بالتفصيل ما كنت قد علمته عن الهجوم على بن لادن من مصادر أمريكية، وهو أن بن لادن كان معتقلًا لدى الاستخبارات الباكستانية في مجمع أبوت أباد منذ عام 2006، وأن كياني وباشا (مسؤولان باكستانيان) عرفا بالغارة في وقت مبكر وكانا حريصين على التأكد من أن المروحيتين اللتين تحملان فريق التنفيذ إلى أبوت ستتمكنان من عبور المجال الجوي الباكستاني دون إثارة أي إنذارات، وأن وكالة المخابرات المركزية لم تعلم بمكان وجود بن لادن من خلال تتبع البريد السريع القادم له كما زعم البيت الأبيض منذ مايو/أيار 2011، بل كان ضابط باكستاني كبير في المخابرات هو من خان السر في مقابل جني مكافأة الـ 25 مليون دولار التي تقدمها الولايات المتحدة، وأن العديد من الجوانب الأخرى لرواية الإدارة الأمريكية كانت كاذبة فيما يتعلق بأمر أوباما بتنفيذ العملية وتنفيذ فريق القوات الخاصة لها».

وزعم «هيرش» أن  «دوراني» قال له بعدها بعدها: «عندما يصدر الإصدار الخاص بك لمقتل بن لادن، سوف يكون الناس في باكستان ممتنين جدًا، لقد توقف الناس منذ فترة طويلة عن الثقة بما يخرج عن بن لادن من الأفواه الرسمية، وسيكون هناك بعض التعليق السياسي السلبي، وبعض الغضب، ولكن الناس يحبون الحقيقة، وما قلته لي للتو هو ما سمعته من الزملاء السابقين الذين كانوا في مهمة لتقصي الحقائق حول هذه العملية».

ويختتم «هيرش» تقريره باتهام صريح لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وإدارة «أوباما»، قائلاً: «لا يزال الكذب رفيع المستوى يمثل طريقة عمل السياسة الأمريكية، جنبًا إلى جنب مع السجون السرية، وهجمات الطائرات بدون طيار، والغارات الليلية للقوات الخاصة، وتجاوز سلسلة القيادة، والاستغناء عن أولئك الذين قد يقولون: لا».

ويعد «هيرش» من أبرز الصحفيين الاستقصائيين في العالم، هو من كشف عن مذبحة «ماي لاي» أثناء حرب فيتنام في عام 1969، وفضيحة أبو غريب في عام 2004 في العراق، وقد كتب عن عمليات الجيش الأمريكي لعقود من الزمن، ورغم أنه يعد من الصحفيين المتعاقدين مع مجلة نيويوركر الشهيرة، وقد كتب لها تحقيقاته منذ وقت طويل، إلا أن هذه المجلة لم تكن هي من نشرت مقاله الجديد حول عملية اغتيال «بن لادن»، وهو ما أثار تساؤلات وشكوك لدى بعض المراقبين، وفي ردها على هذا الأمر، قالت صحيفة «كوارتز» إن السبب قد يكون نشر «نيويوركر» لتحقيق مطول حول العملية في عام 2011 يؤيد تمامًا الرواية المضادة لرواية «هيرش»، وهي نفس الرواية الرسمية الصادرة عن البيت الأبيض.

ثقوب في رواية «هيرش»

رصد «ماكس فيشر»، وهو رئيس تحرير موقع فوكس الإخباري الأمريكي، ما أسماه بـ«المشاكل الكثيرة في فرضية هيرش لما حدث لبن لادن»، من خلال تقرير مطول نشره الموقع يوم الاثنين، وقال «فيشر» في معرض انتقاده لرواية «هيرش» إن ادعاءاتها معتمدة إلى حد كبير على اثنين فقط من المصادر، وكلا المصدرين ليس لديه معرفة مباشرة بما حدث، وكلاهما متقاعد، وواحد منهما مجهول.

 وأضاف أن الرواية مليئة بالتناقضات، وغير قادرة ببساطة على الصمود أمام التدقيق، و«للأسف، تتماشى هذه القصة مع تراجع هيرش مؤخرًا عن التقارير التحقيقية التي صنعت شهرته، ليذهب في تجاه نظريات المؤامرة التي لا أساس لها من الصحة»، وفقا لرأي «فيشر» اعتبر أن تقارير «هيرش» أصبحت أقل مصداقية في الآونة الأخيرة، مستشهدًا بادعاء الصحفي المخضرم بأن الجيش الأمريكي أخذ إرهابيين إيرانيين إلى نيفادا للتدريب، وأن الهجوم بالأسلحة الكيميائية عام 2013 في سوريا كان مسرحية خططت لها الحكومة التركية.

ورصد «فيشر» ما وصفها بأنها تناقضات في رواية «هيرش» فيما يلي:

أولا: اعتماد سردية «هيرش» بالكامل على وجود صفقة سرية، وعدت الولايات المتحدة من خلالها بزيادة المساعدات العسكرية لباكستان ومنحها حرية أكبر في أفغانستان، ولكن ما حدث في الواقع هو العكس تمامًا، حيث خفضت الولايات المتحدة المساعدات العسكرية، وتراجع التعاون بين الولايات المتحدة وباكستان في أفغانستان، لسنوات بعد الغارة.

ثانيا: لماذا سيصر الباكستانيون على تنفيذ غارة وهمية من شأنها إذلال بلدهم وقادتهم العسكريين واستخباراتهم؟، ولماذا ترغب باكستان في تنفيذ مثل هذه الغارة الوهمية، عندما يكون لدى أي شخص القدرة على تصور عشرات من الطرق الأكثر بساطة، والأقل مخاطرة وتكلفة، لتحقيق نفس الهدف؟

ثالثا: ماذا عن المواد الاستخباراتية التي جلبتها الولايات المتحدة من مجمع «بن لادن»، ومن ثم عرضتها على العالم؟ يقول «هيرش» إن «بن لادن» قضى في الواقع السنوات الخمس السابقة لمقتله كرهينة لدى الاستخبارات الباكستانية، وليس كعضو نشط في تنظيم القاعدة، وبالتالي فإن «الكنز الدفين» من وثائق «بن لادن» كان مجرد افتراء من قبل وكالة الاستخبارات المركزية بعد الغارة، ولكن هذا الأمر يتناقض مع حقيقة أن الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، «أيمن الظواهري»، أكد في وقت لاحق أن هذه المواد الاستخباراتية حقيقية، وبالتالي، إما أن «هيرش» على خطأ، أو أن «الظواهري» يساعد «أوباما» في إقامة الأدلة التي تعزز العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان.

من جانبه، انتقد محلل شؤون الأمن القومي في شبكة CNN، «بيتر بيرغن»، مزاعم «هيرش» بأن السعودية مولت «بن لادن» خلال فترة إقامته في باكستان، قائلًا: «فكرة قيام السعودية بتمويل بن لادن مضحكة، حيث كان أحد أهم أهداف بن لادن هو إسقاط العائلة المالكة في السعودية، لماذا سوف تريد المملكة إيواء وتمويل أحد أخطر أعدائها؟»

 

  كلمات مفتاحية

سيمور هيرش أوباما بن لادن باكستان

«فوكس نيوز» تتعاقد مع قاتل «بن لادن» للعمل كمحلل عسكري بالشبكة

«البنتاغون» يفتح تحقيقا مع جندي سابق في قوات النخبة البحرية أعلن أنه قاتل «بن لادن»

ممارسات تعذيب الاستخبارات المركزية الأمريكية للمعتقلين لم تكن لتعقب «أسامة بن لادن»

الاستخبارات الأمريكية ترفع السرية عن وثائق فريدة لـ«أسامة بن لادن»

«ويكيليكس»: أحد أبناء «أسامة بن لادن» طالب الولايات المتحدة بشهادة وفاة لوالده

مصرع «سناء» أخت «أسامه بن لادن» وزوجها إثر تحطم طائرتهم ببريطانيا

والدة وشقيقة «أسامة بن لادن» بين ضحايا تحطم الطائرة السعودية في بريطانيا

أجهزة طائرة أسرة «بن لادن» أطلقت 6 تحذيرات قبل سقوطها

الكشف عن أسباب تحطم طائرة عائلة «بن لادن» في بريطانيا

تسجيل قديم لـ«حـمزة بن لادن» يدعو لشن هجمات ضد إسرائيل ودول غربية

متعاون سابق مع «سي آي إيه»: «بن لادن» عميل لواشنطن وهو حي يرزق

عمران خان: استخبارات باكستان ساعدت في قتل بن لادن