اعترف رئيس النظام السوري «بشار الأسد» صراحة بإمكانية استباحة الأراضي السورية عبر مرسوم تشريعي يسمح ببيع وشراء الأراضي السورية على قاعدة الربحية والتشاركية مع أي قطاع أو جهة أو جماعة أو دولة تحت مظلة الشركات القابضة، وإعادة الإعمار، وكل ذلك لتسديد مجموعة من الديون المترتبة على النظام جراء حربه الشاملة التي يخوضها منذ أكثر من ثلاث سنوات.
يأتي ذلك بينما كشف صحفي أردني مقرب من «محور المقاومة» على حد وصفه، في إطار حديثه عن رفضه للتقارب التركي – الإيراني على حساب الدعم الإيراني لسوريا معلنا عن رهن أراض شاسعة، ومبان حكومية، ومنشآت ومعامل تابعة للدولة السورية مقابل الدعم الذي يتلقاه نظام «بشار الأسد» لاستمرار حربه على الشعب السوري.
من جهته قال الناشط «أبو حسام الدمشقي» أن التغلغل الإيراني في سوريا قديم ومتجدد، فمنذ اندلاع الثورة الإيرانية وجهت الأنظار إلى سوريا، فتم تحويل مسجد في جنوب دمشق إلى مزار شيعي على يد الإيراني الشيرازي، واعتبر فيما بعد قبرا مقدسا للسيدة «زينب»، وكان «موسى الصدر» في فترة سابقة قد غازل طائفة الحكم باعتبارها جزءا من الطائفة الشيعية.
واستمر هذا التغلغل – عن طريق علماء الدين – بالسيطرة على قطاعات كبيرة من الاقتصاد السوري، فأغرقت السوق السورية بالسيارات الإيرانية في قرار سياسي لمساعدة إيران اقتصاديا.
وافتتحت إيران فيما بعد مصنع السيارات السوري الوحيد، وحصدت عقودا في أكبر الصفقات الاقتصادية، كما رفرف العلم الإيراني على عدد من مناطق العاصمة كحي المزة وسط دمشق حيث يبنى مبنى ضخم للسفارة الإيرانية الجديدة.
وازدادت وتيرة هذه التحركات فأصبح الحراك الإيراني في دمشق خاصة ملحوظا، وشهدت عدة أحياء في دمشق موجة شراء كبيرة للمنازل والعقارات من قبل إيرانيين، أو أشخاص من الطائفة الشيعية أو العلوية، كحي العمارة الملاصق لقبر السيدة «رقية» الذي رفعت فيه الأعلام السود والصفر والحمر المزينة بالكتابات الشيعية.
وكذلك الأمر في حي زين العابدين في المهاجرين الذي تحول إلى ثكنة عسكرية كبيرة، ومخزن للسلاح وهجر معظم أهاليه، واستولت العائلات القادمة للقتال إلى جانب النظام السوري على منازلهم كما حدث في حي الجورة في الميدان.
وتواطأ نظام «بشار الأسد» مع التحركات الإيرانية لتشجيع مقاتلين للقدوم إلى سوريا.
وأصدرت منذ حوالي العام قوانين جديدة تسمح بإعطاء الجنسية إلى مثل هؤلاء، وحاول عدد من التجار الذين يتعاملون مع الإيرانيين الاستفادة من الدمار والخراب الكبير الذي حل بالمناطق المحررة عبر إغراء الأهالي النازحين بالمال لشراء عقاراتهم، وجاءت هذه القرارات الأخيرة كاستمرار لهذه الممارسات عبر شرعنة التملك، وإدارة المناطق اقتصاديا وإداريا، وكل هذا يعني ابتلاع مناطق كاملة وإخضاعها للنفوذ الإيراني، وهذا عدا عن رهن العشرات من مباني وأملاك الدولة.
وفي أحد أحياء دمشق التي دمرت بشكل كبير، اضطرت «عائشة» – وهي امرأة مسنة تملك عددا من الأراضي في محيط دمشق الشمالي – إلى بيع إحداها ليتمكن أبناؤها من إعادة إعمار ما تدمر من منازلهم،ـ وعندما عرض عليها المشتري سعر الأرض فوجئت بأن السعر مغر جدا، واعترف لمن جاء بالمستثمر بأن هذا الأخير «مستعد لأن يشتري كل الأراضي المحيطة بأرضها فهو مدعوم من رجل أعمال إيراني مقيم في الخليج».
ويبدو أن تصريحات المسؤولين الإيرانيين بسيطرتهم على العاصمة دمشق وامتداد حدودهم إلى المتوسط لم تأت من فراغ، بالإضافة إلى أنهم يسعون إلى تدعيم هذا النفوذ بتحركات على الأرض تمثلت بالتملك والاستثمار وتوطين الأجانب وتغيير سوريا ديموغرافيا.