«المونيتور»: هل يصبح «أبو تريكة» أيقونة ثورة قادمة في مصر؟

الأحد 17 مايو 2015 07:05 ص

 هناك ثورة إلكترونيّة عبر مواقع التّواصل الإجتماعيّ تسبّبت بها اللّجنة المعنيّة بـ«التحفّظ وإدارة أموال جماعة الإخوان المسلمين»، الّتي أصدرت قراراً في 8 مايو/أذار 2015 بالتحفّظ على أموال نجم الكرة المصريّة الشهير«محمّد أبو تريكة» بتهمة انتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين، ممّا جعل قطاعات شعبيّة عريضة بما فيها من يؤيّد حركة 30 يونيو/حزيران التّضامن والتّعاطف مع اللاّعب.

يحظى «أبو تريكة» بشعبيّة جارفة في قلوب المصريّين والعرب، ليس فقط لموهبته الكرويّة الفذّة، بل لأخلاقه الحميدة ومواقفه الإنسانيّة الرّائعة، فلن ينسى له العرب موقفه الرّائع في يناير/كانون الثاني 2008 من الحصار المفروض على غزّة من جانب الكيان الصهيونيّ، الذي أثار ألما شديدا في نفس«أبو تريكة»، وجعله يبحث عن أي وسيلة يساعده بها. وجد اللاعب في الفندق الذي كانت تقيم فيه في بعثة المنتخب المصري في غانا خلال البطولة الأفريقية محل لطباعة الصور على القمصان، فخطرت له فكرة طباعة قميص يحمل تضامنا مع غزة، مع أن هذا الفعل قد يعرضه لعقوبات من الاتحاد الأفريقي نظرا لاستخدامه شعارات سياسية في الرياضة، مع ذلك قرر «أبو تريكة» أن يفعل ذلك ليجذب أنظار العالم لما يحدث في غزة حيث أن البطولة يتم تغطيتها من جميع وكالات الأنباء.

كما رفض مصافحة رئيس المجلس العسكريّ المشير«طنطاويّ»، الّذي حكم مصر بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وذلك أثناء استقباله لاعبي الأهليّ في مطار ألماظة العسكريّ في 1 فبراير/شباط 2012 حين حدثت مذبحة ستاد بورسعيد والتي راح ضحيتها 72 من جمهور الأهلي في أكبر كارثة رياضية في تاريخ مصر. حيث أنه بعد انتهاء مباراة كرة القدم بين فريقي الأهلي والمصري البورسعيدي اندفعت جماهير المصري نحو مدرجات الأهلي وقامت قوات الأمن المكلفة بتأمين المباراة بغلق الأبواب المخصصة لخروج جماهير الأهلي مما جعل جماهير الأهلي بين كماشة الأبواب المغلقة من خلفهم وجماهير المصري المندفعة نحوهم من الأمام وأكّدت تقارير صادرة من الطب الشرعي وجود وفيات نتيجة طلقات نارية وطعنات بالأسلحة البيضاء وأثبتت العديد من الصور تواطؤ الأمن في هذه المذبحة. وسبق تلك الحادثة هتافات ضد حكم العسكر من جانب التراس أهلاوي. وكذلك، تسلّم جثث ضحايا مذبحة بورسعيد البشعة، حيث رأى «أبو تريكة» أن تلك كانت مؤامرة للانتقام من التراس أهلاوي، الّذي كان رافضاً لحكم المجلس العسكريّ.

وأعاد هذا المشهد غير المسبوق من التّعاطف مع اللاّعب على مستويات عدّة خارجيّة وداخليّة ومن الاهتمام الإعلاميّ علي المستويين العالميّ والمحليّ حال التّعاطف مع حالات تسبّبت في ثورات مثل «البوعزيزي» في تونس في 17/12/2010، الّذي أضرم النّار في نفسه أمام مقرّ ولاية سيدي بوزيد، احتجاجاً على مصادرة السلطات البلديّة لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه، فضلاً عن «خالد سعيد» في مصر في 6 يونيو/حزيران 2010، الّذي قتل علي يدّ عناصر من الشرطة المصريّة، بعد أن رفض الطريقة المستفزّة، الّتي تعامل بها أفراد الشرطة مع المواطنين في مقهى إنترنت كان يجلس في داخله. لقد اختلفت قضيّة كلّ منهما، ولكن العامل المشترك بينهما هو تعاطف الناس معهما لشعورهم بأنّهما تعرّضوا للظلم، ويتطابق التّعاطف والحشد عينهما مع قضيّة «أبو تريكة».

إنّ جريمة أبو تريكة الرئيسيّة، وفقاً لبيان اللّجنة المعنيّة بالتحفّظ على أموال جماعة الإخوان في 8 مايو 2015، هي مشاركته في رأس مال شركة «أصحاب تورز للسياحة» مع القياديّ الإخوانيّ «عبد الكريم فوزي»، وأنّ مدير الشركة «أنس محمد عمر القاضي»، هو من العناصر الإخوانيّة الإجراميّة ومسجون حاليّاً على ذمة القضيّة رقم 14275 لعام 2014،إداريّ الدخيلة، ومتّهم في الجناية رقم 171 لعام 2013 ، جنايات باب شرق، وبأعمال عدائيّة ضدّ الدولة، وتبيّن أنّه سرّب أموال الشركة لتمويل بعض العمليّات الإرهابيّة.

لقد تحدث «المونيتور» مع «ياسر القاضي»، وهو الأمين العام لإتّحاد نوّاب مصر، الّذي يضمّ 170 نائباً من قوى سياسيّة مختلفة، فقال: «من خلال اتّصالات الاتّحاد بالكابتن محمّد أبو تريكة عرف عن شرائه الشركة من شخص تبيّن في ما بعد أنّه ينتمي إلى الإخوان، فهذه الشركة هي شركة تضامن تمّ تأسيسها في 27/12/2012، واشتراها أبو تريكة ونقل السجل التجاريّ إلى اسمه في 4/11/2014. وتفيد التحرّيات الأمنيّة أنّ الأعمال الإرهابيّة الّتي موّلتها الشركة، وعلى سبيل المثال أحداث العنف في باب شرق بالإسكندريّة، تمّت في 16/8/2013 أيّ قبل شراء أبو تريكة للشركة».

وطالب«القاضي» ساخرا ًبإضافة خانة في بطاقة الرّقم القوميّ المصريّة تخصّ الإيديولوجيّات حتّى يتمكّن المواطنون من معرفة توجّهات الأشخاص الفكريّة لدى قيامهم بعمليّات شراء أو بيع أو الدخول في مشاريع زواج ولا يتعرّضون بعد ذلك لمشاكل قد تؤدّي إلى ضياع أموالهم، لافتاً إلى أنّ اتّحاد نوّاب مصر رفض ما يحدث مع «أبو تريكة»، وأصدر بيانا جاء فيه أنّ خطر الاستبداد على المجتمع ليس أقلّ من خطر الإرهاب، وإنّ تعامل الدولة مع أبنائها بطريقة إنتقاميّة سيتسبّب بعواقب وخيمة على الوطن.

وأشار«القاضي» إلى أنّ تحفّظ الدولة على أموال الأشخاص بقرار إداريّ من دون الرّجوع إلى محكمة جنائيّة مختصّة يعيد إلى الأذهان الحديث عن عدم احترام جماعة الإخوان للقانون والدستور الّذي نعيد تكراره خلال هذه الفترة، وقال: «إنّ الغضب الشعبيّ العارم يعود إلى أنّ ملايين الأسر المصريّة البسيطة، الّتي لا علاقة لها بالسياسة، ترى في أبو تريكة القدوة الحسنة، وتتمنّى أن يصبح أبناؤها مثله. ولقد شعرت تلك الأسر أنّ أحد أبنائها تعرّض للظلم، فضلاً عن مشجّعي الرّياضة في مصر عموماً، وروابط الألتراس خصوصاً، الّذي لطالما أدخل أبو تريكة البهجة والسرور إليها».

ولفت إلى أنّ ما تقوم به الدولة الآن يقدّم أكبر دعم لوجستيّ إلى جماعة الإخوان المسلمين عن طريق إكسابها المزيد من المتعاطفين داخليّاً وخارجيّاً.

ومن جهتها، قالت لـ«المونيتور» الدّكتورة «ليلي سويف»، وهي الأستاذة الجامعيّة والنّاشطة السياسيّة الّتي يطلق عليها أمّ المناضلين، إذ أنّ أبناءها الثلاثة في السجون المصريّة حاليّاً على خلفيّة قضايا سياسيّة: «يتعامل الناس مع قضيّة أبو تريكة، للمرّة الأولى منذ فترة طويلة، بعيداً عن الاستقطاب الحادّ الموجود حاليّاً. فالناس من تيّارات سياسيّة مختلفة لا يتعاملون مع أبو تريكة على أنّه من الإخوان، إنّما على أنّه رمز للإنسانيّة بمواقفه المتعدّدة، وآخرها إنفاقه أمواله على أسر مساجين أوقفوا على خلفيّة قضايا سياسيّة، ولا مصدر دخل لها».

وأشارت«سويف» إلى أنّ ما يحدث يدلّ على أنّ القيّمين الآن على السلطة في مصر والقريبين منهم، منفصلون عن القيم العامّة في المجتمع. وإنّ استخدام الإعلام الموالي للسلطة في توجيه الشتائم لـ«أبو تريكة» ومعايرته بأصوله الفقيرة في بلد 40 في المئة من مواطنيه تحت خطّ الفقر، جعل المواطنين يرون الدولة تعاقب شخصاً يشعرون بأنّه منهم، خصوصاً أنّ الشعب لم يقتنع بمبرّرات لجنة التحفّظ على أموال الإخوان في قضيّة «أبو تريكة» لأنّها كلّها إتّهامات مرسلة من دون أدلّة.

لا أحد فوق القانون ,لذا يجب أن يتساوى جميع المواطنين أمامه وعلي الدولة أن توفر لأبنائها تكافؤ في الفرص يضمن التقدم في شتي مجالات الحياة دون تمييز بينهم علي أساس المعتقدات السياسية.

  كلمات مفتاحية

أبوتريكة مصر السيسي المجلس العسكري التحفظ على أموال أبوتريكة

خليجيون يتضامنون مع «أبوتريكة»: «هل بقي شريف في مصر لم يتم ظلمه»؟!

التحفظ على أموال لأبوتريكة يشعل ”انتفاضة إلكترونية“ بمصر

«أبو تريكة» ردا على التحفظ على أمواله: «لن أترك البلد وسأعمل علي رقيها»

”عاصفة المدرجات“ تضامنا مع «أبو تريكة»

«أبو تريكة» يشارك في مباراة خيرية بالمدينة المنورة لدعم أيتام العالم

«أبو تريكة» يعرض سيارته للبيع بعد التحفظ على أمواله من قبل السلطات المصرية

«أبو تريكة»: أوصيت أن يدفن معي تي شيرت (تعاطفا مع غزة)

توصية قضائية مصرية بإلغاء التحفظ على أموال «أبوتريكة»

مصر.. إحالة 1365 شخصا بينهم «أبو تريكة» إلى النيابة بتهمة تمويل «الإخوان»

حكم قضائي بإلغاء قرار التحفظ على أموال اللاعب المصري ‬⁩«أبو تريكة»