«المونيتور»: لماذا يعد تأييد «مرسي» ركنا في سياسة «أردوغان»؟

الثلاثاء 19 مايو 2015 11:05 ص

ليس هناك شك في أن حُكم الإعدام على الرئيس السابق «محمد مرسي»، وأكثر من 100 من المتهمين الآخرين، هو «مهزلة» بكل المقاييس، بحسب وصف العديد من منظمات حقوق الإنسان والدول في العالم. وكما هو الحال في الأنظمة الديكتاتورية، فإنّ محاكم «عبد الفتاح السيسي»، الذي انتزع السُلطة بعد انقلاب عسكري في يوليو/تموز 2013 ليس هدفها خدمة العدالة ولكن حماية النظام من خلال شنّ حملة على المعارضين. وهذا هو السبب في أنّ حُكم الإعدام الحالي، إلى جانب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قِبل نظام «السيسي» (مثل القتل الجماعي للمتظاهرين السلميين، والسجن السياسي والتعذيب)، ينبغي أن يستنكرها العالم الديمقراطي بأسره.

جاء أجرأ رد فعل عقب حُكم الإعدام على «مرسي» من الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان». في تجمع حاشد بإسطنبول يوم 16 مايو/أيار، وهو يوم إعلان الحُكم على «مرسي»، انتقد «أردوغان» نظام «السيسي» في مصر والدول الغربية، التي رأى أنّها متواطئة أيضًا.

وقال «أردوغان»: «للأسف، أصدرت مصر حُكمًا بالإعدام على الرئيس المنتخب الذي فاز بنسبة 52٪ من الأصوات. إنها تعود إلى مصر القديمة، والغرب لم يكشف عن موقفه ضد السيسي، قائد الانقلاب. وعلى الرغم من أنّ الدول الغربية ألغت عقوبة الإعدام؛ إلّا أنّها تشاهد أحكام الإعدام بمصر في صمت تام».

كما قال «أردوغان» لأنصاره إنّه: «في خضم كل هذا الظلم، فإنّ تركيا ستكون هي الدولة التي تُصحّح الأوضاع مرة أخرى؛ ولهذا فإن تصويتكم في 7 يوليو/تموز مهم للغاية». بعبارة أخرى، طلب أردوغان من أتباعه التصويت لحزبه العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة ولمصر أيضًا. وفي اليوم التالي، أكّدت صحيفة «دايلي ستار» التركية، المؤيدة لـ«أردوغان»، ذلك بعنوان يقول «مصير مصر مرتبط بانتخابات 7 يونيو/يوليو».

هذه الرسائل ليست جديدة، في ظل التأييد الدائم من «أردوغان» وحزب العدالة والتنمية، الذي يرأسه، لحكومة «مرسي» السابقة وجماعة الإخوان المسلمين على مدى السنوات الثلاث الماضية، وخاصة منذ انقلاب يوليو/تموز 2013 الذي أطاح بـ«مرسي». وبالتأكيد، يأتي هذا التضامن من تقارب أيديولوجي لحزب العدالة والتنمية مع الإخوان المسلمين، رغم أن حقيقة ممارسات حزب العدالة والتنمية نسخة أكثر حداثة وعلمانية للإسلام من جماعة الإخوان المسلمين. كما يأتي هذا التقارب من إدراك «أردوغان» أنّ مصيره ومصير «مرسي» مرتبطان بطريقة أو بأخرى. ويؤمن «أردوغان» بأن القوات التي أطاحت بـ«مرسي» ربما تطيح به إذا لم يواجهها بحزم.

لكي نفهم لماذا يفكر «أردوغان» بهذه الطريقة، علينا أن نتذكر أحداث يونيو/حزيران 2013 في مصر، حيث بدأت حركة تمرد بالاحتجاج ضد «مرسي»، للتمهيد للانقلاب العسكري الذي حدث في 3 يوليو/تموز. وفي نفس اللحظة، كانت احتجاجات حديقة جيزي تهز تركيا. ومثل معظم أنصار تمرد، كان المتظاهرون في حديقة جيزي من الليبراليين أو العلمانيين الذين يحظى موقفهم ضد الإسلاميين ببعض التعاطف في وسائل الإعلام الغربية. وكان هذا كافيًا لحزب العدالة والتنمية للربط بين هذين الحدثين المنفصلين، وتصوّر وجود مؤامرة غربية (وإسرائيلية) لإسقاط الإسلاميين المنتخبين في كل من مصر وتركيا.

في الواقع، وعلى عكس ما حدث في مصر، لم يكن هناك «سيسي» في تركيا للقيام بانقلاب عسكري بعد احتجاجات شعبية. ومع ذلك، كان ذلك غير منطقي لحزب العدالة والتنمية. عندما عانت حكومة «أردوغان» من ضربة ثانية في ديسمبر/كانون الأول 2013 مع تحقيقات الفساد التي أُجريت من قِبل أنصار جولن في جهاز الشرطة وأعضاء النيابة العامة، تم تمديد نظرية المؤامرة لتشمل تفسير هذه «المحاولة الانقلابية الثانية» أيضًا. وقال «أردوغان»: «إنّهم لا يمكنهم النجاح في جيزي، لم يتمكنوا من النجاح في 17-25 ديسمبر/كانون الأول، لكنهم يحاولون مرة أخرى». تشير «هم» التي ذكرها «أردوغان» إلى مزيج غامض من الغرب، والصهاينة، ولوبي المصالح المشتركة والعلمانيين والأتراك الخونة.

هذا هو السبب في اعتقاد أنصار حزب العدالة والتنمية أنّ اتجاه «أردوغان» السياسي هو الذي يتعرض للهجوم والقمع. وعلى الرغم من أنّ «أردوغان» كان في السُلطة لمدة 13 عامًا، ويمتلك قوة لم يسبق لها مثيل منذ عهد «أتاتورك»، لكنّ اضطهاد الإخوان المسلمين في مصر يوفر له ولأنصاره شعورًا قويًا بأنهم الضحية. ونتيجة لذلك؛ فهم يتجاهلون تمامًا آراء المعارضة التي تقول بأن حزب العدالة والتنمية هو الظالم الحقيقي وبأنّ المعارضة هي المظلومة.

وفي الوقت نفسه، تحاول المعارضة التركية أن تعارض «انحياز» حزب العدالة والتنمية إلى السياسة المصرية، وتجنب التعاطف مع نظام «السيسي»، وهو شيء يلوم بسببه حزب العدالة والتنمية المعارضة باستمرار. لذلك؛ دعا «كمال كليجدار أوغلو»، زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، القاهرة إلى وقف «الإعدام السياسي»، لكنه انتقد «أردوغان» بسبب “الانحياز”. وتعهد «كليجدار أوغلو»: «عندما نشكل حكومتنا، سوف نحترم جميع الأطراف في مصر».

وهناك الكثير من الانتقادات الموجّهة لـ«أردوغان» وحزب العدالة والتنمية، منها أن الدعم العاطفي لجماعة الإخوان المسلمين لا يساعد هذا الأخير، لكنه يساعد فقط في استعراض عضلات حزب العدالة والتنمية في الداخل. كما انتقد بعض المراقبين السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية بسبب تشجيع أصدقائهم المصريين لمتابعة طريق النصر في أعقاب الربيع العربي؛ الأمر الذي أثار المؤسسة القديمة ومهّد الطريق للانقلاب. في الواقع، كانت جماعة الإخوان المسلمين قلقة بشأن المنافسة في الانتخابات الرئاسية المصرية، ولكن حزب العدالة والتنمية شجع الإخوان للقيام بذلك (رغم خطورته).

وعلى أي حال، فإنّ كل ما يحدث في مصر لا يزال مسألة رئيسة في السياسة التركية. ولكن معظم الأتراك، بما في ذلك أنصار حزب العدالة والتنمية، لا يعرفون الكثير عن تعقيدات هذا البلد العربي البعيد؛ ما يعرفونه حقًا هو إسقاط أيديولوجياتهم السياسية ومشاعرهم على هذا البلد.

  كلمات مفتاحية

مصر تركيا أردوغان مرسي الانتخابات التركية

«أردوغان» يدين حكم الإعدام بحق «مرسي» ويعتبره عودة إلى «مصر القديمة»

«أردوغان» يبحث الأوضاع في سوريا ومصر واليمن مع رئيس كازاخستان ويدعو لتضامن دول المنطقة

«أسوشيتدبرس»: السعودية تبتعد عن مصر وتوثق علاقتها بقطر وتركيا

53% فى السعودية و51% فى تركيا و22.5% فى الإمارات يمتلكون نظرة إيجابية تجاه الإخوان

«أردوغان»: رئيس مصر بالنسبة لي هو «مرسي» وليس «السيسي» الانقلابي

وزير خارجية مصر: نأمل في عودة العلاقات مع تركيا إلى سابق عهدها