استراتيجية المملكة العربية السعودية النفطية مازالت تعمل

الخميس 28 مايو 2015 12:05 م

مر ما يقرب من ستة أشهر على أخر اجتماع عقدته منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، وأثناء ذلك الاجتماع نصف السنوي نجحت المملكة العربية السعودية في إقناع - أو إن شئت قلت إجبار - بقية أعضاء منظمة أوبك للسير في ركابها وخدمة خطتها والمساعدة في تنفيذ استراتيجيتها. وعلى الرغم من أن منظمة «أوبك» عملت تاريخيا على خفض الإنتاج في أوقات هبوط الأسعار، لكن هذه المرة بدا أن السعوديين عازمين على التنافس مع غير الأعضاء في أوبك أمثال منتجي الصخر الزيتي في الولايات المتحدة الذين كانوا بالفعل قد بدأوا يحصلون على حصص لهم بالسوق.

وفي ذلك الوقت؛ كان سعر النفط قد انخفض أكثر من 30 دولارا للبرميل بعد أن كان قد وصل إلى 115 دولار في شهر يونيو/حزيران، ومنذ ذلك الحين شاهدنا تراجعا آخرا للخام بمقدار 35 دولارا للبرميل محققا أدنى مستوى ليصل 45 دولار في يناير/ كانون الثاني من العام الجاري قبل أن يرتد إلى ما يقرب من 65 دولارا للبرميل حاليا. وبالنسبة للسوق التي ظل التداول فيها فوق 100 دولار للبرميل الواحد لمدة ثلاث سنوات ونصف، فقد كان الأمر أشبه بالهبوط والصعود المتكرر.

وسوف تجتمع منظمة «أوبك» الأسبوع المقبل مرة أخرى للتخطيط الخطوة المقبلة، وجميع الدلائل تشير نحو تبني مزيد من الشيء نفسه؛ وهي الحفر، ولا شيء غير الحفر الذي يعني عدم تراجع أو خفض الإنتاج. وكما ذكرت بلومبيرج في تقرير لها أن البعض ربما يظن أن السعوديين يمكنهم بالفعل وصف استراتيجيتهم بأنها ناجحة:

«حقيقة أن الأسعار قد تعافت إلى حد ما، بينما يبدو أننا قد خطونا للقاع، هو الشيء الذي سوف يكون السعوديون قادرين على الإشارة إليه خلال مناقشاتهم» بحسب مايك ويتنر - رئيس أبحاث سوق النفط لدى سوسيتيه جنرال، عبر الهاتف مجددا من نيويورك في 19 مايو/ أيار. «والشيء الآخر أنها سوف تكون قادرة على الحديث عن أن إنتاج الولايات المتحدة قد وصل إلى مستوى قياسي».

تلك بالتأكيد إحدى الطرق لقراءة السوق. وهنا طريقة أخرى: يبدو أن أسعار النفط قد استقرت في الآونة الأخيرة عند حوالي 65 دولار للبرميل، وهو مستوى أقل بكثير من سعر التعادل السعودي (تكلفة البرميل الواحد من النفط التي يحتاجها السعوديون لتحقيق التوازن في ميزانياتهم) 103 دولار أمريكي، وليبيا - ما يثير الدهشة - 215 دولار أمريكي، والجزائر 111.10 دولار أمريكي، وإيران 95.50 دولار، وفنزويلا 89 دولارا، ونيجيريا 87.90 دولار، روسيا 78 دولار، ودولة الإمارات العربية المتحدة 73.10 دولار، والعراق 70.90 دولار. وجميع هؤلاء الأعضاء في أوبك يخسرون الكثير من المال نتيجة لأسعار اليوم.

ولقد تجهزت المملكة العربية السعودية لهذا اليوم جيدا، فأعدت صندوق ثروة سيادية هائل يمكن أن تسحب منه كما تشاء لتغطية نفقاتها، كما يفعل الكثير من أشقائها النفطيين الآخرين، ولكن تلك تدابير لسد الفجوة. فعلى المدى الطويل، فإن غالبية «أوبك» تحتاج إلى واحد من أمرين: سعر برميل النفط عالميا يسلك طريقه مرتفعا، أو أن الميزانيات الحكومية تسلك طريقها منخفضة.

ومع استعداد العراق لتصدير كمية قياسية من النفط الخام الشهر المقبل، واستعداد إيران لرفع مستوى إنتاجها عندما يتم رفع العقوبات الغربية نتيجة للاتفاق النووي، فيبدو من المرجح أن السوق ستبقى في حالة من تخمة ووفرة المعروض، وبالتالي ستبقى الأسعار منخفضة في الوقت الحاضر. وهذا يتسبب في حدوث تخفيضات في الميزانية، وهي خطوة لا يرغب العديد من الأنظمة البترولية في تنفيذها خوفا من الاضطرابات المدنية التي قد تترتب.

«ربما يشعر السعوديون أن استراتيجيتهم تعمل، ولديهم كامل الحق في ذلك»؛ بحسب فرانسيسكو بلانش – رئيس أبحاث السلع في بنك أمريكا - عبر الهاتف من نيويورك. وقال: «هناك انخفاض كبير في مؤشر معدات الحفر في الولايات المتحدة، وانخفاض كبير في الإنفاق الرأسمالي. وهذا مؤشر على نجاح الاستراتيجية».

وفي الوقت نفسه، فإن الهدف من استراتيجية المملكة العربية السعودية - الصخر الزيتي الأمريكي - تتحقق وبأفضل مما كان متوقعا. صحيح، لقد شهدت تراجعا كبيرا في عدد الحفارات النشطة، ولكن هذا ليس مقياسا مثاليا يمكن من خلاله الحكم على هذه الصناعة. والأكثر إثارة للقلق بالنسبة لمنظمة «أوبك» هو العمل الذي تقوم به لتقليل تكاليف تعادل الصخر الزيتي من خلال ابتكار وسائل جديدة لخفض التكاليف والبقاء مربحة. تذكر أن ازدهار طفرة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة لا تزال صغيرة جدا، وأنه من المعقول أن تظل هناك الكثير من الفرص لتحسين أساليب الاستخراج.

وهناك حالة انقسام داخل منظمة «أوبك» بشأن استراتيجيتها الحالية، ويمكنك أن تتأكد من أنه سيكون هناك بعض المناقشات الساخنة في اجتماعات الأسبوع المقبل، ولكن باعتبارها أكبر منتج في المنظمة، فإن المملكة العربية السعودية تمسك جيدا بمقاليد الأمور. إذا كانوا يعتقدون أن استراتيجيتهم تعمل، فسوف تواصل «أوبك» الحفاظ على النفط متدفقا، ولكن لا تعتقد للحظة واحدة أن الدول النفطية على مستوى العالم تعيش حالة من الاستمتاع هذه الأيام.

  كلمات مفتاحية

النفط أوبك السعودية أسعار النفط حرب أسعار النفط النفط الصخري

السعودية تواصل تضييق الخناق على النفط الصخري الأمريكي

الانخفاض الكبير: مقامرة النفط السعودية

الذهب الأسود والبجعة السوداء

«جون ماكين»: علينا شكر السعودية التي سمحت بانهيار الاقتصاد الروسي

السياسة والسوق في الانهيار الفادح لأسعار النفط

100 دولار لبرميل النفط .. هل يعود «الرقم السحري»؟

وزارة البترول السعودية: ارتفاع إنتاج النفط جاء نتيجة نمو الطلب

«ستراتفور»: السعودية قد تغير من استراتيجيتها النفطية خلال عام 2016