الانخفاض الكبير: مقامرة النفط السعودية

الأربعاء 11 مارس 2015 08:03 ص

تَنافس تجار النفط ومديري صناديق التحوط الذين اجتمعوا حول مأدبة عشاء في «بيسترو مايك» في مانهاتن لجذب انتباه «ناصر الدوسري» ممثل المملكة العربية السعودية في «أوبك» وضيف شرف شركة «فري بوينت كوميدتز».

وحرص أكثر من 30 شخص على القيام من مقاعدهم في القاعة، والاقتراب من «الدوسري» – الذي يعتقد الجميع أنه الأقرب لأذن «علي النعيمي» وزير النفط السعودي البالغ من العمر 79 عاما والشخص الأكثر تأثيرا في صناعة الطاقة - والجلوس على مائدته لبعض الوقت.

لقد كان ذلك في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي حيث أسعار النفط تتراجع بشكل حاد منذ يونيو/حزيران. لقد أراد الجميع أن يعرفوا متى ستتحرك المملكة العربية السعودية لوقف هذا الانخفاض الحاد في الأسعار. وبادر أحد الحضور بتوجيه كلامه إلى الدوسري «بالطبع أنتم ذاهبون لخفض الإنتاج». فرد «ما الذي يجعلك تعتقد أننا ذاهبون إلى خفض الإنتاج؟!».

ترددت أصداء هذا الرد المقتضب - الذي نقله أحد الحضور - في أسواق النفط العالمية. وكانت هذه أول علامة على أن المملكة العربية السعودية لن تتحرك لانقاذ سوق النفط، ما حطم الافتراضات القائمة منذ فترة طويلة بشأن سياسة المملكة النفطية، وأصاب نظام الطاقة في العالم بهزة قد تستمر لعقود قادمة.

وخلال فترات عدم الاستقرار، قام السعوديون بتعديل إنتاجهم لاستعادة التوازن. لكن في العام الماضي، ووسط مخاوف بشأن تصاعد المعروض، غيرت المملكة دفة سفينتها ورفضت أن تعمل كشبكة أمان لسوق النفط. واعتقدت المملكة العربية السعودية أن خفض الإنتاج من شأنه أن يساعد فقط منافسيها، ومن ثمّ فقد حان الوقت لاتخاذ موقف.

وبعد شهر آخر واصلت أسعار النفط خلاله التراجع، خرج باقي أعضاء منظمة «أوبك» بدعم لقرار أختهم الكبرى والقوية - المملكة العربية السعودية - بعدم التدخل في السوق. وقد وصف السيد «النعيمي» ذلك في وقت لاحق بأنها كانت لحظة ”تاريخية“.

وقادت المملكة العربية السعودية - المُرتكنة على 750 مليار دولار من الاحتياطي الأجنبي - معركة ضد المنتجين أصحاب التكلفة العالية - من الولايات المتحدة إلى البرازيل وروسيا مُراهنة على فترة انخفاض الأسعار سوف تجبرهم على خفض إنتاجهم. وقد يضر هذا التكتيك بالعائدات على المدى القصير- كما يقول المنطق - لكنه كان ضروريا لحماية حصتها في السوق على المدى الطويل.

وكان لهذه الخطوة تأثير كبير وفوري. فقد هوت ميزانيات أكبر الدول المصدرة للنفط في آتون الفوضى، واضطرت شركات الطاقة أن تقلل من خططها الاستثمارية، واهتزت الأسواق المالية.

وكان هذا التحول في السياسة النفطية السعودية - والذي تبلور بين شهري يونيو/حزيران وأكتوبر/تشرين الأول - موضع تكهنات مُكثفة. فلقد اعتقد البعض بأن هذا التحول كان مُتجذرا في الجغرافيا السياسية؛ حيث رأت أحد النظريات أن السعوديين - الذين لا يخطون خطوة بدون الولايات المتحدة - سعوا عمدا إلى تقويض منافسين مثل روسيا وإيران. ولكن الفحص الدقيق للإجراءات السعودية يدل على وجود سلسلة غير متوقعة من الأحداث السياسية العالمية، وبشكل حاسم فإن القراءة الخاطئة كانت هي القوة الدافعة وراء مقامرة الرياض.

يونيو/حزيران 2014 .. ”نقطة تحوّل حاسمة“

لقد أخبر العرض الذي قُدّم في اجتماع «أوبك» 11 يونيو/حزيران في فيينا الوزراء بتباطؤ الطلب العالمي على النفط مع ارتفاع الإمدادات. لكن المملكة العربية السعودية كانت تعتقد أن سعر النفط آمن. وكان منطقة الشرق الأوسط تغلي؛ نظرا لحالة الفوضى في ليبيا، وظهور تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي تحرك مستوليا على الآراضي في مختلف أنحاء سوريا والعراق.

ورأى المستثمرون أن حالة الاضطراب والفوضى قد تتسبب في قطع الإمدادات، ما يدفع أسعار النفط لترتفع إلى محيط 130 دولار للبرميل. وسعى «جون كيري» - وزير الخارجية الأمريكي - إلى الحصول على ضمانات من الملك الراحل «عبد الله بن عبد العزيز» أن الرياض سوف ”تبادر بفعل ما هو مطلوب“ لمعالجة أي تعطل في الإمدادات قد تسببه «الدولة الإسلامية».

ولكن الأحداث على الأرض خالفت توقعات الخبراء. ففي ليبيا التي انخفض الإنتاج فيها من 1.4 مليون برميل يوميا إلى أقل من 200 ألف برميل وسط احتجاجات وإضرابات وحصار، كان هناك تحول مفاجئ. وفي أواخر يونيو/حزيران، أفادت تقارير بسيطرة متمردين على موانيء سعوا للاستفادة منها عن طريق فتح الحقول مُجددا، وفي غضون ثلاثة أشهر ارتفع الإنتاج إلى 900 ألف برميل يوميا.

وفي العراق - ثاني أكبر منتج في أوبك - فشلت «الدولة الإسلامية» في إحكام قبضتها على مناطق إنتاج النفط الرئيسية في البلاد، وهو الأمر الذي أزال تهديد أي إمدادات أخرى. ويصف «بوشان بهاري» - المحلل في «آي إتش إس للطاقة» أن ذلك كان «نقطة تحول في سوق النفط».

يوليو/تموز 2014 ... الاستخفاف بقدر النفط الصخري الأمريكي

كانت هناك مفاجأة أخرى في الانتظار. لقد عززت أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل الإمدادات من البرازيل حتى روسيا. ولكن النمو في الولايات المتحدة كان ممتازا؛ فقد ارتفع إنتاج الخام في الولايات المتحدة - الذي يبلغ من العمر 30 عاما - إلى متوسط بلغ تقريبا 8.5 مليون برميل يوميا، وربما تخطى في وقت لاحق تسعة ملايين برميل. «فاق كل توقعاتنا وبدد معظم مخاوفنا»، بحسب مسؤول أمريكي بارز.

وأطلق التقدم التكنولوجي - في ظل برنامج التسهيل الكمي من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - إنتاج مزيد من النفط وبصورة أعلى مما كان مُتوقعًا من تشكيلات الصخر الزيتي. وفي البداية خرجت عبارات الترحاب من الرياض بتنوع إمدادات الطاقة باعتباره قوة ودعما للاستقرار. وقلل ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من وارداتها، كما خفف الضغط من تعطل الإمدادات في دول مثل ليبيا وإيران ونيجيريا. (هناك حظر مفروض على معظم صادرات الخام في الولايات المتحدة منذ سبعينيات القرن الماضي).

لكن السعوديين يشكون في استدامة الصخر الزيتي؛ نظرا لتكاليف إنتاجه العالية؛ حيث تتراوح أسعار التعادل ما بين 30 و 90 دولار لبرميل النفط الصخري، مُقارنة مع النفط السعودي الذي يتكلف إنتاجه أقل من 10 دولار للبرميل الواحد.

إن السعوديين «لم يأخذوا الاحتمالية الفعلية لثورة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة على محمل الجد»؛ بحسب «ليوناردو موجري» - من جامعة هارفارد والمدير السابق في شركة إيني النفطية الإيطالية - والذي أطلع المسؤوليين السعوديين في العام الماضي على منافسهم الجديد، مشيرًا «لقد استخفوا بقدر هذا الزيت الصخري».

ورغم ذلك كانوا متخوفين وبدا عليهم القلق. فعلى مدار عام 2014 جنّد السعوديون محللين من شركة «إكسون موبيل» للتحقيق في تكاليف التعادل وتمويل الديون والأفق الناتج عن الصخر الزيتي الأمريكي بحسب شخصين مُطّلعين على الدراسة.

أغسطس/آب 2014 .. ”واقع جديد“

وفي الوقت الذي انخفض فيه الطلب أكثر من المتوقع في أوروبا، فإن الرياض كانت بطيئة في معالجة هذا الضعف بالتوجه إلى أي مكان آخر: الصين.

كانت هناك دلائل تشير إلى أن السوق كانت في طريقها إلى الفتور، ولكن كان من الصعب قراءة البيانات. «إذا كنت تقوم بوظيفة تكرير النفط في الصين ولا تحتاج إلى الكثير من النفط الخام، فإنك سوف تُسقط شحنات الشعوب الأخرى أولا. المملكة العربية السعودية كانت في موقع الأولوية»؛ بحسب أحد مستشاري النفط في الخليج.

لكن شركات التكرير في الصين وكذلك فيتنام والهند بدأت تخبر شركة آرامكو السعودية - شركة النفط الحكومية - أنها تحتاج أقل من مقدار مخصصات النفط الخام فضلا عن كونها طلبت ذلك بأسعار منخفضة، وفقًا لما قاله أشخاص مطلعون على المحادثات.

وأعقب ذلك سلسلة من تخفيضات حادة في أسعار التصدير للمشترين الآسيويين. وقال «ياسر الجنيدي» - محلل نفط في ميدلي للاستشارات العالمية - إن التسعير العدواني علامة على مدى جدية الرياض بأنها تناضل من أجل الحصول على حصة في السوق في الوقت الذي سعت فيه لتدخل ضمن الخيارات الآسيوية.

وأضاف الجنيدي: «لقد كانت المملكة العربية السعودية تشعر بالقلق إزاء صادراتها إلى الصين. لقد فقدت حصتها في السوق لصالح فنزويلا ومنتجي غرب إفريقيا وغيرهم». وفي الوقت الذي تراجعت فيه الصادرات إلى الولايات المتحدة بسبب طفرة الصخر الزيتي، فإن هؤلاء المنتجين - جنبا إلى جنب مع أقرانهم في أوبك - كانت يسعون وراء عملاء في الصين.

وانخفضت الواردات الصينية من المملكة العربية السعودية، والتي كانت قد وصلت إلى 1.3 مليون برميل يوميا في يناير/كانون الثاني 2013 إلى حوالي 900 ألف برميل بحلول شهر أغسطس/آب 2014. وعلى الرغم من التقاط الواردات والأسعار أنفاسها منذ ذلك الحين، إلا إن التراجع أظهر خوفا قويا وقديما.

إذا تحركت الولايات المتحدة نحو تخفيف حظر تصدير النفط الخام كما يتوقع الكثيرون، فإن «هذا سيكون الاتجاه الذي يعجل فقط»، بحسب السيد «الجنيدي»، والذي تابع بأن المملكة ليس لديها خيار سوى «حماية حصتها في السوق ضد المنافسين داخل أوبك وخارجها».

«كنا نعرف أن هذا اليوم آتٍ لكنها كانت مسألة وقت»؛ بحسب «محمد الصبّان» - أحد كبار مستشاري وزير النفط السعودي منذ عام 1996 حتى عام 2013. وأضاف إنه مع اقتراب النفط من 100 دولار للبرميل «كان واضحا أننا كنا على أعتاب واقع جديد».

سبتمبر/أيلول 2014 ... ”لسنا مقتنعين“

كانت هناك تكهنات بشأن انقسام حول السياسة النفطية في أعلى المستويات في الرياض. ورأى البعض أن يجادل متذرعا بحجة أن انخفاض أسعار النفط الخام ليست سوى شيء قصير الأجل. لكن بدا أيضا في الوقت ذاته أن التخفيضات كانت لا تزال مطروحة على الطاولة. وقال مسؤول سعودي لصحيفة «فايننشال تايمز»: «إذا كنا نرى أن الطلب لا ينمو كما هو متوقعا ... فإننا سوف نقوم بخفض الإنتاج. ولكننا الآن لسنا مقتنعين بأن ما نراه في جانب الطلب غير دائم».

وحذر آخرون من بزوغ فجر عهدٍ جديد. وقالوا إن الوقت قد حان لتعليم لاعبي الطاقة ذات التكلفة العالية ومموليهم - من الصخر الزيتي إلى الطاقة الشمسية - الحفاظ على القدرة التنافسية للمملكة العربية السعودية على المدى الطويل ومكان النفط في مزيج الطاقة. ولا زال «النعيمي» وغيره من المسؤولين يعربون عن تفاؤلهم؛ فقد قال ذات مرة لأحد الصحفيين: «هل سبق لك أن رأيتني قلقًا؟»، مُستطردا: «ليست هذه هي المرة الأولى التي تتغير فيها الأسعار. إنها تتغير دائمًا».

ويقول دبلوماسيون مُقربون من وزارة النفط إن النقطة المرجعية التأسيسية كانت فترة الثمانينيات من القرن الماضي، عندما خفّض وزير النفط «زكي يماني» الإنتاج استجابة لإمدادات بحر الشمال.

وأرسلت هذه الخطوة الأسعار إلى الهاوية، وأدت إلى خسارة في حصة المملكة في السوق. «من خلال التاريخ، عندما يتبع الانخفاض في الطلب خفض في الإنتاج السعودي، فإن السعوديين يجدون ما لا يرضيهم»؛ بحسب مسؤول غربي في الرياض أيّده «النعيمي» في وجهة نظره.

ولكن حتى في مرحلة التكوين الكامل للعاصفة، لم تكن الأسعار قد بدأت «تراجعا سريعا جدا» في النصف الثاني من العام الماضي؛ حيث نمى شعور بالحاجة للتحرك كما يقول «عبد الله البدري» الأمين العام لمنظمة «أوبك».

وفي سبتمبر/أيلول انخفض برنت وحده ما يقرب من 9 دولار نتيجة هروب رؤوس الأموال من السلع الخطرة إلى استثمارات أكثر آمانًا مثل سندات الخزانة الأمريكية لأسعار النفط. وخلال هذه الفترة الحاسمة اختفى وزير النفط عن الرأي العام، وأخذ عطلة في جزر سيشل، كما ابتعد وزراء ومسؤولون تنفيذيون آخرون في المملكة أيضا لقضاء عُطلة عيد الاضحى.«لم يكن أحد في موقع التحكم والسيطرة»؛ بحسب أحد المطلعين على بواطن أمور الصناعة النفطية.

أكتوبر/تشرين الأول 2014 ... ”أزمة الوقت في الرياض“

وغالبًا ما تكون عملية صنع القرار في الرياض بطيئة وتفتقر إلى الشفافية. ولكن التلميح الأول بشأن التحول جاء مع تصريحات السيد «الدوسري»؛ والتي تم التقاطها وتفسيرها من قبل مجتمع الاستثمار، ثم بدأ مسؤولون سعوديون آخرون يرددون الرسالة.

«وبحلول أكتوبر كانت هناك سياسة في موضعها»؛ بحسب دبلوماسي غربي في الرياض أشار إلى أن تخفيضات الإنتاج لم تكن غير مستبعدة تمامًا، لكنها كانت «غير مرجحة بقوة».

نوفمبر/تشرين الثاني 2014 ... ”وضع مستحيل“

سيطر على التحضير لاجتماع «أوبك» في 27 نوفمبر/تشرين الثاني في فيينا دعوات من أفقر أعضاء «أوبك» - من فنزويلا إلى العراق - بخفض الإنتاج. لكن السعودية لم تكن مستعدة لتحمل نصيب الأسد من أي تخفيضات تقرها المنظمة، ولم يكن يرغب المنتجين من خارج «أوبك» في تقاسم العبء.

وعلّق «سداد الحسيني» - مسؤول تنفيذي سابق في شركة آرامكو السعودية - «لقد أخذ النعيمي في ذلك الوقت جولة، وأدرك أنه من المستحيل لمنظمة أوبك وحدها أن تقوم بالحل. ولكي تحاول وتضبط هذا النوع من السوق كان الأمر غير ممكن».

وحاول «رافائيل راميريز» - ممثل فنزويلا في منظمة أوبك - الضغط على الوزير «النعيمي» لعقد اتفاق بخفض الإنتاج، كما رتب لقاء مع الروس والمكسيكيين في 25 نوفمبر/تشرين الثاني.

وتردد أن وزير النفط السعودي أخبر الروس أنه في ظل إنتاج كلا البلدين تقريبا 10 مليون برميل يوميا، فإن أي خفض محتمل ينبغي أن يكون على قدم المساواة. لكن جاء الرد من الروس بالرفض. وفي الوقت الذي اعتاد فيه فشلا من الدول خارج «أوبك» في دعم قرارات مؤلمة، فقد جيّش «النُعيمي» دعم حلفائه في الخليج لقبول الانتقال إلى 30 مليون برميل يوميا كهدف إنتاجي. وسرعان ما أذعن الباقون. وقيل «لقد أُخبر أعضاء أوبك بأن تخفيض حوالي 1.5 مليون برميل يوميا ربما يكون مطلوبا ... لكن القرار لم يستند إلى أسس العرض/ الطلب.. بصراحة، لقد كانت تلك استراتيجية متفردة» بحسب شخص مُطلع على الاجتماع.

ديسمبر/كانون الأول 2014 ... ”ما تأثير ذلك على حصتي؟“

خلال ثلاثة أسابيع من الاجتماع، وصل سعر برنت إلى مستوى 60 دولار للبرميل، وهو السعر الذي اعتقد منتجو الخليج أن النفط سيهوي إليه ويتوقف. «خالد الفالح» - الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية - مثل الآخرين داخل زمرة صناع القرار في الرياض أصابته حالة من الذهول بسبب سرعة التراجع، ما جعله يصف ما حدث بأنه ”مثيرٌللدهشة“.

وأفاد اقتصاديون سعوديون أن اختبارات الضغط في شركة آرامكو خلال عملية التحضير لميزانية الحكومة لعام 2015 تضمنت متوسط سعر النفط عند 80 دولار للبرميل خلال هذا العام. ولكن في العام الجديد لمس النفط ما يقرب من نصف هذا المستوى تقريبا. وفي الوقت الذي انخفضت فيه الأسعار بسرعة، فقد قدم «النعيمي» تفسيره الكامل بعد قرار الحفاظ على العرض. «إنه ليس في مصلحة المنتجين في أوبك خفض إنتاج المنظمة مهما كان الثمن»؛ هكذا قال «النعيمي» لصحيفة الشرق الأوسط، متسائلا: «إذا خفضت الإنتاج، فماذا سيحدث لنصيبي في السوق؟ ثم تابع مجيبا: سيرتفع السعر، وسيذهب الروس والبرازيليون وأصحاب النفط الصخري الأمريكي لأخذ نصيبي».

التحول من الدعاية الخجولة إلى دعاية السعي للزعامة كانت مثيرة للدهشة. ويقول البعض إن السيد «النعيمي» كان يرد على مُنتقدين محليين. وكانت سوق الأسهم السعودية قد تراجعت، ما جعل قادة المؤسسات التجارية يتساءلون بصراحة عن الحكمة من وراء السماح للأسعار بالانخفاض.

خاتمة ... البقاء للأصلح

ويأتي اضطراب السوق - سواء عن طريق فوضى مُدبرة أو أن هناك من يحاول إدارتها بالكاد - في وقت تواجه فيه المملكة العربية السعودية عملية انتقال سياسية حساسة. وأصر الملك «سلمان» - خليفة الملك الراحل «عبدالله» - على بقاء السيد «النعيمي» في منصبه في أول تعديل وزاري، ما يشير إلى دعم سياسته. ولكن في الوقت ذاته، تمت ترقيته نجل العاهل الجديد إلى منصب نائب وزير النفط والمجلس الأعلى للبترول الذي يشرف على القطاع النفطي في البلاد.

ويثق السيد «النعيمي» - الذي اعتاد أن يكون له يدا مُطلقة على السياسة النفطية - في نجاح استراتيجيته وإثمارها. لقد انتعش الطلب على النفط السعودي، وانتعشت الأسعار فور ورود أنباء تشير إلى تراجع عمليات الحفر والاستثمار وانخفاض معدلها.

ولكن لأنه يشارك في معركة البقاء للأصلح - مُتحصنا بإنتاج منخفض وحجم ديون أقل - فإن الكثيرين أصبحوا غير مقتنعين بأن عمليات إيقاف الإنتاج الكبيرة باتت وشيكة، ويشككون فيما إذا كان ما حدث  قد أبعد المستثمرين بالفعل عن النفط المرتفع التكلفة. ولم تستجب وزارة النفط وشركة آرامكو السعودية للتعليق على ذلك. ولا زال البعض الآخر يتساءل إذا ما كان قرار نوفمبر/تشرين الثاني 2014 لصالح منظمة «أوبك» أو دول الخليج أو كما يخشى البعض لصالح المملكة العربية السعودية وحدها.

«إذا كان السعوديون استجابوا وخفضوا الإنتاج فعندئذ كانوا ليوصفون بـ(الأهبل في الزفة). لقد كان بإمكانهم فعل ما يريده الآخرون، لكنها إن فعلت لنالت سخرية الجميع»؛ بحسب محلل نفطي في «أوبك».

وأردف: «في نهاية المطاف، أخبر النعيمي العالم أن السعودية لن تكون هي المعالجة لفوضى الآخرين».

  كلمات مفتاحية

السعودية النفط أوبك أسعار النفط انخفاض أسعار النفط النفط الصخري علي النعيمي

«أوبك» تتوقع تعافي أسعار النفط خلال أشهر وترفض ”دعم سعر“ النفط الصخري

«أوبك» تدرس عقد اجتماع طارئ لدراسة انخفاض أسعار النفط .. والسعودية ترفض

الرابحون والخاسرون من هبوط أسعار النفط

الذهب الأسود والبجعة السوداء

«علي النعيمي»: «من المستحيل» أن تخفض السعودية حصتها في السوق .. ولا أهداف سياسية

الرابحون والخاسرون في حرب أسعار النفط حول العالم

السياسة والسوق في الانهيار الفادح لأسعار النفط

"طغاة النفط" في مأزق أقوى مما توقعناه!

مستشار وزيرالبترول السعودي: أسعار النفط في طريقها للاستقرار وستواصل الصعود

قطاع النفط الصخري الأمريكي يتأهب لمزيد من المتاعب مع تجدد هبوط الخام

«ذي إيكونوميست»: تراجع أسعار النفط لم يكبح طفرة النفط الصخري

«هفنغتون بوست»: لا ينبغي أن نلوم السعودية للبحث عن مصالحها في سوق النفط

«بلومبيرج»: سوق النفط يتجه نحو الاستقرار حتى نهاية العام

السعودية والولايات المتحدة تتفقان على إطالة موت ”امبراطورية النفط“

«بيزنس إنسايدر»: السعودية تشعل الحرب على صناعة الزيت الصخري الأمريكي

استراتيجية المملكة العربية السعودية النفطية مازالت تعمل

أوبك تتوقع ارتفاع إنتاج منافسيها من النفط رغم انخفاض الأسعار

«وول ستريت جورنال»: الدول النفطية تكافح لتحقيق التوازن الصعب بعد صدمة تراجع أسعار الخام

«أوبك».. سقف الإنتاج في مهب الريح

تراجع صادرات النفط الخام السعودية في أبريل بمقدار 161 ألف برميل يوميا

النفط والحرب… تحديات الراهن السعودي

«التليجراف»: السعودية قد تفلس قبل أن تستطيع لي ذراع صناعة النفط الأمريكية

استراتيجية النفط السعودية.. عبقرية أم انتحار؟

«سي إن إن»: ستة أسباب تمنع السعودية من خفض إنتاجها النفطي حاليا

ما هي المعادلــة النفطية المطلوبة والمسـتحيلة؟

السعودية تخطط لأسعار نفط منخفضة حتى عام 2018 كي تحطم صناعة النفط الصخري

أسواق النفط إلى أين؟

الاستراتيجية السعودية في حرب أسعار النفط

هل انتهت «أوبك»؟

خبير اقتصادي: دول الخليج تدير ملف أسعار النفط عكس مقتضى الحسابات الاقتصادية

«فاينانشيال تايمز»: السعودية تسعى لفك رموز «تعويذة» سوق النفط

تقلبات السوق النفطية والاستراتيجية السعودية

النفط: تراجعات سِعْرية، خيارات سياسية

أسباب انهيار أسعار النفط

النفط بين النعمة والنقمة!

إذا كان الكل متعاونا.. إذن أين المشكلة؟

لماذا تبدو السعودية مجبرة على مواصلة ضخ النفط رغم انخفاض الأسعار؟

كيف يمكن أن تساعدنا الأرقام على فهم الاستراتيجية النفطية السعودية؟

إحياء صناعة النفط الصخري يتطلب سعر 55 دولارا للبرميل

غروب «أوبك» .. نهاية السيطرة الأحادية على عالم النفط والأعضاء تنتظرهم مرحلة تحول مؤلمة