غروب «أوبك» .. نهاية السيطرة الأحادية على عالم النفط والأعضاء تنتظرهم مرحلة تحول مؤلمة

السبت 14 مايو 2016 12:05 م

يعد قرار السعودية بتقليل اعتمادها على النفط بمثابة اعتراف نهائي أن دور المنتج المرجح الذي كانت المملكة العربية السعودية تشغله في أسواق النفط العالمية قد شارف على نهايته. ومن المرجح أن يكون لهذا القرار عواقب طويلة الأمد سواء بالنسبة إلى «أوبك» أو لأسواق النفط.

لم يمر العامان الماضيان بسهولة بالنسبة إلى «أوبك». وقد كان لانخفاض أسعار النفط الذي ضرب الأسواق منذ يونيو/حزيران عام 2014 أثر مدمر على ميزانيات الدول الأعضاء في المنظمة كما خلق صعوبات أمام صناعة النفط بوجه عام. الأزمة الحالية ليست مجرد انعكاس لتقلبات العرض والطلب، ولكنها تمثل تحولا هيكليا جاء مع ثورة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة. وقد أصاب الارتفاع غير التقليدي في أسعار النفط الأمريكي العالم على حين غرة وساهم بسرعة في تحويل أسواق النفط بعيدا عن الهيمنة التقليدية لمنظمة أوبك.

يمكن أن نقارن هذه العملية فقط باكتشافات بحر الشمال التي تسببت في وفرة مماثلة للنفط في الثمانينيات. ورغم ذلك، فإن كلا من الظروف ورد فعل أوبك كانا مختلفين قليلا هذه المرة. وخلافا لما حدث قبل 30 عاما، وربما مع أخدهما في الاعتبار الخبرة الناجمة عن تجربة الثمانينيات، فقد قررت كل من أوبك والمملكة العربية السعودية ألا تتجها إلى الحد من إنتاجهما، وبدلا من ذلك فقد وجها تركيزهما إلى الحفاظ على الحصص السوقية.

وكان المنطق وراء هذه الخطوة أن المنتجين مرتفعي التكلفة، وفي مقدمتهم قطاع الصخر الزيتي الأمريكي، لن يكونوا قادرين على المنافسة لفترة طويلة من انخفاض أسعار النفط. وقد أثبت هذا المنطق صحته من حيث المبدأ، ولكن الرياض قد هونت كثيرا من تقدير مدى قدرة ومرونة صناعة النفط الأمريكية.

وبعد مرور عامين على الأزمة، فإن قطاع النفط الصخري الأمريكي يمر بفترة صعبة من إعادة الهيكلة مع إعلان 59 شركة من شركات النفط إفلاسها بالفعل.

ومع ذلك، فإن الإنتاج الكلي لم ينخفض حتى الآن إلا بمعدلات ضئيلة نتيجة لتحسن الكفاءة الإنتاجية والانخفاض الكبير في التكاليف. وسوف يستمر الاتجاه نحو الانخفاض، وربما بمعدلات أكثر تسارعا، وهو ما سيسهم في نهاية المطاف في تقلص المعروض العالمي وإعادة التوازن للطلب وعودة أسعار النفط إلى الارتفاع ربما في وقت مبكر من عام 2017.

ولكن على الرغم من الأزمة الاقتصادية الحالية، فإن قطاع الصخر الزيتي الأمريكي لديه آفاق قوية. تطوير حقل صخري جديد، على الرغم من ارتفاع تكلفته مقارنة بالمشاريع البحرية، يستغرق عاما واحدا فقط. كما أن النفط الصخري في أمريكا الشمالية لديه أقصر دورة عودة ممكنة بعد توقف الإنتاج من كل المشاريع في جميع أنحاء العالم. في مثل هذه الظروف، فإن صناعة النفط الصخري في أمريكا الشمالية لديها القدرة على استعادة معدلات إنتاجها بسرعة بمجرد تعافي الأسعار.

مستقبل أوبك

سوف تكون الضحية الرئيسية للتراجع الحالي في أسعار النفط هي المشاريع البحرية في المياه العميقة، والتي تأخذ سبع سنوات في المتوسط حتى يتم تطوير أحد المشاريع للدخول في الإنتاج. وفقا لشركة الاستشارات ««IHS، فقد تراجعت عملية الاستكشاف الجديدة في الاحتياطيات النفطية إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من 60 عاما. وإذا لم يتحسن معدل الاستكشافات الجديدة، فإن العالم قد يواجه عجزا قدرة 4.5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2035.

ماذا يعني هذا بالنسبة لمستقبل «أوبك» وأسواق النفط؟ على الرغم من أعضائها سوف يبقون، بشكل فردي، من اللاعبين المهمين في أسواق النفط العالمية، فإن التجمع في جوهره قد فقد فعليا قدرته على السيطرة على أسعار النفط العالمية. وهذا بلا شك يضعف تماسكه، ويحتمل أن يؤثر على الديناميات السياسية في الشرق الأوسط.

وباستخدام مصطلحات الجغرافيا السياسية، فإنه مع صعود الصخر الأمريكي، فإن عالم النفط قد تحول من القطبية الأحادية، التي يسيطر عليها «أوبك»، نحو التعددية القطبية، حيث تتنافس المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وروسيا، جنبا إلى جنب مع صغار المنتجين الآخرين، على نيل حصص سوقية أكبر.

على المديين القصير والمتوسط، فإن مثل هذا السيناريو سوف يستحث أسعار النفط في الوقت الذي يستمر فيه الإنتاج في الانخفاض. ومع زيادة المنافسة، فمن الصعب أن نتوقع أن الأسعار سوف تصل إلى مستويات ما قبل عام 2014 في أي وقت قريب. على المدى الطويل، فإن غياب وجود أي جهد منظم للسيطرة على الأسعار سوف يجلب المزيد من التقلبات إلى أسواق النفط. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تحرك عالمي نحو اقتصاد غير معتمد على الكاربون سوف يضع المزيد من الضغوط على الدول المنتجة للنفط.

الشيء الإيجابي الوحيد الذي قد يخرج من هذه الاتجاهات هو إدراك الاقتصادات المعتمدة على النفط أن التنويع هو المفتاح لتحقيق الاستدامة الاقتصادية المستقبلية في بيئة أسعار النفط المنخفضة. تتمتع المملكة العربية السعودية بوضع جيد لتحقيق ذلك. ولكن الغالبية العظمى من أعضاء المنظمة سوف يضطرون إلى الذهاب نحو مراحل انتقالية أشد إيلاما.

  كلمات مفتاحية

السعودية انخفاض أسعار النفط أوبك النفط الصخري

«أوبك» لم تعد فاعلة .. ويبدو أنها لم تكن يوما كذلك

«التليجراف»: الاستراتيجة النفطية السعودية تدمر منظمة «أوبك»

هل نجحت سياسة «أوبك» في عدم تخفيض إنتاج النفط؟!

الانخفاض الكبير: مقامرة النفط السعودية

«فورين بوليسي»: ثورة النفط الصخري تحطم قواعد اللعبة

أحد أكبر البنوك الاستثمارية في العالم: عهد النفط الرخيص انتهى

أسعار النفط خالفت التوقعات

وزير الطاقة القطري السابق يستبعد نظرية المؤامرة في تراجع أسعار النفط

مسؤولون بـ«أوبك» يتوقعون تحسن سوق النفط