«أوبك» لم تعد فاعلة .. ويبدو أنها لم تكن يوما كذلك

الاثنين 22 فبراير 2016 02:02 ص

ليس من المستغرب أن «أوبك» قد وجدت صعوبة بالغة في تنسيق استجابة موحدة تجاه الانخفاض في أسعار النفط. وقد كانت «أوبك»، كمنظمة سياسية واقتصادية، غير قادرة إلى حد كبير على تحقيق الأهداف الرئيسية لها منذ إنشائها في عام 1960.

لم تكن «أوبك» قادرة على منع الانخفاض السريع في أسعار النفط الخام في الأوقات التي تم خلالها إغراق السوق من قبل مصادر بديلة خارج «أوبك». وعلى مدى العقود القليلة الماضية، فقد تدهورت المنظمة إلى أبعد من ذلك. حتى الآن، فإن المحاولات المفترضة لتحقيق استقرار السوق من خلال الحفاظ على مستويات إنتاج شهر يناير/كانون ثان هي محاولات جوفاء وقاصرة بشكل كبير بالمقارنة مع كل فائض المعروض في السوق.

وترجع عدم فاعلية «أوبك» في تحقيق أهدافها الرئيسية إلى عاملين رئيسيين، قضايا العمل الجماعي فيما يتعلق بأعضائها ونمو النفط خارج «أوبك».

في الوقت الذي يحاول خلاله البشر أو المنظمات أو الحكومات الانخراط في أي سلوك للعمل الجماعي، فإنه غالبا ما يكون هناك توتر متأصل ما بين مصلحة الجماعة والمصلحة الفردية. من الصعب مقاومة المصالح الخاصة لشخص أو منظمة أو بلد، يمكننا أن نرى هذا مرارا وتكرارا مع فشل الاتفاق حول أي سلوك جماعي بسبب غلبة المصلحة الفردية.

لدى أعضاء «أوبك» أرضية مشتركة بشأن مسألة أسعار النفط نفسها، والسعي للحصول على أسعار أعلى، ولكن مستوى الإنتاج يخضع في نهاية المطاف إلى سيطرة الدول الأعضاء وهو يخضع مباشرة إلى المصلحة الذاتية لكل منتج. هذا يخلق مشكلة المنافسة الحرة، حيث يأمل كل عضو في أن يتحمل الأعضاء الآخرين تكاليف ارتفاع أسعار النفط من خلال خفض إنتاجهم، ما يتيح له الاستفادة من ميزة الأسعار المرتفعة دون حمل أعباء مناظرة. كما أن العديد من صغار المنتجين لا يشكل إنتاجهم الفردي فارقا كبيرا. المشكلة هي أن جميع المنتجين يعرفون ذلك بوضوح.

قضايا العمل الجماعي على هذه الشاكلة تمثل مصدرا كبيرا للقلق بالنسبة إلى التجمعات أو المنظمات التي تحتاج إلى العمل معا من أجل تحقيق هدف أساسي. من الذي يتحمل الأعباء ومن الذي يجني الفوائد؟ وهل هي فوائد شاملة أو حصرية؟ كل هذه العناصر وغيرها تحكم إطار العمل في المسائل المختلف عليها داخل المجموعة نفسها، وتحدد ما إذا كانت قادرة على تحقيق أهدافها أو تلبية الغرض الذي تمت إقامتها من أجله.

وفقا لمنطق «مانكور أولسون» حول موضوع العمل الجماعي، فإنه ينبغي علينا أن ننظر إلى الغرض الأساسي من التنظيم. دائما ما تهدف المنظمات إلى تعزيز مصالح أعضائها المؤسسين. وفي حالة «أوبك»، بدأت المنظمة في الأساس بأهداف اقتصادية وسياسية. ولكن بعد استقرار المنظمة في السبعينيات فقد ركزت فقط على تعزيز الأهداف الاقتصادية لأفرادها والتي تكمن في المحافظة على أعلى سعر ممكن للنفط جنبا إلى جنب مع المحافظة على استقرار الأسواق.

في هذه الحالة بالذات، فإن الاستدامة هي أمر مهم للغاية. لأن دفع الأسعار نحو الصعود سوف يطلق ببساطة ردود فعل سلبية بشأن الطلب في الدول المستهلكة، والتي قد تضر في نهاية المطاف عائدات المنتجين على المدى الطويل.

ومرة أخرى، فإن «أوبك» كان ينبغي عليها الحد من أهدافها بشكل كبير بسبب النمو في الإنتاج من المصادر النفطية خارج «أوبك» والذي تم تحفيزه منذ أزمة السبعينيات. في هذه الفترة، كانت «أوبك» قد وصلت إلى قمة سلطتها السياسية والاقتصادية، قبل أن تعاني بشكل كبير بفعل موجة الانهيار في الأسعار في الثمانينيات. وبصرف النظر عن الصدمة النفطية التي قادتها «أوبك» في السبعينيات، فإنها لم تنجح في أي وقت لاحق في تحقيق أي من أهدافها السياسية.

على مدى عمر «أوبك»، أصبح السوق مقيدا ومكتلا بشدة. ازدادت التنافسية داخل سوق النفط بفعل الكشف عن مصادر جديدة للطاقة. وفي هذا الصدد يمكننا أن نقول أن «أوبك» قد بدأت تعمل في سوق تنافسية منذ الثمانينيات عندما بدأت كميات هائلة من النفط لتشق طريقها إلى الأسواق العالمية من الدول في بحر الشمال مثل المملكة المتحدة والنرويج ليصبحوا لاعبين أكبر في صناعة النفط. في الواقع، فإن الحصار الذي فرضته «أوبك» قد دفع الدول الأخرى إلى السعي نحو تطوير حقول جديدة، وفي الواقع فإنه قد لعبا دورا كبيرا في تنشيط صناعة الحفر ، وليس فقط في بحر الشمال، ولكن أيضا في ألاسكا، وكندا ورمال خليج المكسيك النفطية.

في بيئة سوقية يكون فيها العرض مرتفعا، فإن تقييد الإنتاج في مواجهة انخفاض الأسعار يضع البلد الذي يقدم على هذه الخطوة في موقف ضعيف للغاية دون أن يحقق تأثيرا يذكر على أسعار النفط، وهو درس آخر تعلمته الولايات المتحدة في الثمانينيات. في مثل هذا الوضع، فإن المصالح الخاصة لكل دولة تتعارض بشكل مباشر مع مصالح الدول الأخرى. حاليا، بسبب زيادة العرض، وضعف التنسيق بسبب الإشكاليات التقليدية لتكوين موقف جماعي، فإن المنظمة في الوقت الراهن تعاني شللا غير عادي.

ورغم أن تجميد إنتاج النفط قد يبدو على أنه شكل من أشكال تنسيق السياسات، فإنه ببساطة لن يكون بمقدوره أن يحقق الكثير. إيران، البلد الذي يخرج الآن من سكون العقوبات لينفتح على الأسواق من جديد، لن تقوم بتجميد أو خفض صادراتها. ويرجع ذلك إلى أنها ترى أن صادراتها قد تم خفضها بالفعل بفعل العقوبات، وأنها لن تساعد منتجي «أوبك» الآخرين من خلال تخفيضات من تلقاء نفسها.

وعلاوة على ذلك، ومن زاوية القدرة الإنتاجية، فإن منتجي «أوبك» يضخون بالفعل كميات كبيرة من قدراتهم القصوى من أجل مساعدة أنفسهم في مواجهة مشكلات عجز الموازنة. يمكنهم الآن أن يقترحوا العمل على إيجاد أرضية للسعر من خلال الحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية، ولكن هذا ببساطة يرجع إلى كونهم لا يستطيعون الضخ بمعدلات أكبر من المعدلات الحالية. لا يمكن أن نطلق على هذه الحالة تنسيق سياسات.

منذ أن بدأت أسواق الطاقة في النضوج خلال الثمانينيات، فإن الوظيفة الأبرز التي قامت بها «أوبك» هي وضع العبء غير المتناسب في المقام الأول على المملكة العربية السعودية، مع دفعها إلى تكثيف طاقتها الإنتاجية الفائضة من أجل تهدئة أسواق النفط والحفاظ على مستويات أسعار معينة. هذه المساهمة في استقرار أسواق النفط جديرة بالملاحظة، ولكنها لم تكن أبدا نتيجة للتنسيق الفاعل للسياسات داخل «أوبك»

المصدر | أويل برايس دوت كوم

  كلمات مفتاحية

السعودية أوبك إنتاج أوبك المنتجون خارج أوبك النفط أسعار النفط انخفاض أسعار النفط

أسباب انهيار أسعار النفط

«التليجراف»: الاستراتيجة النفطية السعودية تدمر منظمة «أوبك»

«بلومبيرغ»: السعوديون عازمون على غزو السوق الأوروبي مع احتدام المنافسة النفطية

هل نجحت سياسة «أوبك» في عدم تخفيض إنتاج النفط؟!

ضعف منظمة «أوبك» هو التحقق من الواقع بالنسبة للسعودية

هل يمكن أن تؤدي ”المغامرة السعودية“ إلى تقويض منظمة «أوبك»؟

«أوبك»: خطوات أخرى قد تعقب اتفاق تجميد الإنتاج

إيران قد تطلب إعفاءها من نظام الحصص في «أوبك»

روسيا: وزراء نفط من «أوبك» وخارجها سيجتمعون في منتصف مارس

غروب «أوبك» .. نهاية السيطرة الأحادية على عالم النفط والأعضاء تنتظرهم مرحلة تحول مؤلمة