«أوبك».. سقف الإنتاج في مهب الريح

الأربعاء 17 يونيو 2015 02:06 ص

مثلما كان متوقعاً، اتفق أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» مؤخرا على تثبيت سقف إنتاجهم من النفط الخام عند مستوى 30 مليون برميل يومياً. وهذا يعني ضمنياً السماح للدول المنتجة داخل وخارج إطار المنظمة بزيادة إنتاجها بالقدر الذي يناسبها. ويبدو أن المساعي الرامية للمضاربة على الأسعار لمواجهة النفط الصخري الأميركي بدأت تتلاشى بسبب التحسن المرتقب في أسعار الخام.

وكانت أسعار النفط قد شهدت انخفاضاً كبيراً العام الماضي بعد أن رفضت «أوبك»، تخفيض الإنتاج من أجل امتصاص فائض المعروض منه في الأسواق. وتسبب ذلك في خسارة 100 ألف فرصة عمل بقطاع الصناعة النفطية فضلاً عن تريليون دولار من الخسائر الناتجة عن إلغاء مشاريع استثمارية فيه.

والذي حدث مؤخراً هو أن اللاعبين الأساسيين لم يترددوا عن زيادة الإنتاج. ففي شهر أبريل الماضي، ووفقاً لبيانات صادرة عن الوكالة الدولية للطاقة، بلغت صادرات «أوبك» 31.2 مليون برميل يومياً، وهو الأعلى منذ شهر سبتمبر 2012. وكان «أبريل» هو الشهر الثاني عشر على التوالي الذي يشهد ارتفاعاً في الإنتاج يفوق سقف الـ30 مليون برميل يومياً المحدد رسمياً من طرف المنظمة. وكانت السعودية تضخ النفط الخام بأقصى طاقتها، واحتفظت بطاقة إنتاجية تزيد على 10 ملايين برميل يومياً. ولم يتفوق عليها في هذا التوجّه الحماسي لزيادة الإنتاج إلا دولة نفطية قوية من خارج «أوبك» هي روسيا. ففي شهر مايو الماضي، كانت تستخرج من آبارها 10.7 مليون برميل يومياً بالمقارنة مع السعودية التي تستخرج 10.2 مليون برميل يومياً. وكانت تلك هي المرة الأولى التي تستعيد فيها روسيا موقعها على رأس قائمة الدول المنتجة للنفط منذ عام 2010.

وعملت صناعة النفط في الولايات المتحدة كل ما في وسعها حتى تبدو أمام العالم بمظهر الطرف الذي لا يكترث كثيراً لما يحدث في الأسواق. وفي شهر مايو، بلغ معدل إنتاجها 9.4 مليون برميل من النفط الخام يومياً، أو ما يمثل زيادة بمعدل 2.7 بالمئة عن مجمل إنتاجها في شهر يناير، والأعلى على الإطلاق منذ عام 1972. وقال «ريان لانس» الرئيس التنفيذي لشركة «كونوكو فيليبس» أثناء انعقاد مؤتمر «أوبك» الأسبوع الجاري، أن تحقيق تخفيض إضافي يتراوح بين 15 و30 بالمئة في تكلفة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، سيسمح لأفضل المنتجين الأميركيين بالحصول على الأرباح من نفط برنت حتى عندما ينخفض سعر البرميل إلى 40 دولاراً.

يبدو كلام «لانس» غير دقيق ومنافٍ لواقع الحال في نظر المنتجين التقليديين الذين يحاولون تسليط الضغوط على الخام الصخري الأميركي. وتوقعت «الإدارة الأميركية لمعلومات الطاقة» أن يبدأ إنتاج الخام بالانخفاض من جديد هذا الشهر، وأن يواصل انخفاضه حتى شهر سبتمبر قبل أن يعود إلى التحسّن. ويمكن القول إن الأسعار المتوقعة في المستقبل لن تكون مرتفعة إلى الحدّ الذي يمكنه أن يدفع بشركات النفط الأميركية لإعادة العمل في الآبار المحفورة أصلاً والجاهزة للإنتاج، ولا بتلك التي لم يكتمل حفرها بعد.

ولا يبدو هذا الوضع كافياً بالنسبة للسعودية. فلقد قال وزير النفط السعودي بكل جرأة ووضوح يوم الاثنين الماضي إن الأمور تسير في «الاتجاه الصحيح»، وأن استراتيجية المملكة تعمل باتجاه تخفيض العرض كلما زاد الطلب. ولا شك أنه لن يشعر بالسعادة إلا بعد أن يضع الغرور الأميركي في موضعه الصحيح.

والآن، بدأت كل من السعودية وروسيا بالتكيّف مع أسعار أكثر انخفاضاً للنفط. ولقد أعلنت السعودية عن ميزانيتها العامة في ديسمبر الماضي على أساس أن يحافظ سعر البرميل على مستوى 60 دولاراً. وكان من الممكن أن تشعر بالمزيد من الآلام الناتجة عن انخفاض الأسعار إلى الحدود التي بلغتها بالفعل لولا العوائد الاستثمارية لـ«صندوق الثروة السيادية»، الذي بلغ حجمه الإجمالي 731 مليار دولار. وأما روسيا، فلقد صاغت ميزانيتها على أساس أن يكون سعر البرميل 50 دولاراً، لكن، ونظراً لأن السعر كان أعلى من ذلك، فلقد اكتسب «الروبل» قيمة سوقيّة أعلى من تلك التي تستهدفها السلطة السلطات، وهذا ما دفع البنك المركزي الروسي إلى شراء الدولار واليورو من الأسواق.

  كلمات مفتاحية

أوبك النفط النفط الصخري طاقة الإنتاج حرب أسعار النفط

وكالة الطاقة: الطلب العالمي على النفط سيقفز بعد هبوط الأسعار

أمين عام «أوبك»: النفط الصخري ظاهرة لن تزول ويجب التعايش معها

السعودية تواصل تضييق الخناق على النفط الصخري الأمريكي

«ذي إيكونوميست»: تراجع أسعار النفط لم يكبح طفرة النفط الصخري

الانخفاض الكبير: مقامرة النفط السعودية

نهاية «أوبك»؟

بفضل العراق والسعودية.. إنتاج «أوبك» يرتفع لأعلى مستوى في 3 سنوات

النفط بعد «أوبك»

روسيا: لا نية لدينا لمناقشة خفض إنتاج النفط مع «أوبك» في موسكو