كيف أصبح اتفاق الطائف حذاء ضيقا على اللبنانيين؟

الأربعاء 17 يوليو 2019 10:34 ص

في خطوة مفاجئة ولافتة في توقيتها وأبعادها، زار وفد يضم رؤساء الحكومات اللبنانيين السابقين، "فؤاد السنيورة"، و"نجيب ميقاتي"، و"تمام سلام"، السعودية، الإثنين الماضي.

ووفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس"، فقد بحث الوفد اللبناني مع الملك "سلمان بن عبدالعزيز" آخر المستجدات على الساحة اللبنانية، وجرى التأكيد على أهمية الحفاظ على لبنان ضمن محيطها العربي، والعلاقات الأخوية بين البلدين وحرص المملكة على أمن لبنان واستقراره.

ورأى خبراء أن زيارة رؤساء الحكومة اللبنانية السابقين للسعودية بمثابة استغاثة من زعماء سنة لطلب الدعم السياسي والمادي من المملكة، فيما لمح آخرون إلى أنها قد تكون محاولة ابتزاز للسعوديين باحتمال البحث عن راعي جديد لطائفتهم في أنقرة.

وبينما غاب عن الزيارة رئيس الحكومة اللبناني الحالي "سعد الحريري"، قال "السنيورة"، في تصريحات صحفية عقب وصوله جدة، إن "الحريري حملنا رسالة تعزيز العلاقة بين لبنان والسعودية، فهي علاقة تعبر عن احترام واستقلال وسيادة لبنان".

وشدد "السنيورة" على "أهمية إعادة الاعتبار لـ(اتفاق) الطائف والدستور وبسط سلطة الدولة (اللبنانية) على كامل أراضيها (...) منذ فترة نشهد خطوات كبيرة من السعودية تجاه لبنان، والحكومة هي من ترعى الاتفاقات".

وأكد أن "على لبنان أن يواجه التحديات بموقف موحد، والأهم هو النأي بالنفس قولا وعملا".

وبصرف النظر عن نتائج الزيارة المعلنة أو غير المعلنة، فإنها تأتي في لحظة يبدو فيها أن رئيس الدولة الجنرال "ميشيل عون"، وصهره وزير الخارجية "جبران باسيل"، قد عزلا "الحريري" تماما عن أداء مهمته.

إذ تجتمع الحكومة في قصر الرئاسة بصورة مستمرة، وبالتالي برئاسة رئيس الدولة، ووزير الخارجية يحتل دائرة الضوء، بمواقف وتصريحات ضد اللاجئين السوريين فيما يبدو كحملة قومية عنصرية يريد فرضها على الشارع اللبناني.

وأخيرا تولى زعيم "حزب الله" اللبناني "حسن نصرالله"، في خطابه الأخير، تحديد ملامح السياسة الخارجية للبنان وملامح التزامات البلاد العسكرية على المستوى الإقليمي، ولم يعد "الحريري"، بالتالي، يتمتع بأي من مظاهر السلطة، ما يستفز الشارع السني بصورة كبيرة، مع شعور بالتهميش.

ومنذ انسحاب السعودية من لعبة النفوذ في لبنان، وحتى قبل ذلك، فإن الممسك بزمام السلطة الحقيقية هو "حزب الله" ممثل الطائفة الشيعية باعتبار أنه الطرف اللبناني الوحيد الذي يمتلك السلاح.

وتواجه الحكومة اللبنانية المثقلة بأحد أكبر أعباء الدين العام في العالم أزمة مالية تريد معالجتها بإصلاحات منتظرة منذ وقت طويل.

والسعودية إحدى الدول الداعمة للبنان منذ فترة طويلة، لكن العلاقات بين البلدين توترت في السنوات القليلة الماضية بسبب زيادة نفوذ جماعة "حزب الله" اللبنانية المدعومة من إيران في لبنان.

وفي تحول عن محاولات الضغط على لبنان بسبب دور "حزب الله"، ألغت السعودية تحذيرا لمواطنيها من السفر جوا إلى بيروت هذا العام.

وفي مقابل إشارة "السنيورة" الصريحة، إلى ضرورة إعادة الاعتبار لـ(اتفاق) الطائف والدستور وبسط سلطة الدولة (اللبنانية) على كامل أراضيها، رأي خبراء أن الاتفاق وصيغته بشكل عام، كانت في البداية لتقاسم السلطة بين المسلمين والمسيحيين الذي خاضوا حربا أهلية.

وذكر الخبراء في تحليل أورده موقع "مونت كارلو"، أن خطوط المعركة السياسية تغيرت في الوقت الحاضر بشكل جذري، مع بروز "حزب الله" بدعم إيراني.

ولفت الخبراء إلى أن المواجهة الآن أصبحت بين معسكري السنة والشيعة، بينما انقسم الشارع المسيحي بين المعسكرين، وهو ما يدفع ببعض المراقبين اللبنانيين للقول بأن اتفاق الطائف لم يفشل لأنه لم يكن موضوعا للحالة الراهنة.

واتفاق الطائف، هو اتفاق تم التوصل إليه بوساطة المملكة العربية السعودية في 30 سبتمبر/أيلول 1989 في مدينة الطائف.

وأنهى الاتفاق الحرب الأهلية اللبنانية، التي استمرت قرابة 15 عاما، وحضره 62 نائباً لبنانياً من أصل 73.

ووفق الخبراء، فإنه ربما كان من الأفضل خلال اللقاء الحديث عن الصيغة أو المنطق الطائفي في تقاسم السلطة وإدارة البلاد.

وذكر الخبراء أن هذا المنطق الطائفي في تقاسم السلطة أدى، عمليا، للقضاء على السياسة في لبنان، واقتصار اللعبة على مناورات بين الرموز الطائفية المختلفة للحصول على مناصب مفرغة من السلطة الحقيقية.

وأضاف الخبراء بسبب هذا المنطق الطائفي أصبح كل استحقاق خاص بانتخاب رئيس جمهورية (يجب أن يكون مارونيا) واختيار رئيس للحكومة (يجب أن يكون سنيا)، أصبح كل من الاستحقاقات السياسية الرئيسية عملية غاية في الصعوبة تستغرق سنوات طويلة تظل أمور اللبنانيين خلالها معطلة بانتظار انتهاء مناورات ومفاوضات زعماء الطوائف.

ورأى الخبراء أن هذا الوضع ربما يطرح السؤال عما إذا كان النظام الطائفي في لبنان هو كأننا نطلب من رجل في الأربعين أن يرتدي حذاء كان له عندما كان في العاشرة من العمر؟

المصدر | الخليج الجديد+ متابعات

  كلمات مفتاحية

العلاقات اللبنانية السعودية اتفاق الطائف السنيورة سعد الحريري

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء اللبناني يستعرضان الأوضاع الإقليمية

وفد سعودي رفيع المستوى يزور لبنان الإثنين

وكالة إيرانية تنضم للحملة على المصارف اللبنانية وتلوح بردود فعل غير متوقعة

وقف بث «نايل سات» من لبنان ووقف قناة «المنار»

ولي العهد السعودي يبحث مع رئيس وزراء لبنان مستجدات المنطقة وأزمة النازحين السوريين

دعما لأمن واستقرار لبنان.. السعودية تجدد تمسكها باتفاق الطائف