مشروع قانون يعتمد الفرنسية في التعليم يثير جدلا بالمغرب

الخميس 18 يوليو 2019 04:03 م

أثار تمرير لجنة التعليم بمجلس النواب المغربي لمشروع القانون الإطار للتربية والتكوين، الذي ينص على تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية بدلا من اللغة العربية، جدلا واسعا في الشارع المغربي.

وحذر المدافعون عن اللغة العربية من المشروع، واصفين إياه بـ"فرنسة التعليم" كما خلف قلقاً داخل حزب "العدالة والتنمية" ذي المرجعية الإسلامية، الحزب الرئيسي بالحكومة الذي امتنع نوابه باللجنة عن التصويت، ما سمح بالتمرير.

ويثير مشروع قانون الإطار، الذي قدمته الحكومة، نقاشا حادا في الأوساط الثقافية والسياسية الحزبية التي ترى فيه خضوعا لـ"اللوبي الفرنكوفوني" في وقت تتراجع فيه اللغة الفرنسية بالعالم، ونجح معارضو القانون في وقت سابق في سحب الحكومة لمشروعها قبل إعادته للنقاش وتقديمه لمجلس النواب للمصادقة عليه.

ووافقت اللجنة البرلمانية بالأغلبية على قانون لإصلاح التعليم، تسمح إحدى بنوده بتدريس بعض المواد باللغة الفرنسية.

وصوت لصالح المادة الثانية، التي تعتبرها بعض الأحزاب جاءت لفرض الفرنسية، نواب الأغلبية الحكومية، باستثناء الكتلة النيابية للعدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحكومي)، كما صوت بنعم أيضا نواب الأصالة والمعاصرة (معارض). 

وامتنع عن التصويت، نواب حزبي العدالة والتنمية، والاستقلال (معارضة).

وتقول أوساط حزب العدالة والتنمية إن امتناع الحزب عن التصويت كان حلا للتعبير عن عدم الموافقة، وفي الوقت نفسه الحفاظ على استقرار الأغلبية الحكومية، كما تحدثت تقارير عن تعليمات المراجع العليا لتمرير المشروع.

ومن جانبها، قالت حركة التوحيد والإصلاح المغربية، إن المصادقة على مشروع قانون يعتمد الفرنسية في التعليم، يرهن مستقبل التعليم بخيارات لا تنسجم مع الدستور، ولا تتماشى مع متطلبات تعليم المستقبل.

وحذرت الحركة في بيان لها من خطورة مآلات التصويت على مشروع القانون المتعلق بالتربية والتكوين في لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب.  

وأعلنت الحركة عن رفض كل القرارات التي تمس مكانة اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية، واستنكار اعتماد لغةٍ أجنبية لغة للتدريس مع الإصرار على تعميم التدريس بها في مختلف مراحل التعليم.

ودعا البيان الحكومة والأحزاب السياسية لتحمل مسؤوليتها التاريخية في المحطات التشريعية القادمة، التزاما بدستور البلاد وتحصينا لمكانة اللغتين الرسميتين في التعليم، وفي الإدارة، وفي مختلف مجالات الحياة العامة.

نصوص دستورية

وتنص المادة الثانية من قانون إصلاح التعليم، على اعتماد التناوب اللغوي، وذلك بتدريس بعض المواد، وخصوصا العلمية والتقنية منها، أو أجزاء بعض المواد بلغة، أو بلغات أجنبية.

وانتقدت أحزاب وجمعيات، في بيانات سابقة لها، اعتماد الفرنسية فقط في تدريس عدد من المواد، وعدم اعتماد اللغة الإنجليزية، رغم أن مشروع القانون ينص على التدريس باللغات الأجنبية.

وينص الدستور المغربي في فصله الخامس على أن تظل العربية اللغة الرسمية للدولة، وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها.

وتعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة دون استثناء.

وتعود بداية عودة فرنسة التعليم المغربي إلى العام 2015، عندما أصدر وزير التربية الوطنية السابق "رشيد بلمختار" مذكرة طالب فيها مسؤولي الوزارة الجهويين بتعميم تدريس المواد العلمية والتقنية في المرحلة الثانوية باللغة الفرنسية.

وينص الدستور في فصله الخامس على أنه "تظل العربية اللغة الرسمية للدولة، وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها، وتعدُّ الأمازيغية أيضاً لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيداً مشتركاً لجميع المغاربة دون استثناء".

واعتمد المغرب سياسة تعريب التعليم منذ عام 1977، لكن هذه السياسة ظلت متعثرة، وبقيت المواد العلمية والتكنولوجية والرياضيات تُدرَّس باللغة الفرنسية في التعليم الثانوي بالبلاد، إلى مطلع تسعينات القرن الماضي، وعقب ذلك تقرر تعريبُ جميع المواد حتى نهاية مستوى البكالوريا، مع استمرار تدريس العلوم والاقتصاد والطب والهندسة باللغة الفرنسية في جميع الجامعات والكليات والمعاهد حتى اليوم.

ويستمر الخلاف في المغرب بين المدافعين عن اللغة العربية، والداعمين للفرنسية، بين من يعتبرون هذه الأخيرة "إرثا استعماريا"، ومن يقولون إنها بوابة المغاربة "للانفتاح على العالم".

وبالرغم من أن الدستور المغربي يبرز أن اللغتين العربية والأمازيغية هما اللغتان الرسميتان للبلاد، لكن اللغة الفرنسية تحضر بشكل قوي.

مستعمرات فرنسية

ولا يعاني المغرب وحده من المشكلات المتعلقة باللغة، ففي الجزائر، وهي أيضا مستعمرة فرنسية سابقة، يتعلم الطلاب اللغة العربية في المدارس ليجدوا أنفسهم بعد ذلك في مواجهة الفرنسية في الجامعات والعمل.

وتعكس هيمنة اللغة الفرنسية، استمرار تأثير باريس في المنطقة، ففرنسا هي صاحبة أكبر استثمارات أجنبية مباشرة في المغرب وتوظف شركات كبرى مثل "رينو" و"بيجو" لصناعة السيارات عشرات الآلاف من المغاربة.

وتخصص جامعات خاصة مثل الجامعة الدولية للرباط مقررات دراسية موجهة للصناعات العالية النمو مثل الفضاء والطاقة المتجددة وتدرس موادها بالفرنسية والإنجليزية.

واللغة الفرنسية، لا غنى عنها حتى بالنسبة للأعمال التي لا تتطلب شهادة جامعية، فعلى الموقع الفرنسي الخاص بوكالة دعم الوظائف في المغرب يبحث كل أصحاب العمل تقريبا عن موظفين يتحدثون الفرنسية، بما في ذلك وظائف الحراس والنُدل والطهاة والسائقين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اللغة الفرنسية أمل المغاربة لإنجاح الاقتصاد

وزيرة التربية الجزائرية: لا أتقن العربية .. والفرنسية لغتي الأولى

البرلمان المغربي يقر اعتماد الفرنسية في التعليم