رفع الراية الهاشمية و«قلب الشماغ» البدوي الأردني

الجمعة 19 يونيو 2015 03:06 ص

دغدغ استدعاء الراية الهاشمية في مراسم عسكرية مهيبة مشاعر الكثير من الاردنيين، وأسهب الكثير من المحللين والمراقبين في تفسير دلالات وأسباب ودوافع استدعاء الراية بعد 500 عام على أول مرة استخدمت فيه.

ورغم تقليل مستشار الملك للشؤون العسكرية رئيس هيئة الاركان المشتركة الفريق أول الركن «مشعل الزبن» من دلالات الراية ومحاولته لجم خيال المحللين في تفسير دلالات توقيت تسليم الراية للقوات المسلحة إلا أن الجدل ظل حاضرا وما يزال سيل الاقلام في هذا السياق متواصل، ويعزو المحلل الاستراتيجي «د.عامر السبايلة» ذلك الافراط في التفسير والتحليل الى ان الاردنيين لم يعتادوا المكاشفة والمصارحة والحديث معهم مباشرة في الخطوات والقرارات المستقبلية.

ولذلك، تباينت التفسيرات والتحليلات بين من رأى في الراية رسالة إلى تنظيم «داعش» نظرا للتشابه بين راية التنظيم والراية الهاشمية، اذ أن كلا الرايتين تحملان شعار «لا اله الا الله محمد رسول الله»، وهو شعار يحمل دلالة دينية وشرعية ما يشي بأنها محاولة لنزع الشرعية الدينية عن تنظيم الدولة، وهذا التفسير قد يدعمه حديث «الزبن» حين أكد أن «الراية لا يوجد أولى من الاردنيين لحملها، وهي ليست راية حرب بل هي رايتنا وراية شعار الاسلام».

بالمقابل، ربط آخرون بين إعادة إحياء الراية الهاشمية وما تشهده العلاقة الأردنية السعودية من فتور واختلاف حول أولويات المرحلة وطريقة معالجة الازمات التي تشهدها المنطقة، ففي حين ترى السعودية في محاربة المد الإيراني في اليمن وسوريا أولوية لها، يصر الأردن على أن الحرب على الإرهاب وتنظيم «داعش» تحديدا أولوية ملحة وأن انزلاق السعودية في المستنقع اليمني يعرقل الجهود الرامية للقضاء على «داعش» في العراق وسوريا.

ولو عدنا إلى تصريحات «الزبن» في سياق كشفه عن مغزى ارتداء الجنود الذين استلموا الراية «الشماغ» مقلوبا ، حيث أكد ان قلب «الشماغ» رسالة للاخرين – دون ان يحددهم – بأن صبر الأردن قد نفذ، إلا أن اللافت اتهامه لدول صديقة – دون أن يسمها – بخذلان الأردن.

وعلى سبيل المقاربة، نشير إلى أن الملك «الحسين بن طلال» كان يطلق لحيته ويوجه بمناداته بالشريف «الحسين» كلما اختلف مع السعودية في سياق المناكفة من خلال استدعاء الإرث التاريخي للهاشميين في الحجاز.

ولكن، تبقى الدلالة المحتملة الأكثر تداولا هي ما ذهب إليه البعض من أن استدعاء الراية الهاشمية وإرث الثورة العربية الكبرى يمهد لتحرك عسكري أردني توسعي شرقا باتجاه العراق وشمالا باتجاه سوريا.

وفي هذا السياق، جدد الكاتب «ماهر أبو طير» طرحه حول توسع المملكة وتممدها، ورأى ان من حق أي دولة التفكير في توسيع حدودها وملكها سيما في ظل ما قد تشكله أزمات دول الجوار من مخاطر وجودية بالنسبة للأردن، وهذا يستدعي تحركا استباقيا للسيطرة على مناطق حدودية شرقا وشمالا.

وقد تكون تصريحات «الزبن» حول التحول الخطير في عقيدة المؤسسة العسكرية من الدفاع إلى الردع وكذلك الحديث عن تحول دراماتيكي في الصراع في سوريا يسرع في إسقاط النظام وسيطرة المعارضة المسلحة التي تحظى بقبول ودعم أردني على العاصمة دمشق، فتحت المجال لخيال البعض في رسم سيناريوها مستقبلية للملكة ومن بينها تحول المملكة الأردنية الهاشمية إلى مملكة عربية عاصمتها عمان.

ولكن، غفل الحالمون بتوسع وتمدد الدولة الاردنية عن معطيات قد تعرقل حلمهم إن كان له نصيب في عقل وتفكير صناع القرار، إذ أن من يسعى للتوسع أو يطمح باستنساخ تجربة الشريف «الحسين بن عون» وإحياء مشروع النهضة العربية عليه بداية أن ينطلق من الداخل بنموذج نهضوي يصلح للتصدير والاستنساخ.

ويرى مراقبون أنه قبل التفكير بالتوسع شمالا وشرقا لابد من التوسع جنوبا، باتجاه معان تحديدا، تلك المدينة التي احتضنت الشرارة الأولى للثورة العربية الكبرى، ومنذ ذلك التاريخ قدر لها أن تظل خارج فكر الدولة، فلم تنجح الحكومات المتعاقبة في تنمية المدينة وإحداث نهضة اقتصادية وفكرية واجتماعية فيها، بل تحولت بفعل السياسات العشوائية إلى بؤرة للفكر المتشدد والمعادي للدولة.

وقبل أن تفكر الدولة بالتوسع، لابد من النظر إلى الزرقاء وأربد وعجلون والبادية والطفيلة وباقي المحافظات، والنهوض بواقع الخدمات والتنمية فيها.

قبل التوسع، لابد من أردنة الخطاب السياسي، وتطوير الأدوات الإعلامية لبناء رأي عام ومخاطبته، ولابد من النهوض بالنظام التعليمي والثقافي والصحي وترسيخ قيم العدالة والمساواة واحترام حقوق الانسان وصون الحريات والكرامة الانسانية.

باختصار، حين تتخلى الدولة الأردنية عن العقلية القبلية وفكر الثأر والفزعة، وحين يصبح المواطن شريكا في صنع القرار أو على أقل تقدير يمنح الحق في الاطلاع على القرارات المستقبلية المصيرية، وحين تصنع نموذجا عصريا وتحقق انجازات تستمد منها الشرعية السياسية والفكرية، بدلا من استدعاء مخلفات الماضي والتمسك بإرث زالت ظروفه وأسبابه، حينها فقط يمكن للدولة أن تكبر.

  كلمات مفتاحية

الأردن الراية الهاشمية العراق سوريا السعودية الملك عبدالله الثاني الفتور السعودي الأردني

الأردني يسأل: هل تتمدد المملكة الهاشمية؟

رسائل أردنية ”ملغومة“ إلى السعودية و«الدولة الإسلامية» والسلطتين السورية والعراقية

ملك الأردن يؤكد على واجب بلاده في دعم العشائر شرقي سوريا وغربي العراق

استدعاء «الراية الهاشمية» .. الدلالة والرسالة؟

ما الذي تريده الأردن بتوجهها إلى إيران؟

مرة أخرى عن «طوفان الأسئلة والتساؤلات» !

شركات أمريكية وفرنسية تفوز بعقود تطوير سلاح الجو الأردني

الأردن ينفي نيته التوسع خارج حدوده على حساب دول الجوار

القصة الكاملة لمداولات «التوسع الهاشمي»

المملكة العربية الجديدة... فرضيات أردنية للتوسع

بعد أن انتهى «موسم» محاربة التطرف؟!

الأردن .. إسلامية أم علمانية؟!