هنا عرفة.. منسك لا يفرق وجبل يوزع الرحمات

السبت 10 أغسطس 2019 09:28 ص

هنا عرفة، بزي موحد يغمره اللون الأبيض، في زمان ومكان واحد غربي السعودية في التاسع من شهر ذي الحجة، تتوحد الألسنة على تلبيات تلهج برجاء قائلة: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك". 

لا فرق بين عربي أو أعجمي في تلك البقعة المقدسة التي تتوهج والحجاج يأتون "من كل فج عميق"، يصعدون جبل الرحمات، ونفوسهم تتمنى مغفرة ذنوب ولو "كانت مثل زبد البحر"، ففيه وقف نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم.

وعرفة أو عرفات مسمى واحد عند أكثر أهل العلم لمشعر يعد الوحيد من مشاعر الحج الذي يقع خارج الحرم، وليس بعرفة سكان أو عمران إلا أيام الحج غير بعض المنشآت الحكومية

وهو عبارة عن سهل منبسط به جبل عرفات المسمى بجبل الرحمة الذي يصل طوله إلى 300 متر وبوسطه شاخص طوله 7 أمتار، فيما يحيط به قوس من الجبال وتره وادي عرنة. 

ويقع على الطريق بين مكة المكرمة والطائف شرقي مكة بنحو 22 كم وعلى بعد 10 كم من مشعر منى و6 كم من المزدلفة بمساحة تقدر بـ10.4 كم مربع. 

  • أفضل يوم عند الله

هنا ينتظر الحجاج بالمنسك الأعظم "عرفة" أن تفتح بوابة الوصول إلى المغفرة؛ فهو كما ورد عن نبي الإسلام "أفضل يوم عند الله". 

ففي هذا اليوم -والكلام لنبي الإسلام- "ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي". 

وفي هذا اليوم الملئ بالرحمات، تأتي الرحمة الأكبر وفق الحديث من رب الأكوان؛ حيث "لم ير يوما أكثر عتقا من النار من يوم عرفة". 

وبعرفة نزل على رسول الله قول الله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" (المائدة -3). 

وعندما يقف الحجيج في عرفات ينتصب أمامهم مسجدة "نَمِرة" (بني في القرن الثاني الهجري ويتسع حاليا لأكثر من 300 ألف مصلٍ). 

وفي عهد النبي كان نمرة جبل نزل به محمد صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في خيمة ثم خطب خطبة الوداع، بعد زوال الشمس وصلى الظهر والعصر قصرا وجمعا وبعد غروب الشمس تحرك منها إلى مزدلفة. 

وحاليا يأتي جمعٌ من الحجاج يوم عرفة إلى مسجد نمرة، ليستمعوا إلى خطبة خطيب المسجد، ثم يصلون الظهر والعصر بأذان وإقامتين، ثم يشرعون بالدعاء والتضرع لله تعالى حتى غروب الشمس. 

كما في عرفات مسجد الصخرات وهو أسفل جبل الرحمة عـلى يمين الصاعد إليه وهو مرتفع قليلا عن الأرض يحيط به جدار قصير وفيه صخرات كبار وقف عندها رسول الله الإسلام في عرفة وهو على ناقته. 

لا يمر الحجاج في تلك بقاع عرفات، وهم يقرأون تاريخها الأول، إلا ومشهد وداع نبي الإسلام لأصحابه وأمته، تتطلع له القلوب، والألسنة تلهج بالتلبية، ولا يغادرون الدعاء في تلك البقاء "لعلها ساعة الإجابة". 

فـ"الحج عرفة"، كما يقول نبي الإسلام، ولذا لا مفر من أن يكون أكثر من 2 مليون حاج، وفق حصيلة أولية سعودية، يشهدون نسماته الإيمانية، ومنذ فجر ليلة السبت، بين طلوع الشمس وغروبها يبحثون عن الغفران، ويستمعون ظهرا لخطبة عرفات، قبل الصلاة ثم المغادرة إلى مزدلفة. 

وإذا كان مليونان يبحث عن الغفران؛ فأغلب مسلمي العالم عادة ما يرون الحج في تلك الوقفة الأشهر على جبل عرفات، ويتابعون تلبية الحجاج عبر الشاشات والإذاعات ومنصات التواصل، على أمل أن يكونوا في العام المقبل على جبل الرحمات ومنسك لا يفرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

وقفة عرفات الحجاج