«طالبان» تواجه حنق «الدولة الإسلامية».. الطفل الجديد على مائدة المسلحين

الأربعاء 24 يونيو 2015 10:06 ص

في بيان عن هجوم يوم الإثنين على البرلمان الأفغاني في كابول، قالت حركة «طالبان» إنها شنت الهجوم ليتزامن مع تصويت لتأييد وزير الدفاع الجديد.

ولكن وراء هذا الادعاء الصريح توجد لعبة معقدة للمزايدة بين الزعيم السري والمنعزل لـ«طالبان» «الملا عمر» و«أبو بكر البغدادي»؛ زعيم «الدولة الإسلامية» الذي نصب نفسه خليفة.

وتركت التساؤلات حول قيادة «الملا عمر»، والتي اقترنت بالاقتتال القبلي وطموحات «طالبان» الشابة، مجالا وفرصة لم تتردد «الدولة الإسلامية» في استغلالها.

وفي يناير/كانون الثاني من هذا العام أعلن «البغدادي»، على نحو فعال، أفغانستان ملكا له وضمن حدود خلافته، عندما أعلنها جزءا من ولاية خراسان، وهي مقاطعة ضمن الخلافة التي أعلنها، وحدث أن أعلنت مجموعة من ذوي الرتب المتوسطة من مقاتلي «طالبان» ولاءها لـ«البغدادي»، بسبب عدم رضاها عن «الملا عمر».

اشتباكات عديدة

وطردت حركة «طالبان» بسرعة المنشقين على اعتبار أنهم عناصر مجرمة، ولكت بلا شك أن الحركة اهتزت وانزعجت بشكل واضح من التوغل الجريء من «الدولة الإسلامية» إلى منطقة نفوذها، وهناك سبب وجيه لقلقهم، فقد كان هناك اشتباكات متعددة مع عناصر «طالبان» التي انشقت لتنضم لـ«الدولة الإسلامية» وعناصر «طالبان» التي بقت موالية لـ«الملا عمر»، ووقع أخطر هذه الاشتباكات في ولاية ننجرهار، التي تقع على الحدود مع باكستان؛ وهي المنطقة التي قيل إنها باتت في يد «الدولة الإسلامية» بعد قتال عنيف هناك.

ولا تشارك «طالبان» المتفاخرة بقوميتها رؤية «البغدادي» فيما يتعلق بفكرة الخلافة العالمية، فحركة «طالبان» تعتبر أن نضالها مقتصر على أفغانستان والمناطق الحدودية لباكستان، كما تستند عقيدة «طالبان» إلى نسخة من الإسلام، أخف إلى حد كبير من تجاوزات الأصولية الإسلامية الوحشية التي تنتهجها «الدولة الإسلامية»، ولا تحترم الفكرة التي يملها «البغدادي» ومؤيدوه أي حدود إقليمية أو مخاوف قومية.

وجاء في طيات خطاب وصل للصحافيين الأسبوع الماضي معنونا بالتوجيه إلى« أبو بكر البغدادي»، تحية إعزاز وتقدير من «الملا عمر» بكل أدب إلى زعيم «الدولة الإسلامية»، والتي سرعان ما تحولت بعد عدد قليل من السطور إلى رسالة تحذير واضحة: «إن إمارة أفغانستان الإسلامية بحكم الأخوة في الدين تتمنى لكم الخير، وليس لديها نية للتدخل في الشؤون الخاصة بكم، وعلى أساس المعاملة بالمثل، فإننا نأمل ونتوقع نفس الشيء منكم».

باختصار؛ لا شأن لكم بنا ولا شأن لنا بكم، وليمض كل منا في طريقه ونحو هدفه، ولكن من المرجح أن «البغدادي» لم يول أي اهتمام ليس لهذه الرسالة، وكان لحملة الدعاية التي تعتمد عليها «الدولة الإسلامية» بجانب الانتصارات التي حققتها على الأرض أثر كبير في دفع العديد من المنظمات الإرهابية لإعلان مبايعة «البغدادي» والانضواء تحت راية «الدولة الإسلامية»، وليست مجموعة «أنصار الشريعة» في ليبيا سوى أحدث حلقة في القائمة المطولة التي تضم «أنصار بيت المقدس» في سيناء بمصر، و«بوكو حرام» في نيجيريا، إن انضمام الحركة الأم والأساس لكل الجماعات المتشددة، حركة «طالبان»، إلى نفس ذات الحظيرة سيكون أمرا غير عادي، إذا لم يكن انقلابا محتملا.

ومع ذلك؛ فإنهم مثل تنظيم «القاعدة» من قبلهم، وجدوا أنفسهم وقد طغى عليهم طفل جديد بات هو الأبرز في كتلة المتشددين، فكل جماعة متطرفة تبرز على السطح يكون موعد اندثارها أو اختفائها من بؤرة الأضواء بظهور واحدة أقوى منها أو أشد منها وحشية، وتمتلك استراتيجية أكثر قوة، ولديها القدرة على جذب المجندين بدعايتها، وحريصة ومستعدة للقتال والموت، ونفس المصير سوف يصيب بالتأكيد «الدولة الإسلامية» إذا لم يتم هزيمتها بالفعل قبل أن يحدث ذلك، ولكن في الوقت الراهن، على الأقل، فإن «أبو بكر البغدادي» له اليد العليا.

حركة «طالبان» محنكة ميدانيا، وعلى مستوى عال من القتال، فقد صمد أسلافهم المجاهدون ضد السوفيات قبل تولي «طالبان» السلطة في كابول في عام 1996، ثم طردوا في وقت لاحق إلى الجبال من قبل الأمريكان وحلفائهم في عام 2001، وفي الوقت الراهن؛ وبينما تكمل الولايات المتحدة انسحابها، فإنهم يستعيدون الأرض المفقودة، ولكنهم في الوقت ذاته وجدوا أنفسهم غير متأكدين بشان ما عليهم القيام به تجاه الإصدار الأحدث والأكثر فتكا من الإرهاب الجهادي، والذي يبدو أنه أخذ خطوة نحو الأرض الخاصة بهم.

دعاية الانقلاب؟

وفي هذا الصدد؛ كان الهجوم على البرلمان محاولة لاستعادة السيطرة على المبادرة، لتحقيق ضربة جريئة مذهلة وكبيرة في رمضان، ضربة دعائية من شأنها أن ترسل رسالة إلى أنصار «الملا عمر» بأن «طالبان» راسخة وأن من يترددون في دعمها ظنا أنها انتهت فها هي موجودة وبقوة، ورسالة لـ«البغدادي» بأنك خليفة على نفسك، وإياك أن تفكر فيما ليس لك.

إذا كان هذا هو القصد، فإن الخطة قد جاءت بنتائج عكسية بشدة؛  لأنها على الرغم من أنها أظهرت القدرة على اختراق قلب كابول، فإنها جاءت في مكان قريب ما أدى إلى نوع من الضرر الذي يذهب باتجاه عناوين كبرى في عالم المتشددين، بل على العكس، تحول الخبر إلى خبر جيد، حيث كانت هناك استجابة فعالة من قوات الأمن الافغانية التي نجحت في منع مجزرة كبيرة لساسة البلاد، وقتلت جميع المهاجمين الستة.

وعلاوة على ذلك؛ فإن الاعتداء سوف يعقد، إن لم يعرقل تماما، المحادثات التي بدأ صداها يتردد بعض الشيء بين «طالبان» والحكومة حول نوع من تقاسم السلطة ضمن اتفاقية أو صفقة كانت في طور التخمر.

«البغدادي» والمجندون الجدد في قواته في أفغانستان يعتبرون ذلك فوزا، هم يعتبرون أن أي من هذه الترتيبات منافية للإسلام، لأن من شأنها أن تنطوي على تحالف مع السياسيين الذين يعتنقون قيم الديمقراطية الغربية التي يحتقرها هو ويرفضها تماما.

لذلك ربما منح الهجوم الفاشل على البرلمان الأفغاني لـ«الدولة الإسلامية» سببا، ولكن هنا ملاحظة تحذيرية تقول: كما اكتشف البريطانيون منذ أكثر من 150 سنة والأمريكيون وحلفاؤهم هذا القرن، فإن أفغانستان هي البلد الذي كسر في نهاية المطاف ظهور أي تدخلات خارجية، وقد يندم «البغدادي» على اليوم الذي بدأ يقترب فيه من «طالبان».

  كلمات مفتاحية

طالبان الدولة الإسلامية أفغانستان القاعدة أبو بكر البغدادي الملا عمر الولايات المتحدة

«طالبان» ضد خلافة «البغدادي»: «الدولة الإسلامية» محكوم عليها بالفناء في أفغانستان

استئناف محادثات السلام بين واشنطن وحركة طالبان في الدوحة بوساطة قطرية

العراق وأفغانستان: الانسحاب بعد فشل ... وخراب

«طالبان»: نسعي لإقامة علاقة طيبة مع إيران ونرحب بأي دور سعودي

مقتل قائد بارز بتنظيم «الدولة الإسلامية» في أفغانستان

«ستراتفور»: انفجار إعلامي عكسي للجهاديين ضد «الدولة الإسلامية»

زعيم «طالبان»: المحادثات مع كابول شرعية

«فيسك»: «أمير الأحياء» الملا «عمر» يموت للمرة الرابعة