«ناشيونال إنترست»: هل يقلق المحور السعودي الروسي الجديد الولايات المتحدة؟

الخميس 25 يونيو 2015 08:06 ص

قام نائب ولي عهد المملكة العربية السعودية، الأمير «محمد بن سلمان»، بزيارة مفاجئة إلى روسيا الأسبوع الماضي، والتقى الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» على هامش منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي الدولي.

زيارة «محمد بن سلمان»، ودعوته «بوتين» لزيارة والده الملك، لا تضيف سوى تكهنات بأنه بعد عدة سنوات من العلاقات المجمدة فإن التعاون السعودي الروسي يتحسن في نهاية المطاف.

وهذه أخبار سارة؛ فعلى الرغم من أن العلاقة السعودية-الروسية تثير بعض القلق بالنسبة للولايات المتحدة، إلا إنها قد تكون مفتاحا لاستقرار وسلم أكثر في منطقة الخليج والشرق الأوسط التي تعصف بها الاضطرابات.

وتمخض الاجتماع عن ست اتفاقيات بشأن جملة من القضايا؛ أبرزها إنتاج الطاقة النووية المدنية والطاقة بصفة عامة، وكانت الإعلانات عن محتويات الاتفاق غامضة، وربما تبقى التفاصيل النهائية غير معروفة حتى زيارة «بوتين» المرتقبة إلى المملكة، كما شملت أيضا مجالات التعاون الممكنة؛ بما في ذلك استكشاف الفضاء، وتطوير البنية التحتية، والتجارة، وكل ذلك من شأنه دفع عجلة الاقتصاد الروسي البطيئة بسبب العقبات المفروضة.

وكان الاتفاق الرئيسي عبارة عن إطار قانوني للتعاون النووي المدني؛ حيث ذكر التلفزيون السعودي أن البلاد ربما تدفع لروسيا لإدارة وتشغيل ما لا يقل عن ستة عشر مفاعلا للطاقة النووية المدنية، وإذا كان هذا الكلام صحيحا؛ فإن مثل هذا الاتفاق سيكون مفيدا بشكل كبير لكلا الجانبين؛ وقد تحصل شركة «روساتوم» الروسية على عقد مربح يسد الفراغ الذي أصاب خزائن الحكومة، بينما سيكون السعوديون قادرين على تصدير كميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي الذي يستخدم حاليا لتلبية ارتفاع الطلب المحلي على الطاقة.

ويثير التعاون المتنامي بين المملكة العربية السعودية وروسيا بالتأكيد بعض المخاوف بالنسبة للولايات المتحدة، وأهمها، قدرة روسيا الجارية على تخفيف العقوبات الأمريكية عبر البحث عن شركاء بديلين، تماما مثل التجارة الروسية الأخيرة، أو صفقات الطاقة والتمويل مع الصين، أو  المشروع المشترك للتنقيب عن النفط مع شركة «شتات أويل» النرويجية، وزيادة التعاون مع المملكة العربية السعودية يقدم لنظام «بوتين» مصدرا للدخل، والذي يمكن أن يعوض بعض الخسائر الناجمة عن العقوبات الأمريكية والأوروبية ضد روسيا.

محاولات روسيا إيجاد شركاء تجاريين جدد هو أمر بالغ الصعوبة توقعه، ومع ذلك؛ فإن اتفاقات الأسبوع الماضي، على العكس، غير ضارة إلى حد كبير، فعلى سبيل المثال؛ لا خلاف أبدا على التعاون في مجال استكشاف الفضاء، وعلى الرغم من الإعلان عن مجموعة عمل سعودية روسية جديدة لمشاريع النفط والغاز المشتركة، إلا إنه لم يكن هناك اتفاق بشأن أكثر المسائل تأثيرا وهي مستويات إنتاج النفط، ومن ثم فإنه ليس هناك حاجة لواشنطن لأن تقلق أو تنزعج من هذا التقارب، وحتى اتفاق التعاون النووي نفسه، فقد سبق أن وقعت المملكة العربية السعودية اتفاقيات للتعاون النووي مع دول مثل فرنسا، في حين يسمح بالتعاون المدني أن يطرح على طاولة النقاش، ولكن في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي.

وفي الواقع؛ هناك احتمالية كبيرة لأن تكون الزيادة الملحوظة في التعاون السعودي الروسي مفيدة لأهداف الولايات المتحدة الدبلوماسية، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، وكان بين الدولتين علاقات دبلوماسية محدودة منذ بدء الصراع في سوريا، حيث إن الدعم الروسي القوي لنظام «بشار الأسد» يتعارض مع الدور السعودي في تمويل وتسليح المتمردين المناهضين له.

وبالنظر إلى الآونة الأخيرة؛ نجد أن روسيا كانت على خلاف مع دول مثل المملكة العربية السعودية والدول الغربية بسبب نهجهم المتعلق بالأزمة في اليمن، حيث دعت مرارا وتكرارا إلى محادثات سلام ووقف إطلاق النار نظرا للظروف الإنسانية التي تعانيها اليمن، وقد وفرت علاقة روسيا التقليدية الوثيقة مع إيران الكثير من الأساس للعداء بين الدولتين، وتؤيد روسيا الاتفاق النووي الإيراني، على سبيل المثال، بينما يعارض السعوديون ذلك بقوة.

وما زال التعاون بشكل أوثق مع المملكة العربية السعودية فرصة سانحة لتحسين الاتصال والتفاوض بشكل أكثر فعالية بشأن قضايا رئيسية مثل سوريا واليمن وتنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا، وعلى الرغم من أن التحسن في العلاقات لن يفضي بدوره، بشكل تلقائي، إلى حل كثير من الخلافات في الرأي بين روسيا والمملكة العربية السعودية، إلا إن المحادثات الدبلوماسية رفيعة المستوى وبشكل متكرر بخصوص هذه القضايا ربما تكون مفيدة للغاية.

وعلى الرغم من أن اجتماع الأسبوع الماضي ركز في المقام الأول على القضايا التجارية، فقد أفادت تقارير حول مناقشة لعدد من القضايا الأخرى؛ بما في ذلك الأحداث في اليمن وتطوراتها، ومحادثات السلام الجارية في جنيف، وتقدم الزيارة المقبلة لـ«فلاديمير بوتين» إلى المملكة العربية السعودية فرصة أخرى ممتازة للتركيز على القضايا الأمنية في منطقة الشرق الأوسط والخليج، وتخفف المحادثات المباشرة بين روسيا والمملكة العربية السعودية حول هذه القضايا من العبء الملقى على كاهل الولايات المتحدة للتصرف كوسيط، وتزيد من فرص التعاون.

  كلمات مفتاحية

روسيا السعودية أسعار النفط الولايات المتحدة تعاون نووي محمد بن سلمان

«بروكينجز»: زيارة «محمد بن سلمان» لروسيا تعكس نفوذه المتزايد

«محمد بن سلمان» يبحث مع الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» الأوضاع في الشرق الأوسط

عن زيارة «محمد بن سلمان» إلى روسيا

«محمد بن سلمان» يتوجه إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»

«كريستيان ساينس مونيتور»: تقارب سعودي روسي على حساب واشنطن