أفاد بيان صدر عن الديوان الملكي السعودي أول أمس «أن زيارة ولي ولي العهد محمد بن سلمان إلى روسيا تأتي استجابة لدعوة من حكومة روسيا وتوجيه من خادم الحرمين الشريفين». وسيلتقي الأمير «محمد بن سلمان»، حسب البيان، الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» والمسؤولين الروس لبحث العلاقات وأوجه التعاون بين البلدين.
وتكتسب الزيارة أهميتها من الموقع الذي يمثله «محمد بن سلمان» في القيادة السعودية. حيث تعد الزيارة هي ثاني أرفع زيارة بعد زيارة الملك الراحل «عبدالله» في 2003 عندما كان وليا للعهد، فيما زار وزير الخارجية السابق «سعود الفيصل» موسكو مرتين خلال الأربع سنوات الماضية، وكانت أول زيارة لروسيا من قبل الملك «فيصل» عندما كان نائبا للملك في الحجاز في عام 1932 و يضيف لأهميتها كونها تأتي في ظل علاقات متوترة بسبب التعارض في موقفي البلدين من قضايا تتعلق بالملف السوري والعلاقة مع إيران ومؤخرا الأحداث الجارية في اليمن.
وتأتي الزيارة المتوقع أن يشارك فيها وزير الخارجية الجديد «عادل الجبير» على هامش المنتدى الاقتصادي الدولي ببطرسبورغ. وحول أسباب الزيارة قال «يوري أوشاكوف» مساعد الرئيس الروسي الأربعاء 17 يونيو/حزيران إن اللقاء سيناقش الأوضاع في اليمن وسوريا ومكافحة تنظيم «داعش» وغيرها من المواضيع، دون أن يجزم فيما إذا كان المجتمعون سيتطرقون إلى مسألة أسعار النفط.
ويشار أن الزيارة تمت بعد جهود بذلها السفير الروسي في الرياض «أوليغ أوزيروف»، من خلال عدة لقاءات مع «بن سلمان» منذ مطلع العام الحالي.
و تسعى روسيا لمعالجة كافة الفجوات التي سببتها المقاطعة الغربية لها من خلال تقوية علاقاتها مع دول أخرى ومن ضمنها الحلفاء الخليجيين لواشنطن، والذي تشعر روسيا أيضا بالقلق الذي يعيشونه من الموقف الأمريكي وربما تحاول أن تلعب على هذا الوتر بشكل أكبر من أجل إيجاد موطئ قدم لها في صياغة خارطة النفوذ في الشرق الأوسط، حيث ترى موسكو أن هذا هو الوقت الأنسب للقاء مع الدولة الخليجية الكبرى السعودية، وفي هذا السياق لطالما كان هناك لقاءات سعودية روسية في الأوقات التي تتوتر فيها العلاقة مع واشنطن.
وتشير مصادر روسية إلى أن هذه الزيارة تستبق زيارة مرتقبة للملك «سلمان» لروسيا، ولكن يبدو ذلك مستبعدا لأن الملك «سلمان» لم يشارك في القمة الخليجية الامريكية في كامب ديفيد، لكن ربما تقدم لزيارة قريبة من «بوتين» إلى الرياض. ومن جهة أخرى فإن بعض المراقبين يتساءلون حول إذا ما كان هناك تغيير في الموقف الروسي بعد التغييرات الداخلية في السعودية والتطورات الميدانية في سوريا، ولعل هذا ما سيحاول كل طرف فرضه في اللقاء.
ويبدو أن موسكو تحاول أن تعقد صفقة أو تهيئ الأوضاع لصفقة تشمل اليمن وسوريا من خلال مبادرة روسية تستبق انهيار النظام السوري بشكل مفاجئ بعد تقدم المعارضة السورية وتكبح من خلالها التقدم السعودي في اليمن حيث تشعر أيضا أن الرياض لا تريد توسيع نطاق عملياتها في اليمن وتريد التوصل لصيغة سياسية تحفظ التوازن لصالحها في حديقتها الخلفية.
ولعل الملف اليمني سيأخذ حيزا أكبر في النقاش نظرا لاستمرار العمليات السعودية ويشير إلى هذا أيضا تواجد وفد من جماعة الحوثي في موسكو قبل أسبوع من هذه الزيارة مما يؤكد أن موسكو تسعى للتوصل لتفاهمات في اليمن بشكل جدي بعد أن وجهت دعوات منذ بداية الأزمة تنادي بالحل عبر الطرق الدبلوماسية.
لا يعرف ماذا ستسفر عنه الزيارة من تفاهمات. ولكن من الواضح أنه سيتم توقيع اتفاقيات عسكرية واقتصادية ومن خلال علاقة روسيا بتركيا. رغم الخلاف في سوريا فإن روسيا نجحت مع تركيا في فصل السياسة عن الاقتصاد ولكن يبدو أن الوضع مع السعودية يبدو مختلفا قليلا نظرا للعلاقات الروسية الإيرانية التي تعتبر لغما في العلاقة في ظل الأولوية القائمة في السياسة السعودية لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة وهذا يفند ادعاءات أن تذهب العلاقة مع روسيا إلى مستويات عليا، إضافة إلى أنها منذ 4 سنوات تشهد توترا على الصعيد الثنائي خلالها استخدمت روسيا مكانتها في مجلس الأمن لصالح «نظام الأسد».
