ما الذي تعنيه شراكة سعودية روسية للطاقة العالمية؟

السبت 27 يونيو 2015 11:06 ص

كما لاحظنا في الآونة الأخيرة؛ هناك شكل من أشكال التحالف الغريب في جوهره بين كل من روسيا والمملكة العربية السعودية خلال الأسابيع الأخيرة. ما الذي سيحدث عندما تبدأ الدولتان، اللتان تنتجان معا أكثر من ربع الإنتاج النفطي العالمي، في التعاون في مشاريع طاقة في المستقبل؟

يوضح «غوراف أجنيهوتري» في مقالة له على «أوبل برايس دوت كوم»:

لقد التقى الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» بالأمير السعودي «محمد بن سلمان» في مدينة سانت بطرسبرج يوم 18 يونيو/حزيران خلال الاجتماع الذي قررت خلاله المملكة العربية السعودية وروسيا، اثنان من عمالقة النفط في العالم، تشكيل فريق عمل لمشاريع طاقة مشتركة.

«في نهاية العام» وتحديدا في أكتوبر / تشرين الأول، سوف نقوم بالدعوة إلى اجتماع للجنة الحكومية الدولية، التي لم تعمل لمدة خمس سنوات»؛ على حسب قول وزير الطاقة الروسي «ألكسندر نوفاك» مؤخرا في منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي. وأوضح كذلك أن بلاده لا تسعى لاستبدال شركاء النفط والغاز الحاليين، ولكن تريد إضافة  المزيد. وأضاف للصحفيين الذين التفوا حوله: «لا توجد مشاريع محددة في مجال الطاقة حتى الآن، ليس لدينا سوى الاتفاق على إنشاء مجموعة عمل بين وزارتنا ووزارة النفط السعودية، والتي تعمل جنبا إلى جنب مع شركاتنا التي تقوم بمشاريع محددة».

ما هي هذه المشاريع «المحددة» التي تتحدث روسيا تتحدث عنها؟ لماذا، في الوقت الراهن، بدأ يفكر أكبر منتجين للنفط في العالم في التعاون؟ هل هذا رد فعل طبيعي لعقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي استهدفت قطاع النفط والغاز في روسيا، وتحديدا استكشافه في القطب الشمالي وقطاع الحفر غير التقليدي؟

في شهر مايو / أيار، وصل إنتاج روسيا من النفط مستوى قياسي محققا 10.78 مليون برميل في اليوم الواحد، وهي الكمية التي اقتربت بشدة من نظيرتها خلال الحقبة السوفياتية في عام 1987. «لقد أثبت الإنتاج الروسي قدرته العالية على الصمود بقوة في ظل انخفاض الأسعار، وأنه لن يكون هناك مشكلة من زيادة الإنتاج خلال عام مقبل أو عامين»؛ على حد قول «جيمس هندرسون» من معهد أكسفورد لدراسات الطاقة. ويعتمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير على عائدات النفط والغاز لأنها تمثل أكثر من 50٪ من الميزانية الاتحادية.

وقد أثرت العقوبات الأمريكية والاتحاد الأوروبي بعد أزمة أوكرانيا على قطاع الطاقة في روسيا، وجعل الانخفاض المستمر في أسعار النفط الوضع أكثر صعوبة بالنسبة للكرملين. وفي أعقاب الإعلان الأخير من قبل أوبك بالحفاظ على مستوى إنتاجها المقدر بحوالي 30 مليون برميل يوميا، لم يكن لدى روسيا خيار سوى إنتاج المزيد من النفط من أجل الحفاظ على حصتها في السوق الخاصة به. «إننا نخسر حوالي 40 مليار دولار سنويا بسبب العقوبات الجغرافية السياسية، كما نخسر من 90 إلى 100 مليار كل عام نتيجة تراجع أسعار النفط بنسبة بلغت حوالي 30%»، على حد قول وزير المالية الروسي «أنطون سليونوف» في نوفمبر/تشرين الثاني 2014.

ومع التركيز على الشراكة مع الاقتصادات الأسيوية الناهضة التي لديها طلب محلي كبير على النفط والغاز، فقد وقعت أكبر شركة نفط في روسيا، روسنفت، عقود توريد نفط خام جديدة مع شركات صينية وهندية، في مسعى يهدف إلى تشكيل شراكات استراتيجية على المدى الطويل.

خطط الطاقة المستقبلية في المملكة العربية السعودية .. هل تناسب روسيا؟

المملكة الصحراوية حاليا في عملية إعادة هيكلة لأكبر شركة نفط وطنية، أرامكو السعودية، عن طرق فصلها عن قوة ونفوذ وزارة النفط في البلاد. ومع ما يقرب من 16% من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، وصندوق ثروة سيادية ضخم، فإن المملكة العربية السعودية لديها احتياطيات نقدية كافية لمواجهة تراجع أسعار النفط. 

تستعد المملكة العربية السعودية بالتحرك بعدوانية أكثر في الإنفاق على مشاريع الاستكشاف الجديدة. «إن الجزء الأكبر من هذا الإنفاق، التنقيب والإنتاج، سيكون في أنشطتنا التمهيدية لضمان الحفاظ على طاقة إنتاج النفط الخام كافية للمساعدة في استقرار سوق النفط العالمية في حال وقوع اضطرابات»؛ على حسب ما ورد في التقرير السنوي لشركة أرامكو 2014.

ويمضي التقرير إلى القول بأن آسيا ستكون منطقة نمو مهمة لاستثمارات أرامكو المستقبلية. ومع ذلك؛ فإن التقرير لا يشير إلى أي تعاون مستقبلي مع روسيا. في الواقع؛ فإن روسيا والمملكة العربية السعودية عارضتا بعضهما البعض بشأن قضايا مثل الهجوم السعودي على اليمن، وسياسة إنتاج منظمة أوبك، والحرب السورية. ومع ذلك؛ فإن الكثير قد تغير منذ أن اجتمع «بوتين» والأمير «محمد» في مدينة سانت بطرسبرغ.

وكان الاتفاق النووي المشترك، والذي شمل بناء مفاعلات جديدة للطاقة النووية، أحد وثائق التعاون الست التي وقعتها روسيا والمملكة العربية السعودية خلال الاجتماع. وفي الوقت الراهن ليس لدى المملكة العربية السعودية أي محطات للطاقة النووية الصناعية.

ما هو الحجم المحتمل للعلاقة بين روسيا والمملكة العربية السعودية؟

 

لدى المملكة العربية السعودية معدل عال من الإستهلاك المحلي للنفط لتلبية احتياجاتها من الكهرباء. وتخطط المملكة الصحراوية لبناء نحو 20 مفاعلا نوويا من شأنها أن توفر لها حوالي 15% من إجمالي الطاقة في السنوات الــ  20 المقبلة. وإذا كان للمملكة العربية السعودية أن تأخذ المساعدة الروسية في تطوير برنامجها للطاقة النووية، فإن كم الاستثمارات سيكون في حدود من 30 إلى 40 مليار دولار. من ناحية أخرى؛ فإن المملكة العربية السعودية قد تكون مهتمة بالاستثمار في أصول الصخر الزيتي غير التقليدية والتنقيب في المياه العميقة في روسيا.

وبالنظر إلى أن عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تحد من نقل تكنولوجيا النفط والغاز لشركات النفط الحكومية الروسية حديثة النشأة، فإن النتيجة المنطقية هي أن روسيا ستسعى إلى الحصول على التكنولوجيا السعودية المتقدمة المتعلقة بالاستخلاص المعزز للنفط والغاز والحفر، وخاصة بالنسبة للاستخدام في الحقول القديمة في غرب سيبيريا. ومع قائمة متنامية من مراكز البحوث العالمية في بكين وهيوستن وأبردين وماساتشوستس وغيرها، فإن شركة النفط الوطنية، أرامكو السعودية،هي أكبر مستثمر عالمي في تقنيات النفط والغاز الجديدة.

وقد التقت روسيا والمملكة العربية السعودية عدة مرات خلال العام الماضي لمناقشة إنتاج النفط واستراتيجيات التصدير. في حين لم يتمكنوا من الاتفاق على التنسيق، وذلك بسبب عدم استعداد روسيا لخفض إنتاج النفط بل وتقوم بزيادته، ويشير أحدث اجتماع إلى أن كلا البلدين ترى فرصة استراتيجية في نوع من التعاون. وسيتعين علينا أن ننتظر ونرى ما لديهم في جعبتهم.

  كلمات مفتاحية

روسيا السعودية أسعار النفط النووي السعودي العلاقات السعودية الروسية

ما الذي سعى إليه ولي ولي العهد السعودي من زيارته إلى روسيا؟

«بروكينجز»: زيارة «محمد بن سلمان» لروسيا تعكس نفوذه المتزايد

«محمد بن سلمان» يبحث مع الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» الأوضاع في الشرق الأوسط

عن زيارة «محمد بن سلمان» إلى روسيا

«المونيتور»: التوترات تتصاعد بين السعودية وروسيا

«بن سلمان» يلتقي «بوتين»: هل يمكن لموسكو أن تحصل على الكعكة وتأكلها أيضا؟

«سياسة اللامعقول» .. مقترح «بوتين» لتحالف رباعي يضم سوريا والسعودية وتركيا والأردن

«كريستيان ساينس مونيتور»: تقارب سعودي روسي على حساب واشنطن