«ميدل إيست آي»: فرنسا .. الصديق الجديد المفضل لدول الخليج

الأحد 28 يونيو 2015 10:06 ص

تبرز الزيارة التي يقوم بها لباريس هذا الأسبوع نائب ولي عهد المملكة العربية السعودية، الأمير «محمد بن سلمان»، والتوقيع على صفقات اقتصادية وعسكرية تقدر قيمتها بــ 12 مليار دولار أمريكي، تبرز العلاقات العميقة لفرنسا مع دول الخليج.

وفي مايو/أيار من العام الجاري أصبح الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند» أول زعيم غربي يحضر قمة قادة لدول مجلس التعاون الخليجي، وعلى مدى الأشهر الستة الماضية وحدها وقعت فرنسا اتفاقا بقيمة 3 مليار دولار مع الرياض لتوريد الأسلحة إلى الجيش اللبناني، وصفقة بقيمة 7 مليار دولار لبيع طائرات رافال لقطر، وأخرى بقيمة 5 مليارات دولار لبيع نفس الطائرات لمصر، بتسهيل من دعم مالي وسياسي من دولة الإمارات العربية المتحدة.

اقتراب فرنسا بهذه الصورة من دول الخليج ربما يظهر علامة على أهمية باريس في منطقة الشرق الأوسط، والتي ربما تتمثل في «ملء الفراغ» الناجم عن إحباط الخليج من الخط اللين الذي تنتهجه الولايات المتحدة مع إيران. ولكن في الواقع؛ يشير الواقع إلى طريقة أخرى: القرب الفرنسي الجديد لدول الخليج يعني دعما غير مشروط على نحو متزايد للسياسات الإقليمية للخليج. لاسيما وقد ضعفت قدرة «هولاند» على تحقيق نفوذ مستقل.

وتقف فرنسا داعمة خلف العملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن على الرغم من أن الدول الغربية الأخرى، ولا سيما الولايات المتحدة، تتحدث باستمرار عن العديد من مخاطرها، الأمنية والسياسية والإنسانية، ويضغطون من أجل إيجاد استراتيجية للخروج.

بديل لواشنطن

ويتم استخدام باريس من قبل دول الخليج لتأمين غطاء سياسي غربي مطلوب لمواقف إقليمية معادية على نحو متزايد. وبالتودد لفرنسا؛ فإن الخليج يرسل رسالة إلى واشنطن أنه بات بالإمكان أن يحدث تحول لمكان آخر للحصول على الدعم.

وبوضوح؛ فإن العتاد العسكري الفرنسي مفيد لدول الخليج، ويساعدهم على تنويع عمليات المحافظة على أمنهم في وقت الاضطرابات الإقليمية غير المسبوقة. وسوف تكون طائرات رافال إضافة قوية لدول الخليج، التي تقوم الآن بنشاط قتالي في جميع أنحاء المنطقة، سواء في اليمن أو ليبيا أو كجزء من تحالف مكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا. ولكن في نهاية المطاف؛ فإنه على الرغم من الإحباطات الحالية، لا تزال دول الخليج تنظر إلى الولايات المتحدة على أنها المظلة القوية لأمنهم، وأنها مصدر الدعم العسكري الرئيسي لهم، وأن الديناميكية السياسية هي التي تقود تعميق التواصل مع باريس.

وتحصل فرنسا على المكافأة والمقابل المادي لهذا الدعم. وفي ظل الوضع الاقتصادي في أوروبا الضعيف عن أي وقت سابق، فقد وضع «هولاند» فرنسا في الجزء الأمامي، في كثير من الأحيان كان سعي «هولاند» بدافع الحسد للأوروبيين الآخرين، مثل المملكة المتحدة، أملا في الحصول على نصيب أكبر من كل خير، وسعيا لجني مكاسب مادية من الخليج، والرغبة في الحصول على بعض الدعم الغربي و استعدادهم للإنفاق بمستويات غير مسبوقة.

وسواء أكان ذلك من خلال تقديم الدعم الكامل للتدخل في اليمن أو من خلال اتخاذ موقف أكثر تشددا وفقا للشروط التي يجري تقديمها إلى إيران كجزء من المفاوضات النووية، فقد نجحت باريس في تقديم نفسها على أنها أقرب حليف غربي للخليج، وكوفئت وفقا لذلك.

وفي بعض الحالات مثل إيران وسوريا، حيث اصطفت باريس إلى جوار الخليج في الدعوة إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزما للإطاحة بـ«بشار الأسد»، وهذا لا علاقة بالضرورة بانحراف كبير عن القراءة التحليلية الخاصة بقراءة فرنسا للوضع (على الرغم من أنه يبدو أن هناك بعض المخاوف في باريس بشأن استعداد دول الخليج للعمل مع مجموعة جبهة النصرة في سوريا والتي تتبع تنظيم القاعدة).

اصطفاف لكن دون مسؤولية

وفي مجالات أخرى، مثل قرار بيع طائرات مقاتلة للحكومة المصرية، أخذت فرنسا زمام المبادرة في أوروبا بشرعنة حكومة «عبد الفتاح السيسي»، أو تأييدها لدعوة التدخل السعودي في اليمن، وهذا الاصطفاف أو التوافق لا يعني بالضرورة أن الموقف صحيح، في ظل بعض المخاوف الفرنسية المستمرة بشأن العواقب المحتملة أو المرجحة فيما يخص الاستقرار الإقليمي، وبالتالي ما يعود على المصالح الأوروبية والفرنسية.

وفي كلتا الحالتين، كانت فرنسا قادرة على اتخاذ هذه المواقف دون تكبد أي عبء كبير من المسؤولية، من خلال، على سبيل المثال، الحاجة إلى اتخاذ خطوات عسكرية أحادية الجانب لدعم خطابها القوي عن طريق اقتراح أي رغبة حقيقية لمنع الاتفاق النووي الذي تتوسط فيه الولايات المتحدة في نهاية المطاف.

مثل الكثير من دول الخليج؛ ولا تزال فرنسا تنظر إلى الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات حاسمة في المنطقة، حتى في الوقت الذي تستفيد فيه مباشرة من الرغبة الأمريكية في التصرف كما تريد. ومن المفارقات؛ إنه إذا كان على واشنطن الرد على نحو أكثر إيجابية، وذلك تمشيا مع الطموحات الخليجية والفرنسية المعلنة، فإن باريس من المحتمل أن تفقد بسرعة موقعها المتميز المضمون حديثا مع دول الخليج.

من الواضح؛ أن العلاقات الفرنسية مع دول مجلس التعاون الخليجي تحكمها المنفعة المتبادلة في نواح كثيرة بشكل واضح، ولكن في نهاية المطاف لا يزال من غير المرجح أن تكون قادرة على تقديم شراكة استراتيجية ذات مغزى.

وربما تحصل فرنسا على مكافأة تجارية جديدة، ولكن يمكن الإشارة إلى تضاؤل دورها كعنصر فاعل له نفوذ إقليمي ذو مغزى؛ لأنها تقع على نحو متزايد بشكل مطلق تمشيا مع سياسات الخليج، حتى عندما كانوا يلعبون دورا في تغذية الظروف التي تمثل الآن تهديدات جديدة للمصالح الأوروبية، سواء من حيث الإرهاب أو الزيادة الهائلة في تدفقات اللاجئين.

وتعرف دول الخليج من جانبها ذلك، وعلى الرغم من أهمية وجدوى الغطاء السياسي الذي تقوم باريس، فإن فرنسا ستكون في نهاية المطاف غير قادرة وغير راغبة في خطوة أمامية ذات مغزى حتى من أجل مساعدتهم على معالجة الشواغل الإقليمية الأساسية.

  كلمات مفتاحية

دول الخليج فرنسا صفقة الرافال الدولة الإسلامية الحرب في اليمن

«محمد بن سلمان»: محادثاتنا في فرنسا أثبتت رغبة مشتركة في تعميق التعاون

«يديعوت»: هل أصبحت فرنسا لعبة بيد قطر؟!

«مجتهد» يكشف تفاصيل وقيمة صفقة تطوير الأسطول الغربي للسعودية مع فرنسا

العلاقات الفرنسية الخليجية تتقدم

فرنسا تخترق التحالفات التقليدية لمجلس التعاون

الخليج وفرنسا.. كسر الاحتكار الاستراتيجي

«التايمز»: فرنسا تحل محل بريطانيا كأهم حليف أوروبي لدول الخليج

«أولاند» يحل «ضيف شرف» على قمة مجلس التعاون الخليجي

محلل أمريكي: مسلمو فرنسا 10% من سكانها و70% من سجنائها