استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المنافسة على ميدالية الانتصار

الأحد 28 يونيو 2015 03:06 ص

لا لفحص المواقع العسكرية، لا لطرح أسئلة على علماء الذرة الايرانيين، لا لوقف البحث النووي، نعم للوقف الفوري لجميع العقوبات، هذه هي الخطوط الحمراء الجديدة التي وضعها الزعيم الأعلى لإيران علي خامنئي لطاقم المفاوضات.

بقيت ثلاثة أيام حتى موعد التوقيع على الاتفاق مع دول الغرب العظمى، وما زال من غير المؤكد أن يوقع الاتفاق في الموعد المحدد، وليس من المؤكد ايضا أن تمديد الموعد ببضعة ايام سيؤدي الى توقيعه. وحسب وثيقة وصلت الى وكالة "ايفي"، فان الدول الغربية وافقت على منح ايران تكنولوجيا نووية متقدمة لمساعدتها في بناء مفاعلات نووية جديدة وانتاج الوقود النووي. واتفقوا ايضا على تحويل مفاعل فورد والى مفاعل ينتج ايزوتوب بدلا من تخصيب اليورانيوم.

وتحصل ايران على مساعدة في مجال البحث والتطوير النووي لاهداف علمية وطبية. كل ذلك مقابل موافقة ايران على وجود رقابة مشددة ومكثفة على مفاعلاتها النووية ووقف تخصيب اليورانيوم فوق مستوى 3.5 بالمئة.

نشر هذه المسودة التي لا نعرف اذا كانت نهائية أو أنها ستكون جزء من الاتفاق، أثار الضجة، حيث ستتمكن ايران خلال فترة وجيزة من الحصول على القدرة النووية العسكرية.

جاء نشر المسودة قبل ايام من ارسال رسالة مفتوحة للرئيس اوباما من قبل اعضاء سابقين في الادارة الامريكية، منهم دنيس روس الذي كان مستشار اوباما للشؤون الايرانية والصراع الاسرائيلي الفلسطيني، وديفيد بتراوس الذي كان رئيس وكالة الاستخبارات المركزية وقائد القيادة الوسطى الامريكية، حيث يعبرون من خلال الرسالة عن قلقهم الشديد من أن الاتفاق سيُمكن ايران من تحقيق خططها النووية بسرعة. ويقولون إن الاتفاق لا يلائم المعايير التي وضعتها الادارة لـ "اتفاق جيد".

لكنهم لم يشاهدوا صيغة الاتفاق الحقيقية، ومثل باقي الكتاب الذين يعارضون الاتفاق في الولايات المتحدة، فانهم يستندون الى ما تم نشره. هذا هو طابع المفاوضات العلنية، حيث أن الضغط الجماهيري يزداد شيئا فشيئا، لكن مؤيدي الاتفاق ومعارضيه يتحدثون عن الامور التقنية ويتجاهلون الصلة السياسية الايرانية التي تدفع ايران منذ عامين الى اجراء مفاوضات لرفع العقوبات.

في الغرب يعتبرون أن العقوبات الشديدة على ايران هي التي دفعت الايرانيين لتغيير سياستهم، وكذلك التهديد بهجوم عسكري، كان له تأثير. لكن العقوبات استنفدت عندما توجهت ايران الى طريق المفاوضات، وتوقفت عن تخصيب اليورانيوم في مستوى 5 بالمئة وقللت اليورانيوم المخصب الذي كان في حوزتها. العقوبات موجودة الآن من اجل هدف جديد: الحصول على تنازلات ايرانية، حيث لا خيارات أمام ايران. اذا لم تتنازل فستبقى العقوبات كما هي، والتهديد العسكري سيزداد وسيتأخر ترميم الاقتصاد الايراني لبضع سنوات وستتوقف المنافسة على السيطرة في الشرق الاوسط مع السعودية وسيكون النظام امام امتحان وجودي صعب.

لكن هذا الادعاء لمؤيدي "الاتفاق الجيد" فيه مفارقة. من يدعي أن لا خيار أمام ايران فانه يعتبرها دولة عقلانية، تدير شؤونها حسب مصالح سياسية واقتصادية وليس حسب مواقف مسيحانية دينية. هذه الطريقة ترى أنه بالامكان التوصل الى الاتفاق مع ايران، وأن النظام بحاجة الى شرعية جماهيرية من اجل الاستمرار، ودولة لا يمكن الوثوق بها لا يمكن التوصل معها الى اتفاق. الرأي السائد هو أن وجود اتفاق سوف يغير الواقع ليس فقط في المجال التقني بل ايضا في مكانة ايران كجزء من المجتمع الدولي.

تدرك إيران جيدا التحول الذي قد يسببه الاتفاق، ليس فقط في مكانتها الخارجية بل ايضا في الداخل. من هنا الجدل الذي يدور بين المحافظين والراديكاليين وبين الحكومة والحركات الاصلاحية، كلما اقترب موعد التوقيع على الاتفاق. في الاسبوع الماضي أقر البرلمان الايراني قانون يمنع التوقيع على اتفاق يضر بانجازات الدولة وحقوقها في الموضوع النووي، أي إلحاق الضرر بمستوى التخصيب والبحث النووي واغلاق المفاعلات.

الحكومة والرئيس حسن روحاني يعارضون القانون، بزعم أن البرلمان ليس مخولا لسنه لأن الحفاظ على الثورة الاسلامية ووحدة ايران الجغرافية وسيادتها هي من صلاحية مجلس الامن القومي. تم نقل القانون للجنة محافظي الدستور التي ستفحص اذا كان هناك تناقض بين القانون وبين الدستور. وفي السياق من المتوقع نقل القانون الى لجنة مصالح الأمة، واذا كانت هناك حاجة فسيحسم الزعيم الاعلى الامر.

هذا ليس خلاف حول الصلاحيات بل هو على القوة السياسية. اذا تم التوقيع على الاتفاق فانه سيعتبر الانجاز الاكبر للاصلاحيين والمحافظين المعتدلين، والخلاف عليه يرتبط بشكل كبير بالتحضيرات لانتخابات البرلمان المتوقعة في شهر شباط. وقبل بضعة ايام هاجم وزير الداخلية السابق الذي كان في حكومة الرئيس محمد خاتمي، لجنة محافظي الدستور وادعى أنه لا صلاحية لها لغربلة المرشحين للانتخابات البرلمانية والرئاسة.

لكن اقوال الوزير السابق عبد الواحد موسوي لاري وجهت ضد خامنئي الذي يتمسك بموقف لجنة محافظي الدستور بأنها المخولة بالغربلة. غربلة المرشحين هي الأداة الاساسية والمهمة، وتستطيع اللجنة من خلالها ازالة من لا تريده، وبذلك تضمن أن اغلبية اعضاء البرلمان ستكون من لون سياسي واحد.

روحاني في المقابل أعلن أن "غربلة المرشحين هي امر يجب أن يحدده القانون وليس أي شيء آخر". القانون واضح حول من يحق له ومن لا يحق له ترشيح نفسه. الاجهزة الاخرى هي التي تجند وتوظف التفسيرات المريحة لها من اجل كبح مرشحين.

الانتخابات في شباط تزيد من المنافسة للحصول على ميدالية الانتصار عند توقيع الاتفاق، ومن يستطيع كسب نتائج الاتفاق سياسيا لأنه بعد الاتفاق ستعود ايران لتكون قوة نفط عظمى، ستتحول الى دولة شرعية يمكن إنشاء علاقات معها، وسيعيد الاتفاق ترميم الاقتصاد الايراني الذي يعاني من البطالة الكبيرة حسب معطيات النظام نفسه ولا سيما في اوساط خريجي الجامعات الذين وصلت نسبة البطالة في اوساطهم 40 بالمئة.

هذا هو قلب المفارقة السياسية التي تحدث الآن في ايران. فمن جهة يخشى الاصلاحيون من أن الاتفاق النووي سيزيد من قوة المحافظين الذين سيستغلون الوفرة الاقتصادية لزيادة القيود الدينية، وفي المقابل يتوقع النظام ازدياد قوة العناصر الليبرالية التي ستطالب باصلاحات في الحكم ولن تكتفي بالرفاه الاقتصادي الذي سيوفره الاتفاق.

من المشكوك فيه أن يحدث الاتفاق انقلابا في طريقة الحكم أو يؤدي الى انتصار ساحق لليبراليين في الانتخابات القادمة.

طريقة الحكم هي جزء لا يتجزأ من ثورة عام 1979 وتغييرها يشبه الغاء التجربة الشيعية الوحيدة لاقامة دولة الشريعة، وعلى رأسها يقف عالم ديني، وتربط بين الدين والدولة، بين ضرورة الاستماع الى صوت الجمهور وبين سمو كلام الله.

من هنا الخوف أن يتم تفسير الاتفاق ليس فقط وكأنه فرض من الخارج، بل كسابقة تعتبر ان النظام الايراني قد تهادن – مثل نظام الشاه الذي سبقه – وخضع للبرنامج اليومي الذي حددته الدول "الامبريالية".

  كلمات مفتاحية

إيران أمريكا الاتفاق النووي حسن روحاني الاقتصاد الإيراني

الاتفاق النووي .. ملامح الحلول الوسط بين واشنطن وطهران

إيران تستبعد تمديد المفاوضات شهورا رغم وجود عقبات كبيرة تعترض الاتفاق النووي

واشنطن وطهران.. أبعاد الفجوة التفاوضية

«الشورى» الإيراني يمنح هيئة أمنية تابعة لـ«خامنئي» صلاحية الموافقة على «الاتفاق النووي»

«أوباما» يوقع على قرار يخول الكونغرس بمراجعة الاتفاق النووي مع إيران