هكذا حول الفساد نهر دجلة إلى مصدر للأمراض في العراق

الجمعة 11 أكتوبر 2019 06:30 م

سلط تحقيق استقصائي مصور، الضوء على تحول نهر "دجلة" في العراق (يمر أيضا بتركيا وسوريا) من مصدر مهم للمياه النقية اللازمة للحياة، إلى مصدر لأمراض تفتك بملايين العراقيين، بسبب التلوث الناجم عن الفساد الحكومي.

واتهم التحقيق الذي بثته قناة "الجزيرة" القطرية الأربعاء، جهات حكومية عراقية بعدم القيام بدورها في حماية المصادر المائية، ليصبح نهر دجلة مكبا للنفايات، ومصبا لمياه الصرف الصحي، ما أدى إلى تلوث مياهه مثل معظم الأنهار الأخرى التي تجري في البلاد.

وأوضح التحقيق أن عشرات الأنابيب والسواقي المحملة بمياه الصرف الصحي، ومياه الصرف الزراعي، وتلك الآتية من المستشفيات والمصانع ومحطات الكهرباء، تصب في النهر الذي ينبع من تركيا.

وأشار التحقيق إلى أن هذه الكميات المهولة من الملوثات أفقدت "دجلة" قدرته الطبيعية على تنقية نفسه، خاصة خلال السنوات الماضية التي كان فيها منسوب مياهه منخفضا جدا. لكن حتى مع ارتفاع منسوبه، لم يتمكن من إعادة تنقية نفسه.

التحقيق الذي جاء بعنوان "دجلة.. النهر الموبوء" حمل أمانة العاصمة بغداد، التي شهدت في الأسابيع الأخيرة موجة احتجاجات شعبية استمرت عدة أيام، مسؤولية تلوث مياه النهر الذي يجري داخل الأراضي العراقية لحوالي 1400 كيلو متر.

والثلاثاء الماضي بدأت موجة احتجاجات عنيفة في العراق من بغداد؛ للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب ذات أكثرية شيعية.

وعرض التحقيق سلسلة مقابلات وشهادات مسؤولين وخبراء، أثبتت عدم صلاحية مياه الشرب التي توفرها أمانة بغداد، وتورط جهات حكومية في تلويث النهر، وقد يصبح ذلك مصدرا لأمراض قاتلة، تهدد حياة 8 ملايين شخص في بغداد.

وذكر التقرير أنه في عام 2016، كشف ديوان تقرير الرقابة المالية الموجه لأمانة بغداد، عن صرف أكثر من مليار دولار من الموازنة لإعادة تأهيل مشاريع الماء، غير أن ذلك لم ينعكس على نوعية الماء الصالح للشرب، فيما لاتزال العاصمة تعاني من التلوث.

وقال الخبير القانوني "علي التميمي": "عندما ترمي الملوثات، خصوصا إذا كانت طبية مثلا، عليك أن تحسب أنك ستقتل إنسان.. هذا برأيي شروع في قتل ".

وفى تلك النقطة، وثق التحقيق صب مياه ثقيلة ملوثة قادمة من مدينة الطب (أكبر المؤسسات الصحية في العراق) بشكل مباشر في مياه نهر دجلة، المصدر الأساسي لمياه الشرب في بغداد.

وأشار التحقيق إلى أنه تم أخذ ثلاث عينات تمثل مدخل النهر (الطارمية)، ومنتصفه (الأعظمية)، ونقطة خروجه من العاصمة بغداد، بجانب ثلاث عينات معدة للشرب من صنابير المنازل.

وأظهرت النتائج بعد فحصها بأحد المختبرات، أن مدينة الطب تلقي مخلفاتها مباشرة في النهر ودون أدني معالجة، وكان عنصر الرصاص عشرة أضعاف الكمية التي تسمح بها منظمة الصحة العالمية، وهو المسبب الأول للسرطان.

وفى هذا الصدد اعتبر رئيس قسم علوم البيئة في جامعة الكرخ "إبراهيم السوداني" أن طرح مستشفى لدماء وعازلات بكتيرية وفضلات بشرية في المياه الثقيلة التي تصبها في نهر دجلة قد يرقي إلى كونها "جريمة "، مضيفا أن "عنصري الرصاص والنيكل كانا مرتفعين" 

وأورد التقرير حالة للطفل "سجاد"، الذي تضرر من تلوث المياه الواصلة إلى المنازل، وأصيب بأمراض جلدية حرمته من أن يعيش طفولته، بعد تجنب رفقائه له خوفا من العدوى.

ورجح طبيب أمراض جلدية أن تكون إصابة الطفل "سجاد" هي  التهاب بكتيري أو فيروسي، وكلاهما بسبب تلوث المياه.

وبحسب الاحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة العراقية عام 2018، فإن هناك ارتفاعا واضحا في معدلات الإصابة بالتيفوئيد، والجدري المائي، وحتى الكوليرا، كما أن هناك أيضا حالات إصابة بالفشل الكلوي وانتشار للهيضة والأميبا وحالات الدزنتري. وكل هذه الأمراض مرتبطة بإمدادات المياه الصالحة للشرب.

المصدر | الخليج الجديد+متابعات

  كلمات مفتاحية

نهر دجلة تلوث المياه الحكومة العراقية تجدد احتجاجات

تجديد عقود شركات الهاتف النقال.. صراع سياسي محتدم بالعراق

سفراء النظافة.. حملات خجولة لشباب عراقيين لحماية البيئة

يصارع جور البشر وتغير المناخ.. العراق مهدد بفناء نهر دجلة التاريخي

بي بي سي: حقول نفط في العراق تنشر السرطان كالأنفلونزا