هل تقرب هجمات سيناء بين حماس ومصر؟

الخميس 9 يوليو 2015 06:07 ص

تابع الفلسطينيون في غزة هجمات سيناء الدامية يوم 1 يوليو بقلق شديد، حين هاجم عشرات المسلحين من «ولاية سيناء» التابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية» مواقع عسكرية تابعة للجيش المصري، وخاض الجانبان اشتباكات مسلحة استمرت عدة ساعات، وأسفرت عن سقوط العشرات من الجانبين بين قتيل وجريح.

مخاوف الفلسطينيين، لاسيما سكان رفح جنوب قطاع غزة، عبر عنها «جهاد الراعي» أحد سكان رفح، الذي أكد أن خشيتهم تنبع من «أن تؤثر هذه الهجمات سلباً على تحسن علاقتهم التي بدأت لتوها مع مصر من جهة، ومن جهة أخرى أن تمتد الأحداث الميدانية في سيناء إلى غزة، حيث سمع سكان القطاع أصوات القذائف وإطلاق النيران بين الجيش المصري والمسلحين في الأول من يوليو».

لم تكن الاشتباكات الدامية في منطقة الشيخ زويد، أحداثاً مصرية فحسب، بل شعر المواطن «الراعي» وجيرانه أنهم في قلبها، نظرا لقرب مواقع الهجمات من حدود غزة الجنوبية التي تبعد عنها مسافة لا تزيد عن 20 كيلومترا، مما شكل لهم مصدر قلق من انتقالها إليهم في الفترة القادمة.

حماس سارعت يوم 3 يوليو/تموز على لسان «موسى أبو مرزوق» عضو مكتبها السياسي، لإدانة هجمات سيناء، لأنها تضر بأمن في غزة، ولأن سيناء هي الممر الوحيد لقطاع غزة من جهة مصر.

فيما وجه الجنرال «يوآف مردخاي» منسق شئون الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، يوم 2 يوليو، اتهامات لحماس بالتورط في هجمات سيناء.

«سامي أبو زهري»، الناطق باسم حماس وصف «للمونيتور» اتهامات (إسرائيل) بأنها «سخيفة ومرفوضة، تهدف للتحريض على حماس، والإيقاع بينها وبين مصر، لكن حماس قامت بإجراءات معلنة بضبط الحدود بين غزة ومصر، ومنع أي تهريب منها أو إليها لتحييدها عن أي تطورات أمنية، فالحركة حريصة على أمن مصر».

الجناح المسلح لحماس، كتائب القسام، نفت على لسان «أبو عبيدة» الناطق باسمها، يوم 4 يوليو/تموز أي علاقة لها بهجمات سيناء، وليس لديها تفكير بصناعة أي أجندة خارجية تتمثل بافتعال مواجهات جانبية، واصفاً الاتهامات الإسرائيلية بأنها «أكاذيب وتلفيق، ومحاولة لخلط الأوراق وزرع الفتنة والفوضى»، وفقاً لتعبيره على قناة الجزيرة مساء 4 يوليو.

«المونيتور» قام يوم 4 يوليو بجولة ميدانية على حدود غزة الجنوبية مع سيناء، ورأى انتشاراً مكثفاً لقوات الأمن الفلسطينية على الحدود مع مصر، وحالة من الاستنفار الميداني، بالتزامن مع سماع أصوات قذائف الجيش المصري داخل سيناء، واشتباكات قواته مع المسلحين هناك.

«إياد البزم» الناطق باسم وزارة الداخلية بغزة أعلن أن الوزارة «تعزز قواتها على طول الحدود الجنوبية مع مصر للحفاظ على الأمن في ظل تطورات أحداث سيناء، للمحافظة على استقرار الحالة الأمنية وحفظ أمن الحدود».

فيما أوضح العقيد «جهاد محيسن» قائد الشرطة العسكرية بغزة، أن «دوريات مكثفة تنتشر على طول الحدود الفاصلة بين جنوب قطاع غزة ومصر، بهدف حماية وضبط الحدود بعد عمليات سيناء، وهناك دوريات محمولة تسير على طول الحدود، وقوات منتشرة متواجدة مع قوات الأمن الوطني».

لكن «صلاح البردويل»، عضو المجلس التشريعي عن حماس، نفى يوم 9 يونيو/حزيران، وجود تعاون أمني بين مصر وغزة، لأن «حماس غير معنية بنقل أي جهود لها خارج غزة».

لكن مسؤولاً أمنياً مصرياً، لم يكشف هويته، عن رضاه عن الإجراءات الأمنية التي تقوم بها حماس على حدود غزة وسيناء، واصفاً الدور الذي لعبته حماس بعد هجمات سيناء بأنه إيجابياً، وأن عملية التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية المصرية وحماس، لأن الحدود المشتركة طوال الأيام الماضية بعد هجمات سيناء لم تشهد تسلل أي عناصر إرهابية من غزة وإليها، مما يدلل على مدى قوة أمن حماس في متابعة الحدود، والسيطرة عليها.

توريط غزة

التأثيرات المباشرة لأحداث سيناء على غزة تمثلت بإغلاق معبر رفح منذ يوم الهجمات الأول من يوليو/تموز وحتى كتابة هذه السطور، وعدم وجود وعودات مصرية بقرب افتتاحه بسبب تفجر الموقف الأمني في سيناء.

فيما تعاني مدينة رفح جنوب غزة، منذ 1 يوليو/تموز من انقطاع كامل للتيار الكهربائي، بسبب انقطاع الخطوط المُغذية للمدينة، من داخل سيناء، بسبب الاشتباكات بين الجيش المصري وجماعات مسلحة.

القلق الذي تشعر به حماس من هجمات سيناء أنها تتزامن مع تحسن مطرد في علاقتها بمصر، تمثل بفتح معبر رفح خلال شهر يونيو/حزيران بصورة متكررة، بعد إغلاق زاد عن 100 يوم منذ بداية العام الجاري.

كما تراجعت الحملات الإعلامية المتبادلة بين حماس ومصر، وعقدت لقاءات ثنائية عديدة خلال الأسابيع القليلة الماضية.

«محمود الزهار»، عضو المكتب السياسي لحماس، أكد يوم 5 يوليو/تموز، لصحيفة الغد الأردنية، أن «حماس» ليست سعيدة بما يجري في مصر، لأنها بوابة غزة الوحيدة إلى العالم الخارجي، وحماس هي الأكثر حرصاً على تمتع مصر بالأمن والاستقرار، وعدم حدوث أي إشكاليات فيها.

على غير العادة، لم توجه مصر اتهاماً لحماس بالتورط بأحداث سيناء، مما دفع بمسئول مصري يواكب تطورات العلاقة مع حماس، رفض كشف هويته، للقول أن «التفاهمات المصرية الأخيرة مع حماس ركزت على أن تقوم الحركة بضبط حدود غزة الجنوبية مع مصر، لمنع تسرب المسلحين من وإلى سيناء، ومنع إدخال مواد ممنوعة كالأسلحة عبر الأنفاق الأرضية، الممتدة من رفح جنوب القطاع لداخل الأراضي المصرية».

«زياد الظاظا»، نائب رئيس الحكومة السابق، وعضو المكتب السياسي لحماس، أكد أن «حماس لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، لا سلباً ولا إيجاباً، ومصر تدرك هذه الحقيقة، والتناقض الوحيد لحماس فقط مع العدو الإسرائيلي، وليس مع أي طرف عربي».

صحيح أن ارتياحاً نسبياً يبدو في حماس من عدم تجدد التوتر مع مصر، الذي اتفق الجانبان كما يبدو على طي صفحته، لكن الهجمات الأخيرة في سيناء، لا تضمن عدم إقحام غزة بأي سيناريو محتمل، بسبب تضارب مصالح الأطراف ذات العلاقة بالمشهد الأمني في سيناء، سواء مصر أو تنظيم الدولة أو إسرائيل.

الموقف المصري الأكثر تصالحاً مع حماس جاء على لسان اللواء «محمد ابراهيم» وكيل جهاز المخابرات المصرية السابق، حين اعتبر بصورة صريحة يوم 6 يوليو في مقال له بجريدة الأهرام الرسمية، أن قطاع غزة لا يتدخل في الهجمات الأمنية في سيناء، ولم يكن شريكاً فيها.

ومع ذلك، تبقى خشية حماس من عمليات سيناء، وما قد يتبعها من نتائج، تتعلق بإمكانية توريط غزة في معركة خاسرة، تحرف بوصلتها الحقيقية نحو المواجهة مع (إسرائيل) إذا اندلعت، وتعمل على استنزافها في مواجهات ليس لها مصلحة في خوضها، سواء مع الدولة المصرية، التي تشهد حالة تراجع في مدى سيطرتها على سيناء، أو المجموعات المسلحة التي قد تطرق أبواب غزة من البوابة الجنوبية، وهو كابوس يتمنى الفلسطينيون ألا يروه واقعاً في حياتهم.

  كلمات مفتاحية

مصر غزة حماس إسرائيل سيناء ولاية سيناء رفح الجيش المصري

«القسام»: التصريحات الإسرائيلية حول علاقتنا بهجمات سيناء «أكاذيب ومحاولة لزرع الفتنة»

من يكسب الحرب الإعلامية: الجيش المصري أم «ولاية سيناء»؟

«هآرتس»: لماذا لم تشر مصر بإصبع الاتهام إلى «حماس» بعد هجوم سيناء الأخير؟

الاحتلال الإسرائيلي يتهم «حماس» بمساعدة «ولاية سيناء» .. والحركة تنفي

هل وقعت مصر وإسرائيل اتفاقا استراتيجيا ضد حماس وولاية سيناء؟

الاحتلال الإسرائيلي يوافق على زيادة أعداد القوات المصرية في سيناء

تفجير 6 سيارات لعناصر في «حماس» و«الجهاد» شمال قطاع غزة

إصدار لـ«الدولة الإسلامية»: لا نفرق في قتالنا بين «إسرائيل» و«حماس»

بين التوترات الداخلية والاشتباك مع (إسرائيل): «حماس» ومأزق مواجهة السلفية الجهادية

«يديعوت أحرونوت»: لماذا تتحسن العلاقات بين نظام «السيسي» وحركة حماس؟

«السيسي» يأمر بإقامة منطقة تجارة حرة بين مصر وغزة