مواقع التواصل تعزز صمود واستمرار ثورة العراق

الخميس 31 أكتوبر 2019 09:00 م

في ساحة التحرير بوسط بغداد، أصبحت أجهزة الكمبيوتر المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي الأداة الأولى لـ"الثورة" العراقية ضد الطبقة السياسية، لتمكين المحتجين من التواصل بين بعضهم البعض ولإيصال صوتهم الى العالم.

وبشكل مفاجىء بعد الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تغير مضمون صفحة "الفيسبوك" الخاصة بـ"علي جاسب" البالغ الثامنة والعشرين من العمر وخريج كلية العلوم الاجتماعية. 

فاختفت صور لاعبي كرة القدم وأعلام الأندية الأوروبية التي كان ينشرها، وباتت صفحته مليئة بصور ومقاطع فيديو خاصة بالمتظاهرين وهم يقعون جرحى أو يتخبطون بسبب الغازات المسيلة للدموع أو يئنون من الوجع في المستشفيات.

الرقابة والتهديدات

وحتى عندما قطعت السلطات الإنترنت لمدة أسبوعين وشددت الخناق على شبكات التواصل الاجتماعي، تمكن المحتجون من التحايل على هذه الاجراءات من خلال تطبيقات "في بي إن".

و"علي جاسب" من بين هؤلاء، فهو ينشر صوره وأشرطة الفيديو الخاصة بالمحتجين من ساحة التحرير نفسها في بغداد، حيث يطالب المتظاهرون بإسقاط النظام في بلد يعتبر من الأكثر فسادا في العالم، وحيث تتوزع مناصب الحكومة وفقا للمحاصصة الطائفية والعرقية.

يقول "علي جاسب" "أنشر كل ما أشاهده من قلب الحدث، لكي يعرف الناس ما يجري في العراق بشكل مباشر".

ويؤكد أنه حريص على توثيق الأحداث في الوقت الحقيقي كون "السلطات الحكومية تعمل على تشويه أخبار التظاهرات لبث حالة ذعر قد تقلل من عدد المشاركين في الاحتجاجات".

فمن أجل نشر معلوماتهم التي تتناقض مع الرواية الرسمية، يعمد الكثير من الشبان الى استخدام هواتفهم المحمولة للتصوير والنشر، ولا يترددون أحيانا عن شحن بطارياتها من سيارات الإسعاف وحتى من سيارات الشرطة لمواصلة توثيق الأحداث.

وقال "القاسم العبادي" وهو طبيب أسنان ومدون يبلغ من العمر 29 عامًا "نحن نتحمل مسؤولية نشر الحقيقة في حين أن وسائل الإعلام التقليدية لا تقوم بذلك".

واتهم الشاب الذي يرتدي قناعا مضاد للغازات المسيلة للدموع التي تستخدمها قوات مكافحة الشغب بكثافة "جهات حكومية وجهات مجهولة الهوية بالسعي إلى منع وسائل الإعلام المحلية من نقل ما يجري في ساحة التحرير".

ويقول "علي جاسب" إنه مستهدف بسبب مقاطع الفيديو التي ينشرها، وكذلك بسبب تعليقاته القاسية ضد الزعماء السياسيين العراقيين وإيران صاحبة النفوذ الكبير في البلاد".

وأضاف: "يوم أمس الساعة الخامسة صباحا اتصل بي شخص وقال لي سنقتل والدتك ما لم تتوقف، والسبب أن غالبية تعليقاتي هي ضد عملاء إيران وضد الميليشيات التي تسيطر على الحكم".

ويؤكد هذا الناشط أنه أحيانا ينشر باللغة الإنجليزية "حتى يعرف الناس في الخارج ماذا يحصل عندنا عبر نقل مباشر".

بدوره، يقول "القاسم العبادي" إنه إضافة إلى نقل المواجهات والتظاهرات الدامية "ننقل أيضا صورة الحياة اليومية والهتافات التي تطلق وكيفية توزيع الطعام" في ساحة التحرير.

ضمير مرتاح

ولأن الكثيرين من الشبان خاصة باتوا يتجاهلون المحطات التليفزيونية المحلية التقليدية، بات "واتسآب وفيسبوك وتويتر وأنستغرام" المصادر الرئيسية لنقل المعلومات.

خلال تطبيق "تويتر" علم المتظاهرين على سبيل المثال أن صوت الانفجار الذي سمعوه الأربعاء، كان صاروخا سقط للتو بالقرب من السفارة الأمريكية، فسارع بعضهم إلى وضع علامة عاجل مع تغريداتهم.

ومرة أخرى، وجهت دعوات ليلة الأربعاء الخميس على شبكات التواصل الاجتماعي "للحفاظ على سلمية التظاهرات" بعد أن حاول متظاهرون إزالة الحواجز من على اثنين من الجسور إلمؤدية الى المنطقة الخضراء.

ويضيف "علي جاسب"، "الكثيرون من المحتجين يوجهون لي رسائل على فيسبوك مطالبين بتأمين أقنعة واقية من الغازات أو أشياء أخرى".

ويقوم "جاسب" بنشر هذه النداءات، وبما أن عدد متابعيه كبير يقوم مجهولون أحيانا كثيرة بتلبية هذه النداءات والعمل على أيصال اقنعة أو أطعمة وأدوية يحتاجها المحتجون.

وبعد أيام وليال طويلة قضاها بين المتظاهرين عاملا على نقل معاناتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يقول "فقط عندم أقوم بما أقوم به، استطيع أن أنام وضميري مرتاح".

والخميس، أعلن الرئيس العراقي "برهم صالح"، استعداد الحكومة للاستقالة، وإجراء انتخابات مبكرة، ومحاسبة المفسدين، في محاولة لنزع فتيل الغضب الشعبي.
 

المصدر | أ ف ب

  كلمات مفتاحية

مظاهرات العراق

مقتل متظاهر عراقي وإصابة العشرات في بغداد

رئيس العراق يعلن تأييده إجراء انتخابات مبكرة

السيستاني يرفض زج اسم المرجعية في تظاهرات العراق

العفو تتهم العراق باستخدام قنابل مسيلة للدموع "تخترق الجماجم"

مطربون عراقيون يتضامنون مع شعبهم الثائر

الشهر الماضي.. العراق الأسوأ في حرية الصحافة منذ 2003

بومبيو: تقرير العراق حول قتل المتظاهرين يفتقر للمصداقية

العراقيون يرفعون صور هاني رمزي.. والفنان المصري يدعمهم