انتهكت الهدنة، المفترض أن تسمح بنقل مساعدات إنسانية إلى آلاف الأشخاص المعوزين في اليمن، مرات عدة، اليوم السبت، بعد بضع ساعات فقط من دخولها حيز التنفيذ.

كان مجلس الأمن الدولي، دعا أمس، كافة أطراف النزاع إلى احترام هذه الهدنة الإنسانية المفترض أن تستمر من الجمعة عند الساعة 23:95 بالتوقيت المحلي لليمن (20:59 ت.غ) حتى نهاية شهر رمضان، أي في 17 تموز/يوليو الجاري.

لكن صباح اليوم السبت شهدت البلاد مجددا معارك عنيفة وغارات جوية للتحالف العربي، بقيادة السعودية، على مواقع المتمردين الحوثيين.

واستهدفت طائرات التحالف العربي مواقع للمتمردين الحوثيين في مدينة تعز (وسط) حيث كانت مواجهات دائرة بين هؤلاء المتمردين المدعومين من إيران والقوات الموالية للرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي»، حسب ما نقلت وكالة «فرانس برس» عن شهود عيان.

وقصف الحوثيون، أيضا، أحياء عدة من تعز، وفق المصادر نفسها.

واتهمت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق «علي عبدالله صالح» بإرسال تعزيزات إلى مدينة تعز قبل بدء سريان الهدنة.

وفي جنوب البلاد، ضرب التحالف مواقع للمتمردين في عدن وفي محافظة لحج المجاورة، حسب شهود.

وتأتي هذه الغارات بعد أن قصف المتمردون أحياء عدة في عدن، كما قال المتحدث باسم المقاتلين في المدينة من أنصار «هادي»، «عبدالله الدياني».

بينما اتهمت جماعة الحوثي عبر الموقع الإلكتروني القديم لوكالة الأنباء اليمنية، الذي تسيطر عليه، طيران التحالف بشن غارات على العاصمة صنعاء وعدد من محافظات البلاد بعد دخول الهدنة الإنسانية حيز التنفيذ .

ونقل الموقع عن مصدر أمني مسؤول (لم تذكر هويته) إن «طيران العدوان شن غارات جوية على جبل نقم بالعاصمة صنعاء وغارات جوية على شارع الأربعين ومحيط جبل جرة وجبل الزنوج بمدينة تعز واستهدف طيران العدوان السعودي شاحنة محملة بالمواد الغذائية في الطريق العام بمدينة العريش بعدن».

واعتبر المصدر أن «العدوان السعودي بهذه الخروقات يؤكد أنه مستمر في عدوانه على اليمن ولم يف بتعهداته للأمم المتحدة».

وأظهرت صور بثتها وكالة «رويترز»الدخان وهو يتصاعد من مواقع تابعة للحوثيين في صنعاء بعد قصفها من قبل طيران التحالف.

تشكيك في نجاح الهدنة 

وقبيل بدء سريان الهدنة المعلنة، شكك زعيم المتمردين  في اليمن، «عبد الملك الحوثي»، في نجاحها.

وقال في بيان بثته قناة «المسيرة» التابعة له: «بالنسبة للهدنة ليس لدينا أمل كبير بنجاحها».

وانطلاقا من معقلهم في صعدة (شمال)، تمكن الحوثيون من السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014، ثم نزلوا نحو الجنوب ما دفع الرئيس «هادي» إلى اللجوء للسعودية، التي بدأت بالتعاون مع دول عربية أخرى في 26 مارس/آذار غارات في اليمن لإعادة الشرعية إليها.

ولم يصدر أي تعليق من التحالف العربي بقيادة السعودية بشأن هذه الهدنة، التي أعلنتها الأمم المتحدة، لكن مسؤولا سعوديا لم يكشف اسمه اعتبر في تصريح لـ«فرانس برس» أن هذه الهدنة «غير مجدية».

وقال وزير حقوق الإنسان (المتواجد حاليا في الرياض)، «عز الدين الإصبعي»، إن «هؤلاء (الحوثيين) يمارسون أعلى درجات المراوغة حتى مع المجتمع الدولي، وتحركاتهم العسكرية المتواصلة على الأرض لا تنم عن نيات حسنة، أو توجهات حقيقية وصادقة لتثبيت هدنة إنسانية كما يسعى المجتمع الدولي من أجل مساعدة المحتاجين والمتضررين من أبناء الشعب اليمني».

وكانت الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي دعت الجمعة المتحاربين إلى «تعليق عملياتهم العسكرية خلال الهدنة» و«التحلي بضبط النفس في حال اخترقت الهدنة حوادث معزولة وتجنب أي تصعيد».

كما ناشدتهم «تسهيل وصول مساعدة إنسانية عاجلة إلى كافة أرجاء اليمن».

ووفق الأمم المتحدة، فإن 80% من السكان – أي 21 مليون شخص–  يحتاجون للمساعدة أو الحماية، وأكثر من 10 ملايين شخص لا يجدون الطعام ومياه الشرب بسبب النزاع الذي أوقع أكثر من 3200 قتيل نصفهم من المدنيين منذ أواخر مارس/آذار الماضي.

وبعد أسبوع من وضع البلاد في «مستوى الطوارئ الصحية الأقصى»، اعتبر «ستيفان دوغريك»، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنه «من الملح والعاجل أن تصل المساعدة الإنسانية  إلى جميع الأشخاص المحتاجين (…) طيلة مدة الهدنة».

وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي «عبير عطيفة» لوكالة «فرانس برس» إن هذه الهدنة هي «أملنا الأخير»، مؤكدة رسو سفينتين محملتين بالمواد الغذائية والوقود قبالة عدن (جنوب).

وأضافت «عطيفة» أن برنامج الأغذية العالمي تمكن منذ أسبوع من تسليم تسعة آلاف طن من المواد الغذائية إلى مستودعه في اليمن، والآن باتت الهدنة ضرورية للتمكن من توزيع هذه المساعدات و«الوصول إلى كافة مناطق اليمن».

وكانت هدنة سابقة في منتصف مايو/أيار الماضي استمرت خمسة أيام، لكن المعارك ما لبثت أن استؤنفت بقوة بعد ذلك.