مع انتصارهم على «الدولة الإسلامية» .. أكراد سوريا يمارسون «التطهير العرقي»

الجمعة 17 يوليو 2015 09:07 ص

فر «جمال ديدي» من منزله في قرية تركمانية نائية في سوريا بعد أن قصفت طائرات حربية من التحالف المناهض لـ«الدولة الإسلامية» الذي تقوده الولايات المتحدة المنزل المجاور. ولا يدري هل سيعود أم لا.

يقول «ديدي» إن ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية لم تسمح لأسرته المكونة من سبعة أفراد بالعودة إلى «ديدلر» بالقرب من الحدود التركية وقالت له إنها أصبحت الآن أرضا كردية وليس للتركمان من أمثاله مكان هناك.

وقال الرجل البالغ من العمر 43 عاما لرويترز في مستوطنة مؤقتة من خيام اللاجئين في مستودع شاحنات مهجور بالقرب من البوابة الحدودية أكجاكالي التركية «حينما كانت الدولة الإسلامية هناك فإنهم اضطهدوا الناس. والآن توجد وحدات حماية الشعب ولا اختلاف بينهما».

وأضاف: «نحن لا نساند اي جماعة ولكننا مع ذلك نُجرَّد من حقنا في العيش في أرضنا».

الأكراد الذين برزوا بوصفهم أكبر شركاء التحالف الدولي بقيادة واشنطن فعالية في محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا ينفون بشدة أنهم أجبروا أفراد جماعات عرقية أخرى على ترك أراضيهم التي استولى الأكراد عليها. وهم يقولون إن من غادروا فعلوا ذلك خوفا من المعارك وإنهم محل ترحيب إذا ارادوا العودة مع ضمان بحفظ سلامتهم.

وقال «إدريس ناسان» المسؤول في الإدارة الكردية لمنطقة كوباني التي تشتمل على تل أبيض «حينما تأتي إلى داخل تل أبيض سترى أن العرب والمسلمين والتركمان والأرمن كلهم يعيشون معا».

وأضاف لرويترز عبر الهاتف: «إنها متعددة الثقافات متعددة القوميات متعددة الطوائف. وحماة هذه الإدارة هم وحدات حماية الشعب وهذه إشارة إلى كل الناس، لسنا لحماية الشعب الكردي وحده».

ولكن الاتهامات بأن غير الأكراد أجبروا على المغادرة فيما سمته تركيا المجاورة «تطهيرا عرقيا» شوهت سمعة الأكراد في وقت عززت فيه انتصاراتهم على «الدولة الإسلامية» على الأرض مكانتهم.

واستولت وحدات حماية الشعب الكردية وجماعات أصغر من المعارضة السورية بمساندة من الضربات الجوية الأمريكية بلدة تل أبيض الحدودية من تنظيم «الدولة الإسلامية» في 15 من يونيو/حزيران وهو ما اضطر أكثر من 26 ألف شخص إلى الفرار إلى تركيا.

والآن بعد أن أصبح تقريبا نصف حدود سوريا مع تركيا في أيدي الأكراد، فإن أنقرة تخشى إنشاء منطقة كردية مشمولة بالحكم الذاتي في شمال سوريا وهو ما قد يذكي المشاعر الانفصالية بين الأكراد من سكان تركيا. وتتهم أنقرة المقاتلين الأكراد في سوريا بأن لهم صلات بجماعة حزب العمال الكردستاني التي شنت حربا على الدولة الكردية على مدى ثلاثة عقود.

ويقول بعض الأكراد إن المخاوف بين اللاجئين يعمد إلى تهويلها الأتراك لتشويه سمعتهم.

وقال «محمد فرات» عضو البرلمان التركي عن حزب الشعوب الديمقراطي المعارض المؤيد للأكراد «الحكومة (التركية) قالت إنها لا تريد أن تتوحد الكانتونات (الكردية) وحينما حدث ذلك يحاولون الآن خلق رأي عام سلبي لأنهم غاضبون. إنهم يلعبون لعبة خطرة بإذكاء المشاعر القومية».

ويقول «رامي عبد الرحمن» مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا الذي يراقب الحرب السورية من خلال شبكة مصادر على الارض إنه لا توجد أدلة على وقوع عمليات طرد ممنهج من جانب الفصائل المسلحة الكردية على أساس عرقي رغم وقوع حالات منفردة.

لكن «ياسين سعيد» وهو أب جديد فر من «سلوك» وهي قرية عربية سورية تقع على بعد نحو 20 كيلومترا الى الشرق من تل أبيض عندما دخلت قوات كردية منذ أكثر من شهر قال أنه يخشى العودة.

وقال وهو يجلس في خيمة بينما كانت زوجته تداعب ابنتها ذات الثمانية أشهر «إذا لم تكن كرديا وانما عربيا يقيم تحت حكم تنظيم الدولة الاسلامية فانهم ينظرون اليك بصفة تلقائية على انك شخص يؤيد ويساعد هذه الجماعة».

المدافع موجهة إلينا

كانت تل أبيض تخضع منذ يناير/كانون الثاني 2014 لسيطرة «الدولة الاسلامية» الجماعة السنية المتشددة التي استولت على أجزاء كبيرة في سوريا والعراق وأعلنت الخلافة والتي تتباهى بممارسة العنف المفرط الذي تعاقب به أعدائها.

وعاش معظم اللاجئين في معسكر مؤقت قرب بلدة أكاكالي أقامته السلطات التركية أكثر من عام تحت حكم «الدولة الاسلامية». ولديهم القليل من الذكريات الجيدة رغم أنهم يقولون إنها فترة استقرار نسبي.

ووفقا لمسؤولين أتراك عاد نحو 4000 شخص. والباقون إما وضعوا في مخيمات لاجئين في أنحاء جنوب شرق تركيا أو سعوا للاقامة مع أقاربهم مثل 1.8 مليون لاجئ سوري آخرين تؤويهم تركيا الآن.

وقال «سعيد» إنه ما لم تترك الفصائل المسلحة الكردية منزله فإنه لا يخطط للعودة.

وأضاف: «انعدام الثقة بين الاكراد والعرب قائم منذ سنوات. لكنهم الآن يتمتعون بميزة هي أن لديهم بنادق ومواسير مدافعهم موجهة إلينا».

وقال وزير الدفاع الامريكي «اشتون كارتر» هذا الشهر إن واشنطن تدعم أكراد سوريا لأنهم «قادرون على التحرك» رغم أن مسؤولين أمريكيين قالوا أيضا إنهم لا يؤيدون كيانا كرديا منفصلا في شمال سوريا.

وقال السفير الامريكي لدى تركيا «جون باس» للصحفيين هذا الشهر «نحن واضحون تماما في توصيل توقعاتنا إلى (الأكراد السوريين) في المناطق التي طردوا منها الدولة الاسلامية عبر الحدود»، مؤكدا أنه يجب أن يسمح للمدنيين النازحين بالعودة.

وفي الحرب الاهلية متعددة الأطراف في سوريا تجنب الأكراد غالبا الصراع مع حكومة «بشار الأسد» وإن كانت وحدات حماية الشعب تقول إنها لا تتعاون مع دمشق. ويشتبه بعض العرب والتركمان في أن الأكراد بينهم اتفاق ضمني مع «الأسد».

وقال لاجئ آخر يدعى «خليل» أن «الدولة الاسلامية» أعدمت ابن عمه هذا العام وطلب عدم استخدام اسم عائلته لأسباب أمنية «لقد نجوا من الأسد».

وأضاف وهو يرتشف الشاي ويدخن سيجارة «الأسد نفذ كل أنواع الفظائع ضد العديد من الجماعات لكنه لم يمس الأكراد. لماذا؟»

وتابع «أمريكا التي لم تساعد عرب سوريا على الاطلاق ولم تقدم لنا أسلحة نحمي بها أنفسنا ضد الأشد تقوم الآن بتسليح الأكراد. وهم يستخدمون ذلك ضدنا».

  كلمات مفتاحية

سوريا أكراد سوريا الدولة الإسلامية الأكراد تركيا كوباني تطهير عرقي

أكراد سوريون يتهمون «الدولة الإسلامية» باستخدام أسلحة كيميائية ضدهم

«أردوغان» وأكراد سوريا.. من القط ومن الفأر؟

تركيا ترى مؤشرات على «تطهير عرقي» على يد مقاتلين أكراد بسوريا

الانتصارات على «الدولة الإسلامية» تتيح لأكراد سوريا المطالبة بدور أكبر

نائب رئيس وزراء تركيا: ما يجري في شمال سوريا بمثابة «تطهير عرقي»

«التايمز»: الانتقام الكردي .. الأكراد يقومون بالتطهير العرقي للعرب

خطط إنفاق «أكراد سوريا» تعكس طموحا متزايدا

اتهام الأكراد بتهجير أهالي بلدة «صرين» العربية في ريف حلب

منتدى كردي حول تنظيم الدولة الإسلامية بمشاركة أمريكية وخليجية