العالم لا يتجه نحو عالمية إنسانية تقضي على الجوع والفقر

الأربعاء 22 يوليو 2015 08:07 ص

زفت إلينا الهيئات الدولية المختصة مؤخرا، بشرى إمكانية القضاء على الجوع والفقر بحلول عام 2030، حيث نوقشت هذه البشرى في دورة الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ثم تضمينها تقرير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الذي أعد بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي والصندوق العالمي للتنمية الزراعية، مبشرا بأنه من الممكن القضاء على الجوع في العالم بحلول عام 2030 في حال استثمار 267 مليار دولار في السنة الواحدة خلال الفترة المقبلة.

ويرى المدير العام للفاو أن هذه الاستثمارات التي لا تتجاوز 0.3٪ من إجمالي الناتج المحلي في العالم، تعد ثمنا متواضعا لتحقيق هدف القضاء على الجوع المزمن! كنا نتمنى أن ننعم بهذه البشرى الأممية لولا أنها مع واقع الظلم العالمي المعاش، تثير الكثير من الشجن وبعض ما يمكن أن يلاحظ، وذلك مع التأكيد أننا لسنا هنا في معرض التشكيك في خطط وإحصاءات الهيئات الأممية ولا أن نبث ظلالا من التشاؤم في التفاؤل بتلك البشائر وإن بدت كأمنيات وأحلام تجيد الهيئات الأممية عرضها بمهارة إعلامية معهودة فيما يتعلق بأهم حقلين إنسانيين على الكرة الأرضية: حقل القضاء على الفقر والجوع وحقل الحفاظ على البيئة وتحقيق الاستدامة.

فهي على ما يشاع عنها بأنها جعجعة بلا طحين فإنها تمثل أخبارا أو بشارات قد تخفف مما يشعر به معظم البشر في هذا الزمن من قهر وإحباط.

سيسبق الحديث عما يلاحظ على بشرى إمكانية القضاء على الجوع المشار إليها في عام 2030 العجب مما قيل عن تراجع عدد الفقراء في العالم خلال العقدين ونيف منذ 1990 إلى النصف (من مليارين إلى مليار واحد) وذلك بحسب المعلومات الصادرة عن مرجعيات الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وذلك بعد استعراضها تقارير عن مستوى إنجاز خطة الألفية الثالثة التي تبنتها الأمم المتحدة في 1990 والتي استهدفت خفض الفقر المدقع إلى النصف حتى 2015.

يرد العجب هنا مع ما هو معروف عن هذه الفترة أنها أنتجت الكثير من الفقر والمجاعات مع تقدم النظام الدولي في عولمته تقدماً حثيثا في إثارته للحروب والحصارات وفي بعده عن القيم وتخليه عن الجوانب الإنسانية، وفي قربه شبه المطلق من إعمال مبدأ الكسب المادي البحت في مادية تزداد غلوا وتوحشا وتغولا، مخلفا إنسانية تتراجع تراجعاً ملحوظا، أما ما يلاحظ فيما يتعلق ببشرى القضاء على الفقر حتى عام 2030 فربما أمكن التعبير عنه بالتساؤل:

هل من الممكن أن يتم القضاء على الفقر والجوع من خلال جمع المليارات وتقديم المساعدات مع ما في عالمنا الحاضر من ويلات؟ ألا يتطلب الأمر مسعى آخر أو مجموعة مساع أخرى للقضاء على الجوع والفقر في العالم؟

وهل من ذلك مثلا سعي أممي ملزم للحد من تجارة الحروب والتوقف عن التوسع في الحصارات التي لا يخفى أثرها في نشر المجاعات..من جهة، وأثر الحد منها في توفير أثمان وأرباح تجارة الحروب والسلاح لصالح الفقراء والجياع؟

وإذا كان مثل هذا المسعى لا حول ولا قوة للهيئات الأممية فيه إلا بقدر ما يتطلبه الانصياع لأهواء الدول الأقوى في العالم أو الالتزام بحقوق النقض التي تمارس على تلك الهيئات، إذا ما هو حال جياع الحروب والحصارات القائمة على قدم وساق في العالم دون تدخل أممي يعالج مشكلة الحرب المنتجة للمجازر ولمآسي الفقر والجوع؟

أم أن جياع الحروب والحصارات مستثنون من تعداد الجياع الذين سيعالجون بالمليارات المقدرة المشار إليها؟

ألا يبدو أنه من غير المأمول، مع استراتيجيات الأمم التي تمثل مراكز القوة في العالم، الاستراتيجيات التي تعلن فيها صراحة الاستمرار في إشعال الحروب والمزيد من سباقات التسلح من جهة، والإصرار على دعم إنتاج المواد الغذائية المحتكرة من جهة أخرى، أن يتجه العالم نحو عالمية إنسانية يتم في ظلها القضاء حقا على الجوع والفقر.

  كلمات مفتاحية

الأمم المتحدة الفقر الجوع الحروب الاحتكارات إنتاج الغذاء الحصارات

البطالة والفقر وعدم المساواة خلال الأزمات

علاج الفقر أم علاج ثقافة الفقر؟

الإمارات تدعو لمحاربة المجاعات والفقر فى القمة الدولية الإقتصادية

سوريا.. الجوع يودي بحياة 23 طفلا ومسنا في مضايا الشهر الماضي

الفقر يجبر العراقيين على بيع كلاهم

انخفاض محصول «الأرز» يثير مخاوف الأمن الغذائي في آسيا