اعتبرت صحيفة «رأي اليوم» العربية أن العلاقات السعودية المصرية ليست في أفضل أحوالها هذه الأيام، فمنذ أن وصل العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز» إلى العرش في أواخر كانون الثاني (يناير) الماضي، بعد وفاة شقيقه الملك «عبد الله»، والفتور يخيم على هذه العلاقات، بصورة أو بأخرى، مع ظهور بعض المؤشرات بين الحين والآخر، على اقتراب هذا الفتور من خانة «الجفاء».
ورصدت الصحيفة أمرين في هذا الصدد يمكن أن يسلطا الأضواء على هذا الملف المهم في العلاقات العربية العربية.
الأول: المقابلة التي أجراها الكاتب الصحفي «محمد حسنين هيكل» مع صحيفة «السفير» اللبنانية وتحدث فيها عن المأزق السعودي في اليمن، وتوقع انهيار النظام السعودي، مشيدا بإيران وصمودها في المباحثات النووية مع الدول العظمى.
الثاني: الزيارة التي قام بها وفد رفيع من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) برئاسة «خالد مشعل» رئيس المكتب السياسي وعضوية عدد من أعضاء المكتب يتقدمهم «موسى أبو مرزوق»، وكان لافتا أن الوفد التقى العاهل السعودي وذراعه الأيمن الأمير «محمد بن نايف» ولي العهد، والأيسر «محمد بن سلمان» ولي ولي العهد.
وأشارت الصحيفة إلى أن علاقات «هيكل» مع المملكة لم تكن وردية مطلقا، وحبل الود بين الطرفين مقطوع منذ الحقبة الناصرية التي كان المتحدث باسمها، ولكن تصريحاته الأخيرة اكتسبت أهمية خاصة، لأنه يعتبر في نظر الكثيرين المستشار الابرز للرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي، ويقال إن «هيكل» هو كاتب نص الخطاب التاريخي الذي ألقاه «السيسي» (كان حينها وويرا للدفاع) يوم 3 يوليو/ تموز 2013، وأعلن فيه الانقلاب على الرئيس المنتخب «محمد مرسي».
وأضافت أن «السيسي» مثل معظم الرؤساء المصريين الذين سبقوه، يستخدم الإعلام وأقلامه بطريقة فاعلة لإيصال رسائل سياسية، وهناك من يعتقد في مصر أن مقابلة «هيكل» هي إحدى هذه الرسائل، خاصة الفقرة التي تحدث فيها عن رغبة السيسي» في التقارب مع إيران، وهناك ضغوط كبيرة تبذل حاليا لمنع هذا التوجه.
وبحسب الصحيفة فإن أقوال هيكل» أعطت مفعولها مرتين، الأولى عندما انزعجت القيادة السعودية بشكل ملحوظ انعكس في إيعازها لما وصفته بـ«كتائب الشتائم» التابعة لها بشن حملة إعلامية شرسة ضد «هيكل»، ودفعت بـ«عادل الجبير» وزير الخارجية السعودي إلى التصريح بعد اجتماع عقده مع نظيره المصري «سامح شكري» في مدينة جدة أكد فيه أن مصر جزء أساسي من التحالف الداعم للشرعية في اليمن، مشددا على أن الحل في سوريا يجب أن يشمل رحيل «الأسد»، ولكن تصريحات الجبير» لم تقدم إجابات صريحة حول متانة العلاقات المصرية السعودية، مثلما جرت العادة في مثل هذه اللقاءات.
أما النقطة الثانية وهي استقبال العاهل السعودي لوفد حماس، فمن الواضح أن هذا الاستقبال يوتر العلاقات مع مصر، ليس لأنها تعتبر الملف الفلسطيني، وقطاع غزة منه على وجه التحديد، يحتل قمة أولوياتها ولا تسمح لأحد بالخوض فيه من وراء ظهرها، وإنما أيضا لأن هذا الاستقبال يعكس تراجعا سعوديا عن اتفاق مشترك بمحاربة جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها الخطر الأكبر على مصر والمنطقة العربية.
ووفقا للصحيفة فلا بد أن السعودية تدرك الحساسيات المصرية الخاصة تجاه ملف الإخوان المسلمين، عندما استقبلت «مشعل»، مثلما تدرك أيضا أن «حماس» هي «الذراع العسكري»، لحركة الإخوان في قطاع غزة، ولعلها أرادت أن تبعث رسالة إلى مصر من خلال هذا الاستقبال تعكس غضبها تجاه الموقف المصري من التدخل العسكري السعودي في اليمن في إطار عاصفة الحزم، واستقبال الحكومة المصرية وفدا يمثل الرئيس اليمني السابق «علي عبد الله صالح»، والسماح بمعرض لصور ضحايا الحرب في اليمن، نظمته شخصيات مقربة من التيار الحوثي.
صحيح أن الإعلام السعودي الرسمي، وغير الرسمي، لم يتطرق مطلقا لزيارة وفد «حماس» للسعودية، ولم ينشر صورا للقاءات، وهذه رسالة سياسية أخرى أيضا، ولكن الصحيح أن الزيارة تمت، وأعطت مفعولها، بدليل زيارة وزير الخارجية المصري للسعودية، وتأكيد «الجبير» في ختام اللقاء معه أن زيارة وفد الحركة إلى المملكة كانت لتأدية العمرة، ولم تكن زيارة رسمية.
هذه الكلمات الدبلوماسية التي يتبادلها الطرفان السعودي والمصري، وبعضها تحت الحزام، تؤكد أن الأزمة موجودة، وتتجه نحو المزيد من التأزم في المستقبل إذا لم يتم تطويقها بسرعة، وهذا موضع شك بسبب اتساع الهوة، واختلاف المصالح، وتغير التحالفات، وانقلاب خريطة المحاور، بحسب الصحيفة.