قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية الدولية، إن قوات تتبع حكومة جنوب السودان، ومقاتلين متحالفين معها ارتكبوا عشرات جرائم القتل والاغتصاب والإحراق والنهب واسع النطاق لممتلكات المدنيين في هجمة عسكرية بولاية الوحدة، شمالي البلاد، مشيرة إلى أن تلك الأعمال ترقى إلى «جرائم الحرب».

 وأوضحت المنظمة في تقرير نشرته على موقعها الرسمي على الانترنت، مؤخرا، أن تلك الجرائم التي وقعت خلال الهجمات التي استمرات بين أبريل/نيسان، ويونيو/حزيران 2015، أدت إلى «نزوح جماعي» للمدنيين بالولاية، وقد تشكل أعمال القتل والاغتصاب «جرائم ضد الإنسانية».

وأشارت المنظمة إلى أن تقريرها المكون من 42 صفحة، استند إلى ما يزيد على 170 مقابلة تمت بين يونيو/حزيران الماضي، ويوليو/تموز الجاري، مع الناجين والشهود.

وبحسب التقرير، نزح أكثر من 125 من هؤلاء بفعل القتال أو الاعتداء على قراهم من قبل قوات الحكومة أو المليشيات المتحالفة معها من جماعة «بول نوير» العرقية.

ووثقت «هيومن رايتس ووتش»، في تقريرها، روايات صادمة لما يقارب 60 جريمة قتل غير مشروع ضد نساء ورجال وأطفال مدنيين، وبينهم بعض كبار السن، فتم شنق البعض، وإطلاق الرصاص على البعض، وإحراق آخرين أحياء.

 وأوضحت أنها اختارت من أجريت معهم المقابلات عشوائياً، مشيرة إلى أنه «من شبه المؤكد أن عدد الحالات التي وثقتها لا يمثل سوى قسماً ضئيلاً من المجموع الكلي».

وطالبت المنظمة، مجلس الأمن الدولي، بالتوسع في العقوبات الفردية المستهدفة بحق القادة وغيرهم من المسؤولين عن الجرائم الخطيرة أثناء هجمة ولاية الوحدة، وفرض حظر للتسلح على أطراف النزاع للمساعدة في وقف الهجمات المستمرة على المدنيين.

كما طالبت الرئيس الأمريكي «باراك أوباما»، بالتقدم بتعهد علني للمطالبة بحظر التسلح عند زيارته للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا بإثيوبيا في أواخر يوليو/تموز الجاري.

ودعت إلى إخضاع قادة الهجوم على جنوب الولاية في مايو/أيار للتحقيق بدورهم، وكذلك دور رئيس الأركان «بول مالونغ»، في التخطيط للهجمات، ولتحديد إلى أي مدى كان يعلم أو يفترض أن يعلم بوقوع الانتهاكات.

ووثقت «هيومن رايتس ووتش» 63 حالة  اغتصاب، تشمل الاغتصاب الجماعي وحالات تم فيها اغتصاب نساء من قبل عدة مقاتلين، كما تواتر اعتداء جنود الحكومة ومقاتلي جماعة «بول نوير» بالضرب على السيدات، بشكل متكرر أحياناً، وتهديدهن بالقتل.

من جانبه، قال «دانيال بيكيلي»، مدير قسم أفريقيا في المنظمة: «قامت قوات موالية للحكومة بعمليات قتل مروعة وجرائم اغتصاب واسعة النطاق، كما أحرقت منازلاً تفوق الحصر فيما كانت تجتاح مساحات كبيرة من ولاية الوحدة، وتأتي الهجمة المدمرة في الولاية كأحدث الفصول في نزاع يتسم باستهانة صادمة بأرواح المدنيين».

وتابع: «تتحمل النساء والفتيات القسم الأكبر من هذه الهجمة الوحشية حيث يستهدفهن المقاتلون بالاغتصاب والاختطاف والضرب والتشغيل القسري، وتوحي الاعتداءات الوحشية على المدنيين الفارين، إضافة إلى إحراق القرى على نطاق واسع، وإحراق الأطعمة وغيرها من المواد التي يحتاجها الناس للبقاء على قيد الحياة، بأن هدف الحكومة كان تهجير الناس قسرياً من منازلهم».

وبدأ نزاع جنوب السودان في ديسمبر/كانون الأول 2013، وأشعلت فتيله معركة بالرصاص بين قوات موالية للرئيس «سيلفا كير ميارديت، وأخرى موالية لنائب الرئيس السابق «ريك ماتشار».

 وهيمنت على النزاع جرائم الحرب، بما فيها قتل المدنيين على نطاق واسع بسبب أصلهم العرقي أو ولائهم المفترض، ففر مليونا شخص من منازلهم.

وفي أبريل/نيسان 2015، شنت الحكومة هجمة متعددة المحاور لاستعادة أراضِ تسيطر عليها المعارضة في ولاية الوحدة، فتسببت الحملة التي أطلقها الجيش الشعبي لتحرير  سودان والمليشيات المتحالفة معه في نزوح ما لا يقل عن 100 ألف شخص، بحسب الأمم المتحدة.

وفر عشرات الآلاف من المعدمين، دون طعام أو ماشية أو مأوى، إلى إحدى قواعد الأمم المتحدة في عاصمة الولاية، حيث يعيش الكثيرون في ظروف من الاكتظاظ ورداءة الشروط الصحية، كما فر آخرون إلى مناطق المستنقعات حيث تجاهد وكالات الإغاثة للوصول إليهم.