هل يدير الخليج ظهره اقتصاديا لـ«السيسي»؟

الثلاثاء 28 يوليو 2015 09:07 ص

مع شروع الإمارات في اتخاذ خطوات جدية نحو التقشف وترشيد الإنفاق العام، شأنها في ذلك شأن معظم دول الخليج، وفي مقدمتها سلطنة عمان والبحرين والكويت، ومع ما يتردد عن «فتور» في العلاقات بين النظام الحاكم في مصر والمملكة العربية السعودية، يبقى السؤال الملح هو: هل تدير دول الخليج ظهرها للرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» بعد أن دعمته بأكثر من 20 ملياردولار؟.

وتأتي خطوات التقشف الإماراتية بهدف معالجة مشكلة نقص الإيرادات والعجز في الموازنة العامة للدولة والناجم بشكل أساسي عن تراجع أسعار النفط عالمياً وفقدانه نحو 50% من قيمته، منذ شهر يونيو/حزيران 2014، مع استمرار زيادة الإنفاق على الأمن والدفاع والبالغ مخصصاتها نحو 130 مليار دولار في منطقة الخليج كاملة، بحسب تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، «جون كيري» السبت الماضي.

ووفق مقال كتبه المحلل الاقتصادي «مصطفى عبد السلام»، في صحيفة «العربي الجديد»، فإن هناك بعض الأسباب المنطقية الاقتصادية التي دفعت الدولة الخليجية الثرية وغيرها من دول المجموعة نحو سياسة التقشف وترشيد الإنفاق العام ورفع أسعار السلع والخدمات.

فبنظرة إلى الأرقام الرسمية المتعلقة بالوضع المالي الإماراتي ومعدلات النمو الاقتصادي سواء للعام الحالي 2015 أو الأعوام القادمة، نجد أنها تتراجع، صحيح أنها أرقام غير مخيفة، ولكنها تدعو إلى الحذر، وإلا سيترتب عليها استنزاف الإمارات لاحتياطياتها من النقد الأجنبي أو الاقتراض من الخارج كما فعلت دول خليجية أخري، بحسب «عبد السلام».

ووفق الكاتب، فإنه من المتوقع أن تشهد الإمارات عجزاً في المالية العامة يبلغ 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 مقابل فائض 5% العام الماضي، بحسب توقعات صندوق النقد الدولي.

مضى «عبد السلام» قائلا، إنه حسب بيانات صادرة عن مؤسسات مالية دولية لها ثقلها فإنه من المتوقع أن تسجل الإمارات، هذا العام، أول عجز مالي لها منذ عام 2009، كما أنه من المتوقع أن يتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلاد إلى 3%، هذا العام، من 4.6% في 2014 ليرتفع إلى 3.1% العام المقبل.

وبسبب هذه الأرقام وغيرها والتي، في رأي «عبد السلام»، تبدو مزعجة للدولة الخليجية الثرية تحركت الحكومة الإماراتية سريعاً لتفادي أي خلل كبير في الموازنة العامة ومركز البلاد المالي، وتفادي كذلك أي ركود اقتصادي حاد.

وكانت الإمارات أقدمت على بعض الخطوات لتفادي الوقوع في ركود اقتصادي حاد، وفق الكاتب الذي قال إن من بين تلك الإجراءات، قيامها الأربعاء الماضي، بتحرير أسعار البنزين والديزل بداية من أول شهر أغسطس/آب القادم، واستحداث سياسة تسعير جديدة ترتبط بالمستويات العالمية، وذلك لتوفير 7 مليارات دولار تنفقها الدولة سنوياً على دعم الوقود، وبالطبع سيترتب على هذه الخطوة رفع أسعار المشتقات البترولية من بنزين وديزل، والحد من رواج السيارات عالية الاستهلاك للوقود وذات المحركات الكبيرة.

وبالطبع، أيضاً، فإن خفض الدعم داخل الإمارات وتحرير أسعار الوقود والسماح لأسعار البنزين والديزل بالارتفاع قد يدعم المركز المالي للدولة الخليجية، والذي ضعف بسبب تراجع إيرادات أسعار النفط التي تشكل إيراداته الجزء الأكبر من المالية العامة.

ومن بين الخطوات التي لها دلالة أنه في شهر يناير/كانون الثاني الماضي رفعت أبوظبي العاصمة الإماراتية الغنية بالنفط والثرية مالياً، رسوم الكهرباء والمياه في إطار خفض الدعم الحكومي الهائل، علماً بأن زيادة هذه الرسوم كان من الأمور التي لا يتم الاقتراب منها داخل دول الخليج لحساسيتها الكبيرة لدي المواطنين.

ووفق الكاتب، هناك توقعات بإجراءات تقشفية أخرى ستطول أسعار سلع وخدمات أخري، ليس داخل دولة الإمارات وحسب، بل داخل كل دول الخليج.

وفي ظل حالة التقشف تلك، وترشيد الإنفاق العام، بما فيها الإنفاق على خدمات ضرورية، مثل المياه والكهرباء وتسجيل الإمارات عجزاً ملحوظاً في الموازنة العامة، فإن السؤال المطروح هنا هو، هل ستواصل الدولة الخليجية دعم النظام المصري الذي تعد أبرز معاونيه، وهل ستواصل الإمارات تزويد هذا النظام بمليارات الدولارات الجديدة سواء في شكل منح ومساعدات نقدية أو عينية مثل المشتقات النفطية؟.

وكشف الكاتب أن الإمارات منحت نظام ما بعد الانقلاب على «محمد مرسي»، في 3 يوليو/تموز 2013- والذي يعد أول رئيس مدني متخب تعرفه البلاد- معونات ومساعدات مباشرة ومعلنة فاقت 20 مليار دولار، إضافة إلى منح البنك المركزي المصري ملياري دولار نقداً، في شهر أبريل/نيسان الماضي، ضمن مساعدات خليجية بلغت 6 مليارات دولارات، كما تواصل الإمارات منح حكومة مصر مشتقات بترولية من بنزين وسولار وخلافه، إضافة إلى وعود باستثمارات جديدة، تقدر بمليارات الدولارات، تعهدت بها في مؤتمر شرم الشيخ المنعقد في شهر مارس/آذار الماضي.

ولم يوضح «عبد السلام»، مصادر أرقامه حول الدعم الإماراتي لـ«السيسي»، غير أن الشيخة «لبنى بنت خالد القاسمي» وزيرة التنمية والتعاون الدولي الإماراتية، قالت السبت الماضي، إن إجمالي المساعدات التي قدمتها بلادها، للرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، تجاوزت ما تعهدت به.

وفي حوار مع صحيفة «الجمهورية» المصرية المملوكة للدولة، السبت، والتي نشرت نصها وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، قالت «القاسمي» إن «إجمالي المساعدات الإماراتية المدفوعة تخطت ما أعلنت دولة الإمارات عن تقديمه للشقيقة الكبرى مصر بالأخص بعد اندلاع ثورة 30 يونيو 2013 ( المظاهرات التي أعقبها انقلاب قادة الجيش على الرئيس مرسي) من التزامات لدعم الاستقرار الاقتصادي والتنموي فيها، حيث كانت الالتزامات التي أعلنتها الإمارات تناهز نحو 24 مليار درهم (6.5 مليار دولار) ولكنها تجاوزت حاجز الـ29 مليار درهم (نحو 8 مليار دولار)».

ومضى «عبد السلام» في مقاله متسائلا، هل تنظر دول الخليج الأخرى التي تعاني من مشكلات اقتصادية داخلية مثل الكويت والبحرين وسلطنة عمان، إلى مصالحها وتدير ظهرها هي الأخرى إلى «السيسي»، وهل يمتد «التوتر» في العلاقات مع النظام السعودي الحالي إلى وقف الدعم الاقتصادي لنظام الانقلاب«.

وكان «سامح شكري»، وزير الخارجية المصري قد أجرى جولة خليجية، قبل أيام، شملت السعودية والإمارات والكويت، وقالت المصادر الرسمية غنها كانت بهدف مناقشة العلاقات الثنائية وقضايا المنطقة، غير أن المصادر غير الرسمية والقريبة من الأحداث اوضحت أن الزيارة كان هدفها إزالة .التوتر» في العلاقات مع السعودية، مشيرة إلى أنها فشلت في هذا الأمر.

  كلمات مفتاحية

دول الخليج الإمارات سياسات التقشف العلاقات المصرية الخليجية المساعدات الخليجية لمصر

زيارة وزير الخارجية المصري فشلت في إنهاء التوتر بين القاهرة والرياض

«القاسمي»: الإمارات منحت «السيسي» 1.5 مليار إضافية بخلاف ما تعهدت به سابقا

وزير كويتي سابق: «هيكل» سمم «عبدالناصر».. و«السيسي» لا يفهم السياسة

«فورين آفيرز»: نظام السيسي «مستقر بتحالف المصالح» ومصيره الفشل

مصر والإمارات ضد الانفتاح السعودي على تركيا والإخوان و«السيسي» يتنبى دورا انتقاليا لـ«الأسد»

مصر تمدد تفويض إرسال قواتها إلى الخليج والبحر الأحمر لستة أشهر

ترسيم الحدود المصرية السعودية يعود للواجهة من جديد...فهل حان موعد الترسيم؟

اقتصاد الخليج والتنافس الدولي

فرص هائلة تنتظر الخليجيين المترددين في القطاع الخاص

استثناءات الموازنة وتقنين فساد العسكر بمصر