ضربة القرن.. أمريكا وألمانيا تجسستا على 120 دولة

الأربعاء 12 فبراير 2020 08:57 ص

نجحت الاستخبارات الأمريكية والألمانية، على مدى عقود، في استخدام شركة سويسرية متخصصة في تشفير الاتصالات، للتجسس على نحو 120 دولة حول العالم، في عملية وصفت بأنها "ضربة القرن".

كشفت ذلك، تقارير إعلامية أمريكية وألمانية وسويسرية، الثلاثاء، في تحقيق فضح تورط شركة التشفير "كريبتو إيه جي"، التي تربّعت بعد الحرب العالمية الثانية على عرش قطاع بيع تجهيزات التشفير، في العملية.

وقال تحقيق أجرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، بالتعاون مع التليفزيون الألماني "زد دي إف"، ومحطة الإذاعة والتليفزيون السويسرية "إس آر إف"، إن الحكومات في جميع أنحاء العالم كانت تثق بالشركة، دون أن تعلم أن الشركة كانت مملوكة لـ"سي آي إيه" والمخابرات الألمانية منذ عام 1970، وأن هذين الجهازين الاستخباريين كانا قادرين على فك الشفرات التي تستخدمها الدول.

وكانت أبرز الجهات التي تعاملت مع الشركة السويسرية هي، إيران والمجالس العسكرية في أمريكا اللاتينية، والهند وباكستان والفاتيكان.

ولكن روسيا والصين لم تثقا أبدا في هذه التقنيات، ورفضتا التعاون مع الشركة.

وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" اشترت سرا في عام 1970، شركة "كريبتو إيه جي" وذلك في إطار "شراكة سرية للغاية" مع جهاز الاستخبارات الألماني "بي إن دي"، الذي انسحب من الشراكة في تسعينات القرن الماضي، لتبيع بعدها وكالة الاستخبارات المركزية شركة "كريبتو" في عام 2018.

وعمدت وكالتا الاستخبارات إلى "التلاعب بتجهيزات الشركة بغية فك الرموز التي كانت البلدان (الزبائن) تستخدمها في توجيه رسائلها المشفّرة".

ووفقاً لصحيفة "واشنطن بوست"، فإن الوثائق التي تم تحليلها، تشير إلى أن أكثر من 120 دولة استخدمت تقنية التشفير الخاصة بالشركة المذكورة، في الفترة بين خمسينات القرن الماضي، وحتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ونجحت مخابرات البلدين عبر هذه الطريقة في مراقبة أزمة احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران عام 1979، وتزويد بريطانيا بمعلومات عن الجيش الأرجنتيني إبان حرب (الملوين/فوكلاند).

كما سهلت متابعة حملات الاغتيال في أمريكا اللاتينية، ومباغتة مسؤولين ليبيين خلال إشادتهم باعتداء على ملهى ليلي في برلين الغربية عام 1986، أسفر عن مقتل جنديين أمريكيين.

ماكينات تشفير

التحقيق كشف أن عملية التجسس كان يتم عبر بيع شركة "كريبتو أيه جي"، أجهزة تشفير للكثير من دول العالم، على أن تستخدم المخابرات الأمريكية والألمانية معدات من الشركة لفك تلك الشفرات.

وصنع المخترع الروسي "بوريس هاجلين"، ماكينة تشفير محمولة، عندما هرب إلى الولايات المتحدة، إثر الاحتلال النازي للنرويج في الأربعينات.

ووزعت الأجهزة الصغيرة على 140 ألف جندي أمريكي في ساحات القتال.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية انتقل "هاجلين" إلى سويسرا.

وأصبحت تكنولوجيته متطورة إلى درجة أن الولايات المتحدة خشيت من أنها ستمنعها من التجسس على الحكومات الأخرى.

لكن خبير فك الشيفرات "وليام فريدمان"، أقنع "هاجلين"، بعدم بيع ماكيناته الأكثر تطورا إلا للدول التي توافق عليها الولايات المتحدة.

أما الماكينات القديمة التي تقدر المخابرات الأمريكية على فك شيفراتها فتباع لبقية الحكومات.

ضربة القرن

وجاء في تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، يعود لعام 2004، أن العملية المسماة "تيزوروس"، ومن ثم "روبيكون"، كانت "ضربة القرن" على صعيد العمل الاستخباري.

وبحسب "واشنطن بوست"، لم تشأ وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ولا جهاز الاستخبارات الألماني الإدلاء بأي تعليق حول التحقيق، من دون أن تنفيا المعلومات الواردة فيه.

من جهته، أكد المنسّق السابق للاستخبارات الألمانية "برند شميدباور" للتليفزيون الألماني "زد دي إف"، أن "روبيكون" كانت بالفعل عملية استخبارية، مشيرا إلى أنها ساهمت في "جعل العالم أكثر أمنا".

واعتبرت الشركة السويدية "كريبتو إنترناشونال" التي اشترت "كريبتو إيه جي"، أن التحقيق "يثير القلق"، نافية وجود "أي رابط مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وجهاز الاستخبارات الألماني".

فيما قالت الصحيفة، إنه "عندما كانت الشركة ملكاً للمخابرات البلدين، فإنهما كسبتا ملايين الدولارات من وراء الشركة".

واقتبست القناة الثانية بالتليفزيون الألماني، من الملفات ما نصه: "كانت الأرباح السنوية تضاف لموازنة المخابرات الألمانية (...) ولم تكن هناك رقابة على هذه الأموال من قبل لجنة الموازنة في البرلمان أو الجهاز المركزي للمحاسبات في ألمانيا".

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

تشفير مراسلات فك تشفير تكنولوجيا المراقبة والتجسس وكالات التجسس مخابرات مخابرات ألمانيا

ميدل إيست آي: بعد الفلسطينيين.. إسرائيل تتجسس على العالم

فضيحة كريبتو.. كيف دفعت 120 دولة أموالا للتجسس عليها؟

وقائع مثيرة من حرب التجسس الروسية على ألمانيا.. لماذا هددت ميركل بوتين؟

محكمة ألمانية: تنصت الاستخبارات خارج البلاد مخالف للدستور 

تقرير: 6 دول تمارس أنشطة تجسس في ألمانيا.. بينها سوريا والأردن

المخابرات السويسرية كانت تعلم فضيحة كريبتو للتجسس.. كيف؟

للتجسس على حكومات.. مخابرات أمريكا وألمانيا اخترقتا شركة تشفير سويسرية ثانية