خلية الإخوان.. هل تحول السودان لساحة جديدة للحرب على الإسلام السياسي؟

الاثنين 17 فبراير 2020 08:54 م

أثار إعلان النيابة العامة السودانية، الخميس 13 فبراير/شباط 2020، اكتشاف "خلية إرهابية" تابعة لتنظيم "الإخوان المسلمون" في مصر، الكثير من الجدل والتساؤلات حول مغزى تحرك السلطات السودانية ضد ناشطين "الإخوان" الموجودين على أراضيها في هذا التوقيت تحديدا، وعلاقة ذلك بتطورات الأحداث السياسية في السودان مؤخرا.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، أصدرت النيابة العامة السودانية بيانا أعلنت فيه إقرار المتهم بقيادة الخلية الإخوانية المزعومة تدريبا على صناعة وتركيب المتفجرات، وأشارت إلى أنه تم إرساله وبقية أعضاء الخلية إلى السودان قبل 6 أشهر عن طريق التهريب؛ بغرض تنفيذ عمليات تفجيرية داخل السودان.

أما أهداف الخلية فظلت غير واضحة المعالم في بيان النيابة، الذي نوه إلى ضبط السلطات السودانية أحزمة ناسفة، ومواد كيميائية، وأجهزة إلكترونية، وخرائط لبعض المدن السودانية، في منزل أحد عناصر الخلية المزعومة.

لكن وسائل الإعلام السعودية والإماراتية انفردت بنشر تفاصيل حول الخلية المزعومة لم تأت في البيانات الرسمية السودانية، وهو ما يلقي بظلال من الشك حول إمكانية "تسييس" الاتهامات المسندة إلى ناشطي "الإخوان".

دوافع مشبوهة

وتعود هذه الشكوك إلى مصدر هذه المعلومات وانسجامها مع خط السعودية والإمارات الإقليمي، الدافع باتجاه وصم "الإخوان" بالإرهاب واعتبار الجماعة هي "أم الحركات المتطرفة حول العالم"، وينطبق ذلك بشكل خاص على تنظيم "الإخوان" في مصر، باعتباره العمود الفقري لتنظيم الجماعة الدولي.

في هذا الإطار، نقل موقع "العين" الإماراتي عن مصادر وصفها بالمتطابقة أن المتهم الرئيس بخلية الإخوان المزعومة "كادر فني" وأن عائلته تقيم حاليا في تركيا، بعدما هربت من حملة السلطات الأمنية بالقاهرة على "الإرهاب".

وبحسب الرواية فإن المتهم أفاد في أقواله أمام جهات التحري أنه بعد وصوله للسودان بدأ في البحث عن منزل للإيجار على أن يكون بالأحياء الطرفية وفق التعليمات التي تلقاها من تنظيمه الذي كان في تواصل مستمر معه، وأن أفراد الخلية المزعومة ظلوا في المنزل 6 أيام، وقاموا بتخزين متفجرات وأحزمة ناسفة، لكن سكان الحي لاحظوا نشاطا مشبوها فأبلغوا السلطات.

أما قناة "العربية" (مقرها دبي وتمولها السعودية) فنقلت عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن المتهمين كانوا يتنقلون بين منازل بها "مخازن"، وتم اكتشاف ذلك عبر معلومة وردت إلى السلطات المختصة حول تصنيع مواد كيميائية في أحد المنازل بمنطقة الحاج يوسف بالخرطوم.

في السياق ذاته، زعم موقع "العين" في سبتمبر/أيلول الماضي، أن هناك نحو 300 إخواني هارب من مصر يعيشون في مزارع بمنطقة شرق النيل بالعاصمة الخرطوم منذ سنوات، ويتخذون أسماء حركية "مستعارة"، بعضهم فر إلى تركيا عقب سقوط نظام "البشير" بتسهيلات من رئيس الأركان السوداني المعزول "هاشم عبدالمطلب".

وفيما يبدو، كانت وسائل الإعلام في الإمارات والسعودية تمهد منذ فترة طويلة لحملة ضد الإخوان المصريين في السودان، وتعد هذه الحملة فيما يبدو امتدادا للحملة الكبرى التي يقودها البلدان الخليجيان ضد تنظيم "الإخوان المسلمون" منذ عام 2013.

ومنذ سقوط نظام الرئيس "عمر البشير" بفعل الاحتجاجات الشعبية في أبريل/نيسان 2017، مارست الإمارات والسعودية نفوذا كبيرا على المجلس العسكري الذي خلف "البشير" في الحكم، ويعتقد أن الدولتين لا تزالان تتمتعان بنفوذ كبير داخل مجلس السيادة الذي يقوده الجنرال "عبدالفتاح البرهان" المقرب من دول الخليج.

نتيجة لذلك، يتحدث مراقبون للشأن السوداني حول أن قضية "الإخوان" الجديدة تحمل طابعا سياسيا لا يمكن تجاهله، وبالنسبة إلى السلطات الجديدة في السودان، تحقق القضية عدة أهداف في آن واحد، أولهما تضييق الخناق على تيار "الإخوان المسلمون"، بمن في ذلك الإسلاميون الداعمون لنظام "البشير" في السودان، وتوفير فرصة للنظام الجديد لإعادة تقديم نفسه متخلصا من الاتهامات التقليدية الموجهة للسودان بدعم الإسلاميين منذ استضافة "البشير" لمؤسس تنظيم القاعدة "أسامة بن لادن" مطلع التسعينات، وأخيرا، إرضاء حلفاء السودان الجدد في السعودية والإمارات والقاهرة.

وعليه فإن الخلية المزعومة ليست سوى عدد من أفراد الإخوان المصريين الذين طالب الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" السلطات السودانية الجديدة بتسليمهم للقاهرة، استثمارا لفرصة تغيير السلطة في البلاد، بعدما غض نظام "البشير" الطرف عن لجوئهم إلى بلاده خلال الأعوام السابقة.

تضييق الخناق

لا يمكن فصل هذا التطور الأخير أيضا عن الاتفاق الذي تم إبرامه في وقت سابق بين الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" ونائب رئيس المجلس العسكري السوداني "محمد حمدان دقلو"، المعروف باسم "حميدتي"، على تسليم الخرطوم العناصر المطلوبة أمنياً إلى القاهرة، وبصفة خاصة أولئك المنتمون لجماعة "الإخوان المسلمون".

في هذا السياق، ينوه الكاتب والصحفي السوداني "عامر الصيفي"، في حوار أجراه مع صحيفة الدستور المصرية (خاصة) في 15 فبراير/شباط 2020، إلى وجود تعاون متنام بين القاهرة والخرطوم لمواجهة جماعة "الإخوان" الفترة الماضية.

ويصف "الصيفي" القبض على أعضاء الخلية المزعومة بأنه فقدان لأهم ملاذ يتجه إليه "الإخوان" الملاحقين أمنيا في مصر.

وعلى المنوال ذاته، جاء تعليق "ماهر فرغلي"، الذي تقدمه وسائل إعلام مصرية كمتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، في مداخلة هاتفية مع برنامج "مساء DMC"، الذي يعرض عبر شاشة "DMC"، والذي اتهم فيه مستشاري الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" بالوقوف وراء إرسال "الإرهابيين إلى السودان للقيام بعمليات".

تبدو قضية "خلية الإخوان" في السودان إذن فصلا جديدا في الصراع الإقليمي بين محور السعودية والإمارت، وبين تيارات الإسلام السياسي في المنطقة.

وفي هذا السياق، يرى الخبير في الشأن السوداني "مارك لافرن" أن الخرطوم ستظل أسيرة لهذا الصراع طالما واصلت السماح بتدفق الأموال إلى خزائنها من دول الخليج.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح البرهان الإخوان المسلمين عمر البشير عبدالفتاح السيسي

تسليم البشير.. فصل جديد في الصراع الداخلي على السلطة في السودان

قطار التطبيع.. هكذا تم إدراج السودان في نادي أصدقاء إسرائيل

موقع سعودي: السودان يعتقل قيادات بإخوان مصر بينهم برلمانيون سابقون

مختفية قسريا تقوض الرواية الأمنية السودانية حول خلية الإرهاب المصرية