بوليتيكو: القيادة الإيرانية خسرت رغم تلاعبها بالانتخابات

الاثنين 24 فبراير 2020 05:15 م

كان الهدف من الانتخابات البرلمانية الإيرانية التي جرت الجمعة، والتي لم يُسمح فيها بالترشح إلا للمحافظين، شراء فوز سهل يمكن الترويج له لنظام المرشد الأعلى الإيراني "علي خامنئي" المتعثر.

ويبدو الآن أن الانتخابات، التي كان الهدف منها تعزيز شرعية النظام، تفعل العكس؛ وذلك بسبب الإقبال الأدنى في تاريخ الجمهورية الإسلامية.

وكان هناك قلق متزايد من أن الحكومة قللت من حجم تفشي فيروس كورونا لعدم المخاطرة بعزوف الناس عن مراكز الاقتراع الفارغة أساسا، وتسبب فيروس كورونا في وفاة 8 أشخاص في إيران، وهو أكبر عدد من القتلى خارج الصين.

واتهمت وزارة الخارجية الأمريكية طهران بالتقليل عمدا من بيانات تفشي المرض ونشر معلومات مضللة.

على النقيض من ذلك، اشتكى "خامنئي"، الذي حث الناس على الخروج والتصويت، من أن أعداء البلاد قد استخدموا الفيروس كدعاية، وقال إن الرسائل عبر الإنترنت قد سعت لردع الناس عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع الجمعة.

ومنذ ليلة الجمعة، امتنعت طهران عن الإفصاح حتى عن رقم "الإقبال" الرسمي في التصويت على مقاعد مجلس النواب الـ290، لكن وزير الداخلية "عبدالرضا رحماني فضلي" ذكر يوم الأحد أن النسبة كانت أقل بقليل من 43%.

وتقل هذه النسبة كثيرا عن 62% في عام 2016 و69% عام 2000، التي شهدت فوزا كبيرا للمعسكر الإصلاحي بقيادة الرئيس "محمد خاتمي"، وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2017،  73%.

وقال الوزير الإيراني إن نسبة المشاركة في طهران الجمعة كانت 25.4% فقط، وخلال يوم الاقتراع، تحدث المسؤولون عن أرقام منخفضة من مختلف أنحاء البلاد، ومع ذلك، يتمتع النظام بخبرة في حشد ونقل الموالين له في الأحداث الكبرى، وقد تأخر إغلاق مراكز الاقتراع مرارا يوم الجمعة في محاولة لتضخيم الأرقام.

وكانت الانتخابات فرصة لـ"خامنئي" لإعادة تجميع قاعدته المتشددة بعد أشهر من الأزمة، حيث قتلت قواته مئات المحتجين في نوفمبر/تشرين الثاني، وأسقطت إيران بالخطأ طائرة ركاب أوكرانية الشهر الماضي راح ضحيتها 176 شخصا.

وفي تخل عن التظاهر المعتاد بأن المنافسة مفتوحة، منعت السلطات هذا العام المرشحين الذين لم يكونوا متحالفين بشكل وثيق مع النظام، واستبعد مجلس صيانة الدستور، الذي يفحص من يمكنه الترشح، نحو 7 آلاف من بين ما يقارب 14 ألف مرشح، وانتقد وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" العملية باعتبارها "خدعة".

ولم تخرج النتائج الكاملة بعد، لكن أرقاما مبكرة من طهران أظهرت فوزا كبيرا للمحافظين من معسكر "محمد باقر قاليباف"، العمدة السابق للمدينة، الذي يُرجح على نطاق واسع أنه رئيس البرلمان المقبل.

وتمشيا مع التغييرات الأوسع نطاقا في المشهد السياسي والتجاري في إيران، من المتوقع أن يعزز التصويت سلطات الأشخاص المرتبطين بالحرس الثوري في كل مكان، والذين تتراوح مصالحهم الآن من أمن الحدود إلى البناء، وكان "قاليباف"، على سبيل المثال، رئيسا للقوات الجوية للحرس الثوري سابقا.

وبالرغم من تقييد المشهد البرلماني بشدة هذا العام، فقد كان "خامنئي" يأمل في "مشاركة واسعة" في الانتخابات، كرمز لإيمان الإيرانيين بثورتهم، وإظهارا لتحدي الأعداء الأجانب، وهو ما يعني عادة الولايات المتحدة، و(إسرائيل)، والمملكة العربية السعودية.

ومع ذلك، فقد أصبح من الواضح، بشكل متزايد، أن المسؤولين الإيرانيين كانوا يضغطون على الناخبين ليخرجوا ويصوتوا، على الرغم من تزايد الأدلة على أن تفشي فيروس كورونا في البلاد كان أشد مما كان متوقعا.

وفي أعقاب التصويت، أعلنت إيران فجأة عن حملة صارمة لمحاولة وقف انتشار المرض، وأعلنت عن إغلاق المدارس والجامعات والمراكز الثقافية ودور السينما، وسيتم إلغاء العديد من المباريات الرياضية، بينما سيتم لعب العديد من المباريات الرياضية الكبيرة بدون جمهور، حتى إن عمدة منطقة طهران أصيب بالمرض، وأغلقت تركيا وباكستان وأرمينيا وأفغانستان حدودها مع إيران، أو جعلت النقل عبرها محدودا.

ويطرح مثل هذا الإجراء الواسع في جميع أنحاء البلاد أسئلة فورية حول سبب قرار طهران بعدم تأخير التصويت لأسباب تتعلق بالصحة العامة، حيث كان واضحا بحلول يوم الاقتراع أن تفشي المرض قد انتشر في أماكن متنوعة، مثل مدينة "قم"، وساحل بحر قزوين.

ولن يؤدي اتهام أمريكا باستغلال تفشي الفيروس للتشويش على الانتخابات إلا إلى تفاقم الغضب العام الذي اندلع بسبب كذب الحكومة الإيرانية مرارا بشأن دورها في إسقاط الطائرة الأوكرانية.

وعلى نحو غير معتاد في بلد يبغض فيه المسؤولون الاعتراف بأخطائهم، اعترف "رحماني فضلي" بأن التعامل مع قضية الطائرة يمكن أن يثبط الناخبين عن الخروج.

على أي حال، أشاد "خامنئي" بحماسة الناخبين في مدينة "قم"، المدينة الدينية الأكبر، التي يبدو أنها مركز تفشي "فيروس كورونا".

وقال: "على الرغم من أن سكان قم كانوا في قلب هذا المرض، لكن قم كانت واحدة من أكثر الدوائر الانتخابية التي شهدت إقبالا كثيفا".

المصدر | كريستيان أوليفر | بوليتيكو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا الانتخابات البرلمانية الإيرانية العلاقات الإيرانية الأمريكية

وفاة 5 بكورونا في إيران.. وإصابة عمدة مقاطعة في طهران

انتخابات إيران.. قاليباف يقود مذبحة الإصلاحيين والمتشددون يستعيدون السلطة المطلقة

كيف ستضر الانتخابات الإيرانية بالنظام على المدى البعيد؟

لا يمكن تغيير مشيئة الله.. ظريف يثير التكهنات حول نيته الترشح لرئاسة إيران