ماذا بعد الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان؟

الأحد 1 مارس 2020 11:22 ص

بعد 18 عاما من الحرب، وقعت كل من الولايات المتحدة وحركة "طالبان" اتفاقا ينهي أخيرا أطول حرب أمريكية على الإطلاق. ولا ينهي الاتفاق الحرب الأهلية في أفغانستان، لكنه يضع الآن مصير النزاع في أيدي الشعب الأفغاني نفسه. ولا تزال هناك عوائق أمام تحقيق السلام في أفغانستان، لكن ينبغي تنفيذ الاتفاق وسحب القوات الأمريكية من أفغانستان.

وتنص البنود الرئيسية للاتفاقية على انسحاب جميع القوات الأمريكية، البالغ مجموع عددها 13 ألف جندي، الموجودة حاليا في أفغانستان، في مقابل وقف لإطلاق النار بين القوات الأمريكية و"طالبان"، والحد من العنف بين القوات الأفغانية وقوات "طالبان"، وضمانات لمكافحة الإرهاب من قبل "طالبان" بما في ذلك قطع العلاقات مع "القاعدة"، (من غير المرجح أن يحدث)، ومواصلة قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" في أفغانستان.

بالإضافة إلى ذلك، وافقت "طالبان" على بدء محادثات مع الحكومة الأفغانية في "أوسلو" في غضون 10 أيام. ومن المتوقع تخفيض مستويات القوات الأمريكية إلى 8 آلاف و600 جندي، بحلول اليوم 135، وسحب جميع القوات في نهاية فترة تمتد إلى 14 شهرا. ولا تلزم الصفقة الولايات المتحدة بمواصلة الانسحاب إذا لم تحترم "طالبان" الصفقة.

الطريق المضطرب إلى السلام المستدام

ويجب أن تؤدي المفاوضات بين الأفغان إلى ترتيب لتقاسم السلطة، وهو أمر سيشمل حتما تنازلات غير مقبولة سابقا من كلا الجانبين، مثل الحكم الفيدرالي، وإعادة دمج مقاتلي طالبان في قوات الأمن الأفغانية، وهذه ليست سوى خطوة واحدة من العملية.

ويجب أن نكون متشككين في أن هذه الخطوات سوف تكتمل بنجاح وعلى وجه السرعة. وفي محادثاتي مع أولئك الذين يعملون في أفغانستان حول القضايا الأمنية، يوجد بعض الاعتراف بأن العديد من هذه الخطوات تتراوح ما بين ضرورية أو من الصعب تحقيقها. وتعد خطوة مثل إعادة دمج مقاتلي "طالبان"، والمصالحة فيما يتعلق بالفظائع والجرائم المرتكبة خلال الحرب، أمر مهم للغاية لتحقيق سلام دائم.

ومن المرجح دائما أن يعود القتال في النزاعات التي لا تشمل إعادة الإدماج والمصالحة. وعند السؤال عن إعادة دمج مقاتلي "طالبان" في قوات الأمن الأفغانية، يكون الرد المشترك هو "إذا كانوا يريدون الانضمام إلى قوات الأمن، فيمكنهم ذلك". لكن هذا غير كاف، وسيؤدي على الأرجح إلى استئناف نزاع واسع النطاق أو انشقاق جماعي لمقاتلي "طالبان" عن عملية السلام.

ويمكن للولايات المتحدة، بل وينبغي لها، أن تظل منخرطة في هذه العملية لتحسين احتمالات النجاح، لكن ارتباط الولايات المتحدة بالعالم كثيرا ما ارتبط بإسقاط القنابل. وكثيرا ما تفشل هذه السياسة الخارجية العسكرية في تحقيق الأهداف؛ لأن مثل هذه الأعمال تقوض دائما الاستراتيجية ذاتها التي تسعى إلى تحقيقها.

بدلا من ذلك، يمكن للولايات المتحدة مواصلة الدعم الدبلوماسي للحكومة الأفغانية وتقديم المشورة بشأن عملية التفاوض، ويمكنها تقديم كل المساعدات إلى أي طرف في أفغانستان بشكل يتوقف على الأقل على توفير الحماية الأساسية للنساء والأقليات، ويمكنها العمل دبلوماسيا مع باكستان وإيران لمتابعة الأهداف المشتركة لاحتواء عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" و"القاعدة" لمنعهم من إفساد عملية السلام.

القوات الأجنبية المتبقية

ويقاتل الكثيرون على الجانب الأمريكي من أجل استمرار وجود قوة لمكافحة التمرد تتكون من قوات العمليات الخاصة لمواصلة قتال عناصر "الدولة الإسلامية" و"القاعدة". ويمكن لمثل هذا الترتيب أن يكون مقبولا بشكل ما لدى قيادة "طالبان" والمفاوضين في الدوحة، لكن الرجال على الأرض قاتلوا طويلا، ومن الصعب قبول أي شيء سوى إنهاء الاحتلال الأجنبي. ومن غير المحتمل أن يقبلوا أي ترتيب ينتج عنه استمرار وجود القوات الأمريكية، بغض النظر عن الغرض منها.

وسوف يؤدي مثل هذا الاتفاق على الأرجح إلى انقسام في الرتب وصفوف المقاتلين إلى مجموعات أكثر عنفا وتهورا. وأظهرت الأبحاث أن اغتيال قيادات الجماعات الإرهابية له آثار مماثلة. ومن شأن هذا أن يمدد فترة الحرب الأهلية لفترة أطول؛ لأنه لن يكون هناك منظمة مركزية للتفاوض معها.

وستقوم مجموعات متعددة بعد ذلك بالتنافس على الموارد والمجندين والهيبة. وهناك احتمال آخر أن يؤدي حدوث خلاف بين القيادة والمقاتلين إلى تراجع فريق التفاوض. وعند هذه النقطة سيقولون إن الصفقة الأمريكية باطلة، ويطالبون مرة أخرى بمغادرة جميع القوات.

النتائج والطوارئ

وتشير التصريحات العلنية الصادرة عن القادة الأفغان، ومحادثاتي مع المدنيين الأفغان، إلى أنهم قلقون للغاية بشأن أي اتفاق مع "طالبان" يتضمن انسحابا عسكريا أمريكيا. فسياسات "طالبان" لا تحظى بشعبية على نطاق واسع، ويشكك الأفغان بشكل عام في تنظيم "طالبان" نفسه.

وهم محقون في ذلك الشك في صدق "طالبان" في المفاوضات، لكن من الخطأ أن تتعلق آمالهم بالوجود العسكري الأمريكي. ففي هذه المرحلة، الوجود الأمريكي أقل فعالية في دعم النتائج المرغوبة. وأدت العمليات العسكرية الأمريكية في أفغانستان في الأعوام القليلة الماضية إلى زيادة عدد الضحايا المدنيين. وقتلت القوات الأمريكية والقوات الحكومية المزيد من المدنيين في عام 2019 أكثر مما قتلت "طالبان".

وغالبا ما يجادل أولئك الذين يدعون إلى استمرار الوجود الأمريكي بأن إبقاء القوات في أفغانستان إلى أجل غير مسمى يمنع بعض التطورات الخطيرة. المثال الأكثر فظاعة من هذا هو الادعاء بأن الوجود إلى أجل غير مسمى سيمنع حدوث زيادة افتراضية لتنظيم "الدولة الإسلامية" مثل تلك الموجودة في العراق وسوريا والتي جاءت بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق.

وفي حين أن هذا السيناريو غير مرجح، فإن النتائج المحتملة الأخرى لن تتطلب ردا عسكريا أمريكيا. لكن لا يشكل انتصار "طالبان" في حد ذاته تهديدا أمنيا للداخل الأمريكي، لأنها تمثل منظمة محلية ذات أهداف محلية. وتبقى مساحة عمل تنظيم "القاعدة" هي التهديد، لكن الرد العسكري سيكون غير فعال.

وكانت أدوات مكافحة الإرهاب التي تحد من عمليات نقل الموارد والمقاتلين عبر الحدود فعالة على مدى الأعوام الـ18 الماضية لمنع أي هجوم ناجح داخل أمريكا، وسوف تستمر بهذا الشكل.

وينبغي الحد من انتهاكات حقوق الأقليات والمرأة، لكن الحقوق الإنسانية لا تتحقق من خلال استخدام القوة العسكرية. وسيكون الضغط الدبلوماسي والشروط المفروضة على التنمية والمساعدات الإنسانية أكثر فعالية في ضمان هذه الحقوق.

لم يحقق استخدام القوة العسكرية في أفغانستان سوى نسبة ضئيلة للغاية من الفوائد مقارنة بالتكاليف الباهظة خلال 18 عاما. وتوفر الصفقة بين الولايات المتحدة و"طالبان" فرصة يمكن للولايات المتحدة من خلالها تحقيق أهدافها دبلوماسيا، وتحقيق إدراك أكبر بأن استخدام القوة العسكرية له فائدة محدودة وتكاليف باهظة.

المصدر | آدم وونيستش - ريسبونسيبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حركة طالبان الحرب في أفغانستان قوات أمريكية

السعودية ترحب بتوقيع اتفاق سلام بين أمريكا وطالبان

قطر وجهت دعوة لدول الحصار ولم تتلق ردا

أفغانستان وطالبان.. رحلة الحرب والسلام

طالبان تشترط الإفراج عن 5 آلاف أسير للتفاوض مع الحكومة الأفغانية

للمرة الأولى.. ترامب يهاتف قياديا بارزا من طالبان