بلومبرج تروي التفاصيل الدرامية لاستقالة مهاتير محمد.. كيف خذله حلفاؤه؟

الثلاثاء 3 مارس 2020 12:52 ص

روت وكالة "بلومبرج" الأمريكية تفاصيل الاستقالة التي وصفتها بـ"الصادمة"، التي تقدم بها رئيس الوزراء الماليزي "مهاتير محمد" من الحكومة، والتي جعلت رؤيته لـ"ماليزيا جديدة" تترنح.

وقالت الوكالة، في تقرير، الإثنين، إن خلافا حول ضريبة الطرق بقيمة 7 مليارات دولار، كان وراء الإطاحة بحكومة "مهاتير".

وأضافت أنه خلال الأسابيع التي سبقت الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء، التي أدخلت ماليزيا في أزمة، كان "مهاتير محمد" يشعر بالضيق والانفعال، فقد عانى ائتلافه الحاكم من سلسلة من النكسات في انتخابات محلية، ما عرقل زخمه بعد فوزه التاريخي في عام 2018 ضد حكومة تقود البلاد منذ 6 عقود.

وأشارت الوكالة إلى أن "مهاتير" كان راغبا بتحرك سريع يخفف من التكاليف المعيشية اليومية، كجزء من أجندته "ماليزيا الجديدة"، التي دفعت به وبشكل مفاجئ إلى السلطة من جديد، مشيرا إلى أن مقترحاته لم تفرز سوى مشاحنات داخل الائتلاف، الذي يضم 4 أحزاب تعاني من خلافات دينية وعرقية.

ويفيد التقرير بأن واحدا من هذه الخلافات كان حول ضريبة الطرق السريعة، ففي يناير/كانون الثاني الماضي، وافق "مهاتير" على تسليم مجموعة "ماجو" إدارة الطرق السريعة من شركة "بلس ماليزيا بي أتش دي"، التي تسيطر عليها وزارة المالية، وبناء على الصفقة التي قدرت قيمتها بـ30 مليار رينجيت (7 مليارات دولار) كانت مجموعة "ماجو" ستلغي ضريبة الطرق السريعة مقابل حصولها على عقود مع الحكومة لصيانة الطرق، لكن شركاء "مهاتير" في الائتلاف احتجوا على الصفقة.

ويكشف الموقع عن أن أكبر حزب في الائتلاف، وهو "حزب العمل الديمقراطي"، عارض الاتفاق، وذلك بحسب شخص مطلع على الصفقة، مشيرا إلى أنه في النهاية تم رفض الاتفاقات مع "بلس"، وأعادت تشكيل التنازلات من أجل تخفيض الأجور بدلا من إلغائها.

وينوه التقرير إلى أن الصفقة الفاشلة تكشف عن سلسلة من الخلافات التي أدت في النهاية للإطاحة بالائتلاف، وعن الفروق داخل حكومة "مهاتير"، التي تذهب أبعد من تسليمه السلطة لمنافسه منذ فترة طويلة "أنور إبراهيم".

ويذكر الموقع أن تعيين "محيي الدين ياسين"، الذي يحظى بدعم الأحزاب التي خسرت انتخابات عام 2018، جاء بمثابة العودة إلى الأجندة التي تعمل لصالح أولويات الغالبية الملاوية.

ويشير التقرير إلى أن "مهاتير"، البالغ من العمر 94 عاما، لم يتخل عن جهوده، وأحيا التحالف مع حزب "العمل الديمقراطي" و"أنور إبراهيم".

وقال "مهاتير"، الأحد، إن لديه العدد الكافي للإطاحة بـ"ياسين" من خلال تصويت بعدم الثقة عليه في جلسة البرلمان المقبل، والمقررة في التاسع من مارس/آذار، ما يعني اضطرابات جديدة على الطريق.

ويقول الموقع إن الفوضى السياسية التي تعيشها ماليزيا تأتي في وقت سيئ، فالنمو الاقتصادي بطيء، ويواجه مخاطر جديدة مع انتشار فيروس "كورونا"، الذي عرقل حركة السفر العالمية، مشيرا إلى أن مؤشر الاقتصاد الماليزي الأسوأ أداء بين مؤشرات العالم منذ عام 2018، في وقت هبط فيه سعر الرينجيت إلى أدنى مستوياته منذ عامين.

ويلفت التقرير إلى أن الطريقة التي قادت إلى استقالة "مهاتير" جاءت من خلال روايات متعددة لمسؤولين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، فالخلافات التي أدت إلى انهيار حكومة "مهاتير" تتخمر منذ أشهر.

وكان "مهاتير" يريد إجراء تعديلات في مجلس الوزراء منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لكن الطبيعة المتباينة للتحالف، الذي يضم حزب "العمل الديمقراطي" المكون من أبناء الإثنية الصينية، وحزبه المكون من القوميين الملايويين دفعه للتحرك بحذر، أو المخاطرة بتفكيك التحالف.

وتوضح "بلومبرج" أنه في الوقت الذي عبر فيه "مهاتير" عن خيبة أمله من الوضع الاقتصادي، فإنه لم يكن قادرا إلا على عزل الوزراء التابعين لحزبه، وواحد من هؤلاء هو وزير التعليم "ماسزلي مالك"، عضو حزبه الملايوي "بيرساتو"، الذي تعرض لانتقادات لأنه دفع باتجاه نظام تعليمي إسلامي.

ويفيد التقرير بأن صفقة "بلس" كانت مثالا، ففي الوقت الذي حاولت فيه مجموعات للحصول على الصفقة، إلا أن مجموعة "ماجو" كانت واثقة من الحصول على العرض، حتى أنها بدأت بالتحاور مع البنوك للحصول على تمويل، وحتى قبل إقرار الحكومة العطاء في 9 يناير/كانون الثاني الماضي، إلا أن حزب "العمل الديمقراطي" عارضه، نظرا لسجل مجموعة "ماجو" وعلاقتها مع "مهاتير".

وينوه الموقع إلى أنه عندما انهارت الصفقة، وصف مدير المجموعة "أبو سهيد محمد" القرار بـ"الأحمق".

وقال "مهاتير" إن الرأي الأخير جاء من أكبر المساهمين في "بلس"، وهما خزانة "ناسيونال بي أتش دي" و"إيمبوليز بروفيندنت فاند"، وكلاهما هيئتان حكوميتان تديران أموالا عامة، مشيرا إلى أن مجموعة "ماجو" و"أبو سهيد" وحزب "العمل الديمقراطي" ووزير المالية السابق "ليم جوان إنج" لم يردوا على تساؤلات من الموقع.

ويشير التقرير إلى أنه بسبب الخلافات، فإن الحكومة تعرضت للشلل في قضايا أخرى تتعلق بالسياسة، وضمت شركة الخطوط الجوية الماليزية التي تعاني من مشكلات، وكذلك أكبر شركة في العالم إنتاجا لزيت النخيل "أف جي في هولدينجز بي أتش دي".

ويلفت إلى أن "مهاتير" عبر في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، وبشكل مفتوح، عن إحباطه، في لقاء مع الصحفيين، وحذر أعضاء حكومته من أنهم قد يخسرون الانتخابات إذا لم يتغيروا، وقال: "لا يزالون لا يدركون.. بدلا من ذلك فهم يتقاتلون بين أنفسهم، ويقسمون شعبهم وكلهم ضعفاء".

وتقول "بلومبرج" إنه مع زيادة التوتر داخل الحكومة فإن أسئلة طفت من جديد حول من سيخلف "مهاتير"، حيث أجل الأخير قراره تسليم السلطة لـ"أنور إبراهيم"، الذي تحدث علنا عن توقعات تسلمه السلطة في مايو/أيار.

وعليه وجد العديد من منافسي "إبراهيم" الفرصة للرد، ومنهم "أزمين علي"، الذي كان نائبا لرئيس حزب "إبراهيم"، وبدأ علي بعقد محادثات مع أعضاء في المعارضة داخل الحزب الحاكم سابقا "المنظمة الملايوية القومية المتحدة" (أومنو)، مشيرا إلى أن الحزب يضم رئيس الوزراء السابق "نجيب رزاق"، الذي يواجه اتهامات ينفيها بغسيل الأموال واختلاس مليارات الدولارات من استثمارات حكومية.

ويذكر التقرير أنه بعد اجتماع للائتلاف في 21 فبراير/شباط، اتفق "مهاتير" وقادة ائتلافه على بقائه في السلطة أثناء قمة التعاون الاقتصادي الآسيوي- الباسيفكي هذا العام، التي ستستضيفها ماليزيا، وقال إنه يحتفظ بحق قرار تخليه عن السلطة.

ووافق "إبراهيم" على ضرورة تحليه بالصبر، وقال "مهاتير": "هناك رأيان وفي النهاية -وأنا فخور بذلك- فإن الأمر يعود لي، وما أقوله فإنهم سيوافقون عليه".

ويستدرك الموقع بأن الأمور لم تكن تسير بشكل جيد، حيث تصرف "علي" نيابة عن "مهاتير"، ودعا النواب من أنحاء البلاد كلها إلى العاصمة كوالالمبور من أجل تشكيل ائتلاف يستبعد "إبراهيم"، وذلك بحسب أشخاص على معرفة بالأمر.

وحضر اللقاء، الذي عقد في 23 فبراير/شباط الماضي، قادة من الائتلاف الحاكم والمعارضة، وكان من المتوقع الإعلان عن تشكيل الحكومة، فيما قابل بعض المشرعين الملك في ذلك اليوم، ولم يحضر "مهاتير" اللقاء، وقال مستشاره الإعلامي إنه لم يوافق على قرار التعاون مع "أومنو".

ويفيد التقرير بأنه بدلا من ذلك، فإن "مهاتير" ذهب في 24 فبراير/شباط إلى الملك وقدم استقالته، وهو تحرك أنهى الحكومة، وتم تعيينه قائما بأعمال رئيس الحكومة، ما وضعه في موقع القيادة لتشكيل ائتلاف جديد، مشيرا إلى أن "مهاتير" أكد في تصريحاته العامة أنه يريد حكومة وحدة وطنية وغير حزبية، ما يعني حصوله على الحكومة التي ستستمع إليه، وقال إنه مستعد للتعاون مع أفراد في حزب "أومنو" وليس الحزب بشكل كامل؛ نظرا لارتباطه بـ"رزاق" وتهم الفساد.

ويجد الموقع أن ميزانية الحوافز، التي بلغت 20 مليار ريجينت (4.7 مليار دولار)، التي أعلن عنها "مهاتير" في ذلك الأسبوع، عكست الخلافات داخل ائتلافه، إلا أن تكتيكات "مهاتير" ارتدت عليه سلبا، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي حظي فيه بدعم من الكثيرين داخل ائتلافه للعودة، إلا أن أسماء بديلة عنه بدأت بالظهور، بينهم "أنور"، و"محيي الدين" رئيس "بيرساتو".

وتقول الوكالة الأمريكية إنه بعد كل هذه الفوضى، فإن "مهاتير" يجد نفسه مرة أخرى مع "إبراهيم" وحزب "العمل الديمقراطي"، لكن في المعارضة بدلا من إدارة الحكومة، وفي الوقت ذاته يبدو ائتلاف "محيي الدين" متباينا، ما يطرح أسئلة حول سياساته لو استطاع العبور من التصويت بعدم الثقة الذي يخطط له "مهاتير"، وتجنب انتخابات مبكرة.

وقال "يوهان سارافاناموتو"، زميل أقدم مساعد في كلية س. راجاراتنام للدراسات الدولية، عن الحكومة الماليزية الجديدة: "لا يوجد شعور قوي بأن هناك اتجاها عقائديا لهذه الحكومة"، مردفا: "أتساءل كم من الوقت سيستمر هذا التحالف معا".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا

ماليزيا ترفض اتهامات بريطانية بانقلاب ملكي ضد مهاتير

مهاتير محمد: رئيس وزراء ماليزيا الجديد سيفوز باقتراع الثقة