4 أسباب وراء انحياز السودان إلى إثيوبيا في أزمة سد النهضة

الجمعة 6 مارس 2020 06:13 م

كان التحفظ السوداني على مشروع قرار مجلس وزراء الخارجية العرب، بالتضامن مع مصر والسودان في أزمة "سد النهضة"، قبل أيام، مفاجئا للأوساط المصرية والعربية.

وزاد من عنصر المفأجاة، طلب الخرطوم عدم إدراج اسم السودان في القرار، مشددة على أهمية عدم إقحام الجامعة العربية في ملف السد، لما قد ينتج عن القرار من مواجهة عربية إثيوبية.

ويبدو أن ثمة أهداف ومصالح وراء توجه السودان الذي لم يوقع إلى الآن، بجانب إثيوبيا، على مسودة الاتفاق التي أعدها الجانب الأمريكي بخصوص السد، بعد مفاوضات ماراثونية على مدار الشهور الماضية.

حصة السودان

يرتبط السودان مع إثيوبيا بعلاقات تاريخية وثيقة، حيث لعبت أديس أبابا دورا بارزا في تخفيف الحصار الغربي على السودان خلال عهد الرئيس المخلوع "عمر البشير"، كما توسطت في العدد من الاتفاقات السياسية التي كان السودان طرفا فيها بما في ذلك الاتفاق بين الخرطوم وجوبا.

وفي مرحلة ما بعد سقوط نظام "البشير"، أبريل/نيسان الماضي، لعبت إثيوبيا دورا في المصالحة السودانية بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، قائدة الاحتجاجات في البلاد.

بموازاة ذلك، يبدو أن الخرطوم في ظل النظام الجديد، تهدف إلى تعميق علاقاتها مع أديس أبابا وتعظيم مكاسبها من سد النهضة، وعدم السير ضمن ركب السياسة المصرية.

وربما لا يعد الموقف السوداني الحاصل حديثا مفاجئا للمراقبين، بالنظر إلى تصريحات وزير الخارجية السوداني الأسبق "إبراهيم غندور"، 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، حين قال بوضوح إن لبلاده مصلحة في إنشاء سد النهضة؛ نظرا لأن "السد يحفاظ على حصة مياه السودان التي كانت تذهب إلى مصر".

وأضاف أن "مشكلة السودان كانت ولازالت في أنه لم يستخدم مياه النيل التي منحتها له اتفاقية 1959، والتي كانت تذهب لمصر طوال السنوات الماضية"، مؤكدا أن "مصر ستخسر مياه السودان التي كانت تذهب إليها؛ بفضل السد".

وتحصل مصر على حصة سنوية من مياه نهر النيل، تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، بينما يحصل السودان على 18.5 مليارا، ويصل إجمالي ما يسحبه منها نحو 12 مليار متر مكعب فقط.

خطط تنموية

ويسعى السودان إلى الاستفادة الكاملة من حصته من المياه، ما يعني أن "السلفة المائية" التي كانت تحصل عليها مصر، لن تتنازل عنها الخرطوم مستقبلا.

وسيعمل اكتمال بناء سد "النهضة"، على تنظم انسياب نهر النيل الأزرق (الرافد الرئيس لنهر النيل) طوال العام، بما يمكن السودان من زراعة ثلاث دورات زراعية؛ بدلًا من زراعته لدورة واحدة كما هو الحال الآن.

ويأمل السودان في زيادة المساحات الزراعية المروية من النيل، حيث تمتلك البلاد اليوم 44 مليون فدان زراعي، منها 4 ملايين فدان فقط تعتمد على مياه النيل، والباقي على الأمطار.

كذلك سيتخلص السودان من تراكم الطمي (تربة ليست متماسكة في صورة صخور صلدة) أمام السدود السودانية، حيث تتكبد البلاد 12 مليون دولار سنوياً لعملية التطهير أمام السدود، ومن ثم سيتم توفير هذا المبلغ، إضافة إلى زيادة الزراعة بالري الفيضي على جانبي النيل.

في مقابل ذلك، سيتوقف عبور 6.5 مليار متر مكعب سنويًا إلى مصر من نصيب السودان من المياه المقررة بموجب اتفاقية تقسيم مياه النيل في 1959.

كهرباء رخيصة

ومنذ عام 2013، أعلنت الخرطوم تأييدها لمشروع السد، مؤكدة على لسان الرئيس المخلوع "عمر البشير" أنه سيوفر "كهرباء رخيصة" لبلده الذي يعاني نقصاً في الطاقة.

وتقول أديس أبابا، إن الطاقة الكهربائية التي سيولدها السد، ستوفر 6000 ميغاوات من الكهرباء للاستهلاك الداخلي، و2000 ميغاوات للبيع من الدول المجاورة.

ومنذ سنوات، لعبت إثيوبيا على وتر الحاجة السودانية للكهرباء، وقدمت وعودا جدية للخرطوم بمدها بالكهرباء، وهو أمر ضروري للسودانيين، الذين خرجوا مرارا في تظاهرات بسبب انقطاع متكرر للتيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد.

وبموجب اتفاقية التبادل الكهربائي بين البلدين، ستزود إثيوبيا الجانب السوداني بـ300 ميغاواط من الكهرباء يوميا، وهو ما سيسهم بشكل كبير في حل مشكلة الطاقة بالبلاد.

وتعود الاتفاقية إلى 4 ديسمبر/كانون الأول 2013، حينما افتتح الرئيس السوداني المعزول، ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق "هايلي مريم ديسيلين"، الخط الناقل للكهرباء بين البلدين، والذي يربط بين ولاية القضارف السودانية وبين إقليم أمهرا الإثيوبي.

ويحصل السودان في الوقت الراهن بالفعل على 100 ميغاواط من الكهرباء من إثيوبيا بأسعار أقل بكثير من الأسعار العالمية.

منافع أخرى

وفي العام الماضي، كانت العاصمة الإثيوبية مسرحا للملتقي الاقتصادي السوداني الإثيوبي الذي نظمه مجلس الأعمال المشترك بين البلدين.

ووفق تفاهمات بين البلدين، يتم نسج شراكة اقتصادية متسارعة في عدد من المجالات، بما يرفع من حجم التبادل التجاري والاستثمارات بين الجانبين.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن الجانبان عن إقامة مشروع خط أنابيب نفط مشترك لخدمة البلدين، مع خطة توسيع ميناء بورتسودان لنقل المواد البترولية، وخطة ثالثة للتنقيب المشترك عن النفط.

وفي مقابلة حديثا مع وكالة الأنباء الإثيوبية، قال السفير السوداني لدى إثيوبيا "مختار بلال عبدالسلام"، إن السودان "في حاجة حقيقية إلى صديق حقيقي"، مضيفا أن "شعب السودان، وخاصة الجيل الجديد، لديه الكثير من التقدير والثقة في إثيوبيا".

وبمنطق براجماتي، يمكن القول إن منافع سد النهصة بالنسبة للخرطوم ربما تفوق أضراره التي يرى السودان أنه قادر على التعامل معها بشكل كبير، في الوقت الذي تقتضي فيه مصالح السودان تعزيز الشراكة مع إثيوبيا، في وقت يتراجع فيه نفوذ القاهرة وحضورها في الخرطوم، ناهيك عن التوترات المتكررة بين البلدين على خلفية النزاع حول مثلث حلايب وشلاتين الحدودي.

بلغة المكسب والخسارة، يرى السودان أن مصالحه مع إثيوبيا اليوم تتفوق في أهميتها على علاقته مع القاهرة، وكما يبدو، فإن مصر تدفع ثمن ابتعادها عن الخرطوم سياسيا واقتصاديا، في الوقت الذي حققت فيه إثيوبيا نفوذها بشكل غير مسبوق في فناء القاهرة الخلفي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مفاوضات سد النهضة سد النهضة بأثيوبيا مشكلة سد النهضة سد النهضةو حلايب وشلاتين سد النهضة الأثيوبي

إثيوبيا ترفض قرار الجامعة العربية بشأن سد النهضة

مصر تطلع الدول الإفريقية على تطورات أزمة سد النهضة

لماذا دعمت قطر موقف مصر من سد النهضة بالجامعة العربية؟

دعوة إفريقية للتوافق حول سد النهضة

خلافات مصر وإثيوبيا تنبئ بصيف ساخن لسد النهضة

إثيوبيا تدشن حملة تبرعات شعبية لاستكمال بناء سد النهضة

إثيوبيا تستعد لمواجهة أي تحركات مصرية بأزمة سد النهضة

السودان ينحاز لإثيوبيا ويرفض تدويل أزمة سد النهضة