«ديلي بيست»: واشنطن قررت الاعتماد على القوات الكردية بدلا من المعارضة السورية

الأربعاء 12 أغسطس 2015 08:08 ص

بات لدى إدارة «باراك أوباما» قوة وكالة جديدة لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية»، ولكنه ليس جيش المعارضة الذي تكلف نصف مليار دولار حتى تشكّل.

ولا تزال إدارة «أوباما» تعول علنا على جيش المعارضة الذي تكلف ما يزيد على 500 مليون دولار أمريكي لتحقيق الانتصار على تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا. وعلمت «ذا ديلي بيست» أن كبار الضباط بالبنتاجون تحولوا منذ فترة طويلة إلى قوة وكالة كانت تابعة لهم في الماضي. لقد وجدوا مجموعة أخرى قد نثبت نفيها للقيام بمهمة محاربة «الدولة الإسلامية».

وفي الأسابيع الأخيرة قُتلت مجموعة من المقاتلين في جيش المتمردين المدعوم من الإدارة الأمريكية، تعرف  باسم «القوة السورية الجديدة»، واختطف عدد منهم وظهرت حقيقتهم للجميع بعد ان كانوا متوارين عن الرادار. ولكن وزارة الدفاع الأمريكية حافظت على مظهر المتحدي، حتى بعد أن هلك حوالي 54 مقاتل (من أصل  15 ألف على الأرجح) في هجمات شنتها «الدولة الإسلامية». «إننا لا نزال نرى متطوعين يريدون أن يكونوا جزءا من هذا البرنامج»، بحسب الكولونيل في سلاح الجو «بات رايدر»، المتحدث باسم وزارة الدفاع، خلال حديثه للصحفيين يوم الجمعة الماضي.

وقد ترك هذا الموقف الكثير في الإدارة والمؤسسة الدفاعية في حيرة من أمرهم.

«أنا لا أفهم لماذا ما زلنا ندرب، ويبدو أن الإدارة لا يمكنها أن تعترف بأن هذا كارثة»، على حسب قول أحد مستشاري الدفاع من المطلعين على نهج الولايات المتحدة. وحتى بعد أن اختفى المقاتلون الذين دربتهم الولايات المتحدة فإنه «ليس هناك تقبل للأفكار الجديدة».

ولكن ما لم يقله «رايدر» إن قوة أفضل، في نظر الإدارة الأمريكية، ظهرت مدربة ومؤهلة ومنظمة، وهي المليشيات الكردية المسماة بــ «وحدات الحماية الشعبية السورية»، والتي حاربت بنجاح مقاتلي تنظيم الدولة، وأخرجتهم من بعض المناطق في شمال سوريا.

«كنا نعرف أنهم يواجهون تحديا، لكننا لم نتوقع منهم خوض المعركة بالشكل الذي ظهروا عليه»، وفقا لما قاله مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية، في إشارة إلى القوة السورية الجديدة. ومن ناحية أخرى، فإن «وحدات الحماية تلك هي قوة قتالية أكثر فعالية في سوريا».

واستنادا لإحدى المجموعات، فإن وحدات الحماية الشعبية قد استعادت حتى الآن 11 قرية على الأقل من قبضة «تنظيم الدولة»، بما في ذلك مدينة عين العرب السورية، ما يعد احد أكبر الانتصارات في الحملة الطويلة. وفي يونيو / حزيران الماضي، استعاد مقاتلو الوحدات السيطرة على بلدة «تل أبيض» على الحدود السورية التركية، وقطعت على الدولة الإسلامية هناك خط إمداد رئيس للأسلحة والمقاتلين الأجانب. ومثل القوة السورية الجديدة، فإن وحدات الحماية الشعبية بإمكانها دعوة التحالف لمساعدتها بالضربات الجوية وفقا لما تقتضيه الحاجة.

وقال التقرير إن الولايات المتحدة حريصة الآن على العمل جنبا إلى جنب مع ما يصل إلى 50 ألف من المقاتلين الأكراد ممن أثبتوا جدارتهم في المعارك على مدى الفترة السابقة.

ولعدة أشهر، كافحت الولايات المتحدة من أجل إيجاد مجموعة جديرة بالثقة، ويمكن الاعتماد عليها من السوريين لتدريبها وتجهيزها وإعدادها لقتال الدولة الإسلامية. ومع مرور الوقت أثبت هذا البرنامج، وهو حجر الزاوية في الحرب الأمريكية ضد التنظيم في وقت ما، فشله سريعا، وهو الأمر الذي رجحته التوقعات السابقة، بحسب ما أشار به أربعة مسؤولين في الإدارة والدفاع لموقع ذا ديلي بيست. وفي وقت كان فيه المسؤولون الأمريكيون يأملون في تدريب 15 ألفا من القوة السورية  التي تقاتل «الدولة الإسلامية» مع الدعم الجوي الأمريكي، استقر بهم الأمر بتدريب 54 مقاتلا الذين لم يصمدوا ولو لشهر واحد في ساحة المعركة.

وخلال أسابيع من الانتقال إلى الخطوط الأمامية وتلقي الدعم بغارات جوية، اعترف الجيش الأمريكي أنه فقد كل أثر للمقاتلين في غضون ساعات. وفي الجلسات الخاصة، كان مسؤولو البنتاجون أكثر صراحة: «ليس هذا ما كنا نتوقعه»، كما أوضح مسؤول دفاعي لـ«ديلي بيست».

«ومن الإنصاف القول إن الناس أصيبوا بإحباط جراء صعوبة نجاح البرنامج التدريبي السوري»، بحسب اعتراف صادر عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، مضيفا: «ولهذا؛ كان على الجيش الأمريكي أن يخفف من سقف التوقعات».

وقال مجلس الأمن القومي إنه في الوقت الذي لا يزال فيه ملتزما ببناء «المعارضة السورية المعتدلة»، فإن الاعتماد على قوى أخرى هو جزء من المضي قدما في تحقيق تلك الاستراتيجية.

لقد «أثبت مقاتلو المعارضة السورية، جنبا إلى جنب مع المقاتلين الأكراد والتركمان السوريين، تدعمهم القوة الجوية للتحالف، قدرا كبيرا من الفعالية في مواجهة تنظيم الدولة في شمال شرق سوريا، وسوف نستمر في العمل مع شركائنا وحلفائنا الإقليميين لتحقيق هذه الأهداف»، وفقا لما قاله «أليستر بيسكي» المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في بيانه.

وقد رأى اثنان من مسؤولي وزارة الدفاع إلى أن تبني القوة الكردية من شأنه أن يعقد الاستراتيجية الهشة في الأساس. ولن يرحب الأتراك، الذين قاتلوا المجموعات الكردية الانفصالية منذ عقود، بقوة كردية شرسة على حدودها الجنوبية، ولا حتى العديد من حلفاء أمريكا العرب.

وقد صُممت القوة السورية الجديد في ربيع عام 2014، حيث كانت الولايات المتحدة تتطلع إلى القوات البرية المحلية لمواجه توسع وتمدد «الدولة الإسلامية»، ولكنها لم تظهر أي براعة في القتال كالذي أثبتته المليشيات القائمة، مثل وحدات الحماية الشعبية الكردية السورية. وعلى هذا، ففي سبتمبر/أيلول من ذلك العام اعترف الرئيس «أوباما» بالقول إنه «ليس لدينا استراتيجية حتى الآن» في سوريا.

ولكن بدأت الاستراتيجية تظهر، حيث طلبت إدارة «أوباما» من الكونجرس اعتماد مبلغ 500 مليون دولار على الأقل لإنشاء قوة قوامها 15 ألف من المقاتلين السوريين على مدى ثلاث سنوات. وأثناء ذلك، سيطر «تنظيم الدولة» على مدينة عين العرب، وواجهته المليشيات هناك بقوة، بما في ذلك وحدات الحماية الشعبية الكردية لاستعادها منه.

وبحلول ديسمبر/كانون الأول، وافق الكونجرس على تمويل قوة سورية جديدة. وفي يناير/كانون الثاني من هذا العام تم طرد مقاتلي «تنظيم الدولة» من مدينة عين العرب، وتمكنت القوات الكردية السورية من إبقاء السيطرة على المدينة، وهذا بسبب الضربات الجوية المستمرة من التحالف.

وبعبارة أخرى، فإنه في الوقت الذي برز فيه تمويل القوة السورية، وجدت الولايات المتحدة شريكا بديلا موثوقا به للقتال بالوكالة عنها، مع استبعاد المئات من المجندين المحتملين في القوة السورية الجديدة؛ وهذا إما لعدم وجود ما يكفي من الخبرة في القتال أو وجود ما يمنع من الاعتماد عليهم والثقة فيهم. كما كان هناك مقاتلون آخرون غير مؤهلين لرفضهم التعهد بعدم ملاحقة بشار الأسد، حيث يرى فيه معظم الثوار أنه عدو أكبر بكثير من تنظيم «الدولة الإسلامية».

وجاءت أول إشارة من الجيش الأمريكي إلى الابتعاد عن القوة السورية الجديدة والاقتراب من وحدات الحماية الكردية على لسان الجنرال «مارتن ديمبسي»، رئيس هيئة الأركان المشتركة، في شهادته أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الشهر الماضي (7 يوليو / تموز)، عندما تحدث عن الحاجة إلى «خيارات».

وقال «ديمبسي»: «إننا نحاول تشكيل شبكة من الشركاء، الشركاء الذين لم نتفق على شكلهم ولم يكونوا في تصورنا من قبل، مثل وحدات الحماية الشعبية والأكراد السوريين في / حول عين العرب وعبر الضفة الشرقية لنهر الفرات».

وفي الجلسة نفسها قال السيناتور عن الحزب الديمقراطي عن ولاية فرجينيا الغربية «جو مانشين» لقد كان هناك شك في أن الولايات المتحدة يمكن أن تقوم بتدريب قوة أجنبية بنجاح، مشيرا إلى الجهود التي استمرت 10 سنوات في العراق لبناء جيش وطني هناك.

ومع ذلك؛ فإنه حتى الآن لا أحد بين قادة البنتاجون قد أعرب عن استعداده لإغلاق الباب أمام القوة السورية الجديدة. وفي الواقع، هناك فئة ثانية من حوالي 100 مقاتل، وكذا فئة ثالثة في طريقها لمرور على نظام الفحص، وفقا للعقيد في سلاح الجو الأمريكي «رايدر».

ولكن فشلهم ليس كافيا لتغيير الاستراتيجية الأمريكية أو إغلاق برنامج تكلفته 500 مليون دولار تمت الموافقة عليه.

«الهدف هو الدفاع عن الوطن وليس أخذ دور قيادي»، هكذا رأى المستشار.

  كلمات مفتاحية

المعارضة السورية المسلحة أمريكا واشنطن القوات الكردية سوريا تدريب المعارضة السورية

أمريكا تسمح بشن غارات جوية لحماية قوات المعارضة السورية المدربة لديها

«جبهة النصرة» تؤكد احتجازها لمعارضين مسلحين تدربهم أمريكا

واشنطن وأنقرة لم يتفقا بعد على هوية المعارضة السورية التي يمكن دعهما

عسكريون أمريكيون: نتائج برنامج تدريب المعارضة السورية «هزيلة»

«ذا ديلي بيست»: تركيا تخطط لاجتياح سوريا لإيقاف الأكراد وليس «الدولة الإسلامية»

واشنطن ستحتج لدى الأمم المتحدة على زيارة «قاسم سليماني» لروسيا

وزير خارجية تركيا: أنقرة وواشنطن ستبدآن عملية شاملة ضد «الدولة الإسلامية»

زعيم كردي يدعو لمشاركة الأكراد في اجتماع المعارضة السورية بالسعودية

«الوحدات الكردية» تحاصر أكبر الأحياء العربية بريف الحسكة السوري

«الأمن القومي التركي» يجدد رفضه مشاركة الأكراد الانفصالين في مستقبل سوريا

«هيومن رايتس»: جريمة حرب ضد العرب في «نينوى» و«كركوك»