انتصارات الوفاق تعمق جراح الإمارات في ليبيا

الجمعة 17 أبريل 2020 03:30 م

يوما بعد الآخر، يتأزم موقف الإمارات المتورطة في دعم الجنرال الليبي "خليفة حفتر"، بعد تكبده خسائر فادحة، خلال الأيام الماضية.

ومُني "حفتر" بهزائم ساحقة غرب العاصمة الليبية طرابلس، وفقدت قواته 6 مدن ومنطقتين استراتيجيتين، لصالح حكومة "الوفاق" الوطني، المعترف بها دوليا.

ويحصل "حفتر"، الحليف المقرب لولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد"، على دعم عسكري إماراتي منذ عام 2014، حينما بدأ شن ما يعرف بـ"عملية الكرامة"، لكن هذا الدعم أخذ منحى تصاعدي، خلال الشهور الأخيرة.

دعم مكثف

منذ بداية حملته العسكرية على العاصمة طرابلس في أبريل/نيسان 2019، حصل "حفتر" على دعم مكثف من الإمارات شمل تعزيزات عسكرية ضخمة، وأسلحة متطورة تتجاوز فاتورتها مليارات الدولارات، لكن حجم الدعم المقدم له، تضاعف بشكل كبير، عقب القرار التركي بالتدخل عسكريا لدعم حكومة "الوفاق" أواخر العام الماضي.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، نقلت 27 طائرة شحن إماراتية، عتادا عسكريا إلى "قاعدة الخادم الجوية" بمحافظة المرج (100 كلم شرق بنغازي)، بحسب إفادات لمراقبين جويين.

كانت إحدى هذه الطائرات من طراز "أنتونوف 124" العملاقة، القادرة على حمل أكثر من 100 طن من المعدات في رحلة واحدة، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية. 

وفي فبراير/شباط الماضي، جرى رصد 3 طائرات شحن عسكرية إماراتية (من نوع إليوشين إل-76)، انطلقت من انطلقت من قاعدة "سويحان" العسكرية الجوية بأبوظبي، وتوقفت في مطار العقبة الأردني، قبل أن تواصل طريقها إلى قاعدة "الخادم" الجوية، شرقي ليبيا.

وتؤكد دورية "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية، المعنية بشؤون الاستخبارات العسكرية، أن أبوظبي شحنت 3 آلاف طن من المعدات العسكرية، خلال الشهور الثلاثة الأولى من عام 2020، وهو ما يعادل مجموع ما شحنته إلى ليبيا خلال 2019.

وتكشف بيانات نظام تتبع الرحلات الجوية، عن وصول أكثر من 100 رحلة جوية إلى شرقي ليبيا من قواعد داخل الإمارات وقاعدة تديرها أبوظبي في إريتريا.

وتفيد البيانات التي نشرتها صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن حمولة تلك الرحلات، منذ يناير/كانون الثاني الماضي، بلغت نحو 5 آلاف طن من الأسلحة. 

أسلحة متطورة

تزود أبوظبي حليفها "حفتر" بقائمة طويلة من الأسلحة المتطورة تشمل مدرعات "نمر" المصنعة في الإمارات، وطائرات مسيرة، وصواريخ مضادة للدروع، وصواريخ مضادة للطائرات، وصواريخ جو - أرض، ومناظير ليلية.

وتتضمن شحنات الدعم، أسلحة وذخائر، وأجهزة اتصال، وقطع غيار، ومعدات أساسية، وربما مدفعية ثقيلة، مكنت في وقت سابق قوات "حفتر" من شن قصف مدفعي طويل المدى على العاصمة الليبية.

ويأخد الدعم العسكري الإماراتي لـ"حفتر"، شكلا آخر أكثر مباشرة، عبر قيام طائرات "إف - 16" الإماراتية بتنفيذ عمليات قصف على تمركزات تابعة لقوات "الوفاق".

وتضمنت المساعدات الإماراتية تم استخدامها في تجديد أسطول "حفتر" من الطائرات الموروثة عن عهد الرئيس الليبي الراحل "معمر القذافي".

ووفق تقرير أممي نشر في يونيو/حزيران 2017، فإن الإمارات، اشترت مروحيات قتالية من بيلاروسيا، وسلمتها إلى قوات "حفتر" في أبريل/نيسان 2015.

وفي مايو/أيار 2018، سلمت أبو ظبي قوات "حفتر" سفينة دوريات البحرية المعروفة باسم "الكرامة".

ويدفع الممول الإماراتي، كذلك، عن طريق شركة "بلاك شيلد" الإماراتية، فاتورة تجنيد مرتزقة أفارقة سواء من "الجنجويد" السودانيين أو من جماعات المعارضة المسلحة في تشاد، لتعزيز صفوف "حفتر".

وإلى جانب الدعم العسكري، توفر أبوظبي لحليفها المدلل، فرق الحماية والدعم المالي واللوجيستي، وتوفر له طائرة من طراز "فالكون 900" للتنقل داخل وخارج ليبيا.

ومؤخرا، تعاقدت الإمارات على شراء منظومة دفاع جوي إسرائيلية، في محاولة للحد من كفاءة الطائرات المسيرة التي زودت بها تركيا قوات "الوفاق"، وقلبت موازين المعركة لصالحها.

خسائر إماراتية

لكن العملية العسكرية الخاطفة التي نفذتها حكومة الوفاق خلال الأشهر الماضية وحملت اسم "عاصفة السلام"، أسفرت عن استعادة مدن صرمان وصبراتة والعجيلات ومليتة وزلطن ورقدالين والجميل والعسة، بمساحة إجمالية قدرها 3 آلاف كم مربع.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي التابع لحكومة "الوفاق"، العقيد "محمد قنونو"، فإن العملية أسفرت عن اغتنام 6 مدرعات إماراتية و10 دبابات، وعشرات الآليات المسلحة، وترسانة أسلحة وذخائر مصرية وإماراتية.

وتظهر مقاطع الفيديو للأسلحة والذخائر التي سقطت في يد قوات "الوفاق" أنها "حديثة الصنع"، ما يؤكد انتهاك الإمارات قرار حظر توريد السلاح إلى ليبيا.

وتزود الإمارات حليفها بصواريخ مضادة للدبابات، تبلغ قيمة الصاروخ الواحد، ما يزيد عن 170 ألف دولار، وقد سقط بيد الوفاق 4 منها بمدينة غريان، يونيو/حزيران الماضي، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

وخلال الشهور الأخيرة، توالت حلقات مسلسل سقوط الطائرات بدون طيار من طراز "وينج لونج" التي تزود الإمارات بها قوات "حفتر".

كذلك جرى إسقاط وتدمير 3 مقاتلات حربية من طراز "سوخوي -22"، إضافة إلى العشرات من ناقلات الجند، والوقود، والدبابات والمدافع والعربات المدرعة.

فشل سياسي وعسكري

وبالنظر إلى حجم الدعم العسكري والمالي والسياسي الذي قدمته الإمارات لـ"حفتر"، فإن خسائره الأخيرة، تنبئ بفشل مشروعها أبوظبي لاستنساخ "سيسي جديد" في ليبيا، على غرار تجربة نظام الرئيس "عبدالفتاح السيسي" في مصر.

وإلى جانب الفشل السياسي والعسكري، فإن الوضع في ليبيا بات أشبه بـ"مستنقع" لأبوظبي، كبد خزائنها مليارات الدولارات، للعام السابع على التوالي (2014-2020)، دون تحقيق نصر حاسم، أو السيطرة على العاصمة طرابلس.

عسكريا تعني خسارة عدة مدن دفعة واحدة، انهيار معنويات قوات الشرق الليبي، مقابل دفعة هائلة لقوات "الوفاق" التي يبدو أنها ستواصل تقدمها العسكري تجاه انتزاع مدن أخرى غربي البلاد.

كذلك تعني التطورات الأخيرة، خلق واقع جديد على الأرض، يميل خلاله ميزان القوى لصالح الحكومة الشرعية، ما قد يدفع مدنا ليبية أخرى للانحياز للحكومة.

وقد تشهد الأيام المقبلة تطورات نوعية، حال إحكام "الوفاق" سيطرتها على قاعدة "الوطية" الجوية، جنوب غرب طرابلس، التي تضم غرفة عمليات رئيسية، ومخازن أسلحة ومحطة وقود ومهبطا للطيران ومدينة سكنية وطائرات حربية، بينها طائرات إماراتية مسيرة، ويتردد أن بداخلها ضباط مصريين وإماراتيين.

مستقبلا، ستضعف تلك الخسائر من الموقف التفاوضي لـ"حفتر"، بينما ستعزز على الجانب الآخر من الموقع التفاوضي لحكومة "الوفاق" الوطني لفرض شروطها في أية تسوية سياسية محتملة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قوات حفتر ميليشيات حفتر حكومة الوفاق الليبية

ليبيا.. الوفاق تقتل 25 من الجنجويد الداعمين لحفتر وتسقط مسيرة إماراتية

دعم إسرائيل الخفي لحرب حفتر في ليبيا

تفاصيل محاولات السيسي وبن زايد استقطاب البيت الأبيض لدعم حفتر

قوات الوفاق تقتحم معسكرا في ترهونة وتأسر 12 عنصرا

حكومة الوفاق الليبية تأسر 102 من قوات حفتر

مسؤول أوروبي يحمل حفتر وداعميه مسؤولية الأوضاع في ليبيا

ألمانيا تواصل تصدير أسلحة لدول تدعم طرفي الصراع في ليبيا