منذ اللحظة الأولى للإعلان عن توقيف الداعية الشيخ «أحمد الأسير» المطلوب لدى السلطات لصلته بنشاط للمسلحين بما في ذلك هجمات على الجيش اللبناني، ولم تتوقف الاجتهادات حول مسار توقيفه وكيفية توصل الأمن العام إلى خيوط جعلت من الممكن مراقبته وتوقيفه على متن الطائرة بمطار بيروت.

غير أن تلك الاجتهادات تمحورت حول ثلاثة أمور: الأول أن «الأسير» وقع في قبضة الأمن العام نتيجة احترافية الجهاز الأمني اللبناني، وهو ما استبعده الكثيرون، لا سيما مع الانتقادات الكثيرة التي توجه لهذا الجهاز وفشله في إحباط العديد من المخططات الإرهابية التي عرفتها البلاد في مناطق حساسة.

والأمر الثاني أن الاعتقال كان ضحية خطأ ارتكبه مدبّرو سفر وهروب الشيخ «الأسير»، والأمر الثالث أنه سقط ضحية جهة داخل مخيم عين الحلوة رفعت الغطاء عنه ووشت به إلى الأمن العام.

وكشفت معلومات موثوق بها أن الأمن العام اللبناني، كان على علم مسبق بنية «الأسير» محاولة السفر إلى الخارج، عبر مطار بيروت، وأن كل المعطيات تؤكد أن الشيخ حصل قبل شهر على جواز سفر فلسطيني مزور، وحصل على تأشيرة صحيحة للسفر إلى نيجيريا عبر القاهرة، بحسب صحيفة «القدس العربي».

وإثر توقيف «الأسير» نفّذ الأمن العام اللبناني ليل السبت الأحد، سلسلة مداهمات في بعض المناطق قرب بيروت، على خلفية اعترافات أدلى بها وتمكن من اعتقال شخصاً بحوزته مستندات في غاية الخطورة والأهمية، وفق تلك المعلومات.

وقد قوبل توقيف الشيخ «الأسير» بعدم ارتياح لدى القوى السلفية في صيدا وطرابلس وبيروت وعرسال والبقاع الأوسط، ورأت هيئة العلماء المسلمين، أن «الخطة الأمنية لم تطبق إلا على الطائفة السنية»، وحذّرت من «المساس بسلامة الشيخ أحمد الأسير».

فيما شهدت مدينة صيدا حركة احتجاج محدودة، أعقبت عملية التوقيف وتمثلت بقيام مجموعة من النساء المناصرات للشيخ، ترافقهن زوجته، بقطع الطريق أمام حركة السير لدقائق في المكان الذي كان «الأسير» يقيم اعتصاماته عند البوليفار الشرقي في المدنية.

كما حضرت إلى المكان قوة من الجيش وقوى الأمن الداخلي، ومنعت النسوة من الاستمرار في قطع الطريق، وعملت على إبعادهن وإعادة فتح الطريق.

وحملت «أمل» زوجة «الأسير»، أهالي صيدا، مسؤولية ما حدث لزوجها، وقالت إنهم خذلوا زوجها الذي كان ينوي الخروج من لبنان، عبر مطار بيروت، لأن الجميع خذله، مضيفة: «أهالي صيدا الذين خذلوا الأسير، خذلوا الله».

وأكدت أنها «ستبقى معتصمة في الشارع حتى يفرج عن الشيخ وكل الموقوفين، لأنهم أبرياء».

في المقابل، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» «سمير جعجع» في سلسلة تغريدات عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «نُهنئ أنفسنا بالأجهزة الأمنية على اعتقالها أحمد الأسير، فهذا انجازٌ أمني كبير».

من جهته، أجرى رئيس الوزراء اللبناني الأسبق «سعد الحريري» اتصالين بكل من وزير الداخلية «نهاد المشنوق» والمدير العام للامن العام اللواء «عباس إبراهيم»، واطلع منهما على وقائع توقيف «أحمد الأسير» أثناء محاولته الفرار عبر المطار.

«الحريري» أثني على «اليقظة التي أظهرها عناصر الأمن العام في المطار، وتمكنهم من إحباط محاولة الفرار والقاء القبض على المطلوبين»، مشدداً على «أهمية الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية والعسكرية الشرعية لحماية الاستقرار الوطني وملاحقة الخارجين على العدالة والقانون، وهو الأمر الذي يجب أن يكون محل رعاية القيادات اللبنانية كافة، والامتناع عن حماية المجرمين والعصابات المسلحة، كائنة من كانت وإلى أي جهة انتمت».

وكانت السلطات اللبنانية قد ألقت، أمس السبت، القبض على الشيخ «أحمد الأسير» في مطار بيروت أثناء محاولته الفرار من البلاد، بحسب الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

يذكر أن «الأسير» مطلوب بموجب مذكرة توقيف نتيجة اتهامه بالتحريض والمشاركة في مواجهات مع الجيش اللبناني في مدينة صيدا جنوبي لبنان في يونيو/ حزيران 2013.

وكان الجيش اللبناني نفذ منذ أشهر عدة عمليات رصد وملاحقة لأتباع «الأسير» الذين ساندوه فيما عرف بمواجهات عبر (منطقة شرق صيدا).

كما أوقف عام 2013 مرافقه الشخصي وهو يحاول الفرار عبر مطار بيروت بعد المواجهات مع الجيش.