هل سيخوض السيسي الحرب في ليبيا؟

الجمعة 26 يونيو 2020 06:25 م

قبل أيام، أمر الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" جيشه بالاستعداد لعمليات محتملة في ليبيا، وكان هذا التصريح علنيا ​​في قاعدة جوية في المنطقة العسكرية الغربية للبلاد، على الحدود مع ليبيا.

يأتي ذلك بعد أن قامت حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، برفض وقف إطلاق النار الذي اقترحته مصر.

تهدف مصر إلى وقف تقدم حكومة الوفاق إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الجنرال "خليفة حفتر" الذي تدعمه الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، بما في ذلك مصر.

أخذ التهديدات بجدية

يقلل العديد من المعلقين السياسيين في المنطقة من قيمة تهديدات "السيسي" باعتبارها غير عقلانية، لأن التصرف بناء عليها سوف يتعارض مع الأمن القومي المصري، كما يقول البعض إنها محاولة لتشتيت الانتباه عن إخفاقاته المحلية في الاستجابة لوباء فيروس "كورونا" أو التفاوض مع إثيوبيا بشأن مشروع سد النهضة.

ومع ذلك، فإن الأنظمة الناشئة حديثًا والدول الثورية أكثر عرضة عمومًا للحروب من غيرها، مثل الحروب الثورية الفرنسية، والحرب بين العراق وإيران الثورية في الثمانينيات، وحرب إثيوبيا على اتحاد المحاكم الإسلامية الصومالية حينما كانت توطد سلطتها حديثًا في 2006.

ولهذا، يجب على المراقبين أن يأخذوا تهديدات "السيسي" على محمل الجد.

ولكن لماذا يفكر "السيسي" في الحرب على ليبيا في هذه الحالة ؟

تشمل حكومة الوفاق الوطني الموالين لثوار الربيع العربي الذين أطاحوا بـ"معمر القذافي" في عام 2011، وبذلك هم نقيض لنظام "السيسي"، الذي وصل إلى السلطة من خلال انقلاب عسكري في عام 2013.

سيؤدي توطيد حكومة الوفاق لسلطتها إلى تعزيز البلدان الموالية للربيع العربي في المنطقة، مثل تونس وقطر وتركيا، كما سيقوي الربيع العربي على المدى الطويل ويعزز مناهضة الاستبداد في المنطقة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن تركيا، التي تدخلت لصالح حكومة الوفاق، هي العدو اللدود الحالي لمصر، حيث لا يزال الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" يدين بشدة الانقلاب العسكري في مصر ولا يزال معاديًا لـ"السيسي"، وهاجمه مرارا في المحافل الدولية.

تأمين الجهة الليبية

في ذكرى وفاة الرئيس المصري "محمد مرسي" الأسبوع الماضي، غرد "أردوغان" تأبينًا لذكراه، مشيرًا إليه على أنه شهيد والرئيس الوحيد المنتخب ديمقراطياً في مصر.

يقوض دعم تركيا للمعارضة المصرية شرعية "السيسي"، ولكن أكثر ما يقلق النظام المصري هو أن يكون لتركيا قواعد عسكرية في ليبيا؛ وبالنظر إلى سجل تركيا في سوريا، فلا يمكن لـ"السيسي" تجاهل التهديد في ليبيا.

إذا تعزز وضع حكومة الوفاق واستطاعت فرض سيطرتها على ليبيا بالكامل من خلال علاقات أعمق مع تركيا، فإنها ستشكل بالتأكيد تهديدًا لنظام "السيسي" أكثر من كون ليبيا مقسمة.

وإذا حافظت حكومة الوفاق الوطني على موقف عدائي، فسيكون هذا محفزًا للتخل العسكري المصري الآن بدلاً من الانتظار حتى يتصاعد التهديد الليبي، وبالتالي لا ينبغي استبعاد المواجهة العسكرية المباشرة في المستقبل القريب.

لا يهدف تهديد "السيسي" بالعمل العسكري في ليبيا فقط إلى تعزيز موقف قوات "حفتر"، ولكنه أيضًا إشارة إلى دول أخرى أنه مستعد لإرسال الجيش طالما جرى توفير دعم إضافي له.

ربما يفكر "السيسي" في مساعدة قوات "حفتر" في الثبات في الشرق لحرمان حكومة الوفاق من حقول النفط الغنية في شرق ليبيا، والتي تعد المصدر الرئيسي للدخل في البلاد.

وبهذه الطريقة، سيضع "السيسي" خطًا في ليبيا، لا يمكن لثوار حكومة الوفاق ومؤيديهم الأتراك أن يتجاوزوه، مما يمنح "السيسي" منطقة عازلة أكثر أمانًا.

الحاجة إلى الدبلوماسية

تتفاقم احتمالية الحرب من خلال ردود حكومة الوفاق التي تعتبر استفزازية بالنسبة لمصر، كما أن طرابلس لديها قنوات اتصال ضعيفة مع مصر، وترفض الاجتماع عبر الإنترنت مع جامعة الدول العربية لإجراء محادثات عاجلة تطلبها مصر.

كانت هذه الأحداث بمثابة فرصة لحكومة الوفاق للانخراط أكثر في الدبلوماسية الإقليمية، لكن عدم التواصل أدى إلى تعميق عدم الثقة، مما أتاح مجالًا أكبر لتصورات خاطئة متبادلة بشأن النوايا.

بالنسبة لمصر، التي تضررت بشدة من جائحة الفيروس التاجي، فقد أعلنت حظرا على مناقشة القضايا "الحساسة" في الأماكن العامة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك الوباء والصراع الليبي والتمرد في سيناء وتوترات مصر مع إثيوبيا بشأن السد. يسلط هذا النمط من الرقابة الصارمة الضوء على الوضع السياسي الصعب في مصر.

وفي حين تجعل هذه العوامل الحرب المصرية على ليبيا أقل احتمالا، إلا أنه لا يمكن استبعادها. ولا تشكل تهديدات "السيسي" لليبيا محاولة للفت الانتباه عن التحديات الحالية التي تواجه مصر، بقدر ما هي محاولة لموازنة التهديد الذي تشكله التغييرات التي تحدث في ليبيا.

يشير العديد من المراقبين إلى أن "السيسي" يجب أن يركز في المقام الأول على إثيوبيا، بالنظر إلى أن حصة مصر من مياه النيل معرضة للخطر، ولكن إثيوبيا لا تشكل تهديدًا مباشرًا لبقاء النظام في مصر. كما يجادل الكثيرون بأن العمل العسكري سيكون مقامرة ضخمة، خاصة وأن الوضع على الأرض يتغير بسرعة، مع فقدان قوات "حفتر" لتماسكها.

ومع ذلك، ينبغي أن تكون حكومة الوفاق نشطة أكثر في دبلوماسيتها لتهدئة التوترات مع مصر إذا كانت تريد أن ترسخ حقًا السيادة على ليبيا.

وينبغي أن تحاول حكومة الوفاق  تخفيف تصور مصر عنها كتهديد كما ينبغي أن تسعى لكسب المزيد من التعاطف الدولي من خلال تسليط الضوء على جرائم الحرب والفظائع التي ترتكبها قوات "حفتر".

وكلما نشطت حكومة الوفاق في التعبير عن رؤيتها لليبيا مسالمة في المستقبل، زادت احتمالية نجاحها في تحقيق الاستقرار في البلاد.

المصدر | مصطفى سلامة - ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حكومة الوفاق الوطني الليبية خليفة حفتر العلاقات الليبية التركية عبد الفتاح السيسي

بلومبرج: ماكرون يتعامى عن دور فرنسا بإشعال حرب ليبيا

تاكتيكال ريبورت: السعودية مستعدة لدعم السيسي بليبيا لكنه غير جاد

ليبيا.. برلمان طبرق لن يعقد جلسة طارئة لطلب تدخل مصر

مصر تستعجل أنظمة دفاع روسية ساحلية عقب التوتر بليبيا

مصر تعلن عن مناورة حسم 2020 على حدود ليبيا