«المونيتور»: مقاربة جديدة للأمن في منطقة الخليج

الثلاثاء 8 سبتمبر 2015 07:09 ص

أكد الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» والعاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز» على العلاقات الدائمة بين بلديهما في بيان مشترك عقب اجتماع في البيت الأبيض في 4 سبتمبر/أيلول.

الخلافات عموما ليس موادا للتناول في البيانات المشتركة. وتتكفل التسريبات والمحللون والنقاد بتذكيرنا دوما بالتوترات التي تكتنف العلاقات الثنائية. ولكن الخلافات القائمة، سواء أكانت طفيفة أو كبيرة، تعد أمرا غير عادي في العلاقات الأمريكية السعودية. تتركز الأمور حول إيران، وإلى حد أقل في سوريا واليمن، وفي أحيان أخرى في إسرائيل وفلسطين والعراق. ويؤكد «بروس ريدل» أن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية «كانوا حلفاء فوق العادة لمدة تزيد عن 70 عاما.. إلا أنهما يتشاركان المصالح وليس القيم». وبعبارة أخرى فإن المملكة العربية السعودية ليست هي المملكة المتحدة.

وللتوثيق أيضا، فإن «أوباما» و«سلمان» قد وافقا على التعاون بشأن مواجهة نشاطات إيران لزعزعة الاستقرار في المنطقة. كما أعرب العاهل السعودي أيضا عن تأييده لخطة العمل الشاملة المتفق عليها بين مجموعة دول 5+1 وإيران شريطة تنفيذها بالكامل ومنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وبالتالي تعزيز الأمن في المنطقة. وعزز موقف الملك من صفقة إيران الموقف الصادر عن القمة المشتركة للولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي في كامب ديفيد في مايو/ أيار الماضي.

بالنسبة لأولئك الذين لا يزالون يزعمون أن الحلفاء العرب للولايات المتحدة يعارضون صفقة إيران النووية فإنهم مدعوون لفحص الأمر على حقيقته. وكما لاحظنا في الشهر الماضي فإن إسرائيل وحدها، من بين جميع حلفاء وشركاء الولايات المتحدة في أوربا وآسيا والشرق الأوسط هي من تبدي معارضة حقيقية لخطة العمل الشاملة المشتركة.

وعلى الرغم من دعم الملك «سلمان» للصفقة مع إيران، فقد أوضح «فهد الناظر» و«نواف عبيد» الاتجاه السعودي نحو اتخاذ مواقف إقليمية أكثر حزما وربما أكثر عسكرة، مماثلة لما يصفه «عبيد» بالتدخلات الناجحة لها في البحرين واليمن وقريبا في سوريا من أجل معادلة النفوذ الإيراني. «سيد حسين موسويان»، يمثل بدوره وجهة النظر الإيرانية، حيث يضع عبء الصراع على دول مجلس التعاون الخليجي ويدعو لعقد قمة بين إيران والعراق ودول مجلس التعاون الخليجي في مكة المكرمة.

ليس هناك شك أن خط الصدع السعودي الإيراني يستند إلى سجل موثق جيدا من العداء. ولكن نهجا جديدا أو مقاربة جديدة للأمن الإقليمي يمكن أن تبدأ مع اتفاق إيران النووي وقمة «أوباما وسلمان». الجدل الأمريكي حول خطة العمل المشتركة سوف ينتهي اعتبارا من 17 سبتمبر/ أيلول بالتصويت في الكونغرس على الاتفاق الذي سوف يصير بعدها أمرا واقعا محسوما. الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يضعون إيران على المحك بشأن طموحاتها النووية. المملكة العربية السعودية ودول الخليج قد تفعل الشيء نفسه فيما يتعلق بالسياسات الإقليمية الإيرانية. لماذا إذن لا يتم الاجتماع في مكة أو في أي مكان آخر لمعالجة الصراع الإسلامي الداخلي الذي يسهم في الكثير من المآسي في سوريا واليمن وأماكن أخرى في المنطقة؟

النقطة الأخرى الجديرة بالاهتمام تتعلق بآلاف السعوديين الذين لجأوا من الحرب، هي الأزمة التي وصفتها الأمم المتحدة بكونها الأزمة الإنسانية الأكبر في العالم. هل يؤيد العرب تدخل بقيادة سعودية أو أي تدخل عسكري آخر في سوريا. لدينا حدس بأن الشعب يريد للحرب أن تقف في أقرب وقت ممكن، وأن تتم تسوية الأمور السياسية في وقت لاحق.

دول الخليج عليها بدلا من ذلك أن تنظر في فتح حدودها لاستقبال اللاجئين السوريين، كما اقترح «سلطان سعود القاسمي» في مقاله في إنترناشيونال بيزنيس تايمز الأسبوع الماضي. الاتحاد الأوروبي يفتح حدوده، ولم يكن ذلك أمرا سهلا في وجود معارضة من بعض الأعضاء والأحزاب. لا يمكن لدول الخليج أن تدعي لنفسها قيادة العرب في الوقت الذي تمنع فيه العرب اللاجئين من حرب إقليمية من الدخول إليها في الوقت الذي يسمح لهم بالدخول من قبل أوروبا.

أي من إيران أو دول الخليج لا يحق لهم ادعاء أي أهلية قيادية على الشعوب في بلاد الشام. من سيحق له أن يكون له قدم في العواصم الإقليمية هو من سيكون له دور في إنهاء الحرب لا من يوفر وقودا لاستمرارها. وكما سيبحث الشعب وقتها على إشارات للإلهام والأمل وحسن النية، فإنه سيكون هناك الكثير من اللوم والاستياء أيضا والذي لن يكون موجها فقط بحق الرئيس السوري «بشار الأسد» و«حسن نصر الله» زعيم حزب الله و«آية الله خامنئي» المرشد الأعلى للثورة الإيرانية وقادة تنظيمات «الدولة الإسلامية» والقاعدة، ولكنه سيمتد ليشمل أيضا أولئك الذين غذوا العنف لفترات طويلة وقدموا الدعم للمجموعات التي روعت السكان تحت لافتات إسلامية وسلفية.

الأمر نفسه ينطبق على اليمن. الموقف الأمريكي الشعبي يقضي بدعم التدخل السعودي كعلامة على الصداقة بين البلدين. ولكن هناك وجهة نظر في واشنطن أيضا أن الجملة العسكرية التي تقودها السعودية سوف تدمر الجزء القليل المتبقي من مؤسسات الدولة وتسهم في تفاقم الأزمة الإنسانية فضلا عن كونها توفر مساحة للنمو لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وهو ما يبدو أنه يحدث بالفعل. فقدت الإمارات العربية المتحدة 45 جنديا وفقدت البحرين 4 جنود خلال يوم واحد وهو ما قد يعد مؤشرا على تصاعد الصراع من جديد. كانت اليمن دولة فاشلة مثقلة بالأزمات قبل بدء الحملة العسكرية في مارس/ أذار. وقد صارت الآن أسوأ بكثير جدا نتيجة الحرب.

وقد أعرب «أوباما» عن أمله في أن تتجه المنطقة بعيدا عن الطائفية ونحو الأمل والحكم الرشيد في لقاء له في 14 يوليو/ تموز مع «توماس فريدمان».

«صرت آسف لأبناء هذه المنطقة، ليس فقط أولئك الذين يشردون في سوريا وليس فقط أولئك الذين يعانون من الأوضاع الإنسانية السيئة في اليمن، ولكن حتى الشباب الإيراني العادي والشباب السعودي والكويتي الذين يتساءلون بينهم وبين أنفسهم لماذا ليست لدينا نفس الآفاق والفرص التي تتوفر لأمثالنا في فنلندا والصين وأندونيسيا والولايات المتحدة؟ لماذا لا نحظى بنفس الفرص ونفس الشعور بالأمل؟ هذا ما ينبغي حقا للقادة أن يركزوا عليه».

وقد دعا هذا العمود باستمرار لنهج شامل للأمن الإقليمي يؤكد على التهديد المشترك والمتزايد للإرهاب والضرورة الملحة لإنهاء الحرب في سوريا واليمن لمواجهة الأزمات الإنسانية الملحة هناك. حقيقة أن المملكة العربية السعودية وإيران لا يزالان محصنان ضد التوحد في مواجهة «الدولة الإسلامية» والقاعدة لا تزال محيرة.. أجبر «هتلر» كل من الأمريكيين والسوفييت على دفن أحقادهما من أجل المصالح ولو لفترة قصيرة. الخطر الناجم عن الدولة الإسلامية والقاعدة يتهدد السعودية بأكثر مما يهدد إيران. لكن الأمن المستدام يتطلب أكثر من مجرد مكافحة الإرهاب. هناك أيضا حاجة ملحة لنبض جديد من الأمل، كما أشار «أوباما»، وأيضا للإيمان الداخلي والمصالحة التي طال انتظارها داخل الأديان وبين الدول في المنطقة.

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران أمن الخليج الاتفاق النووي العلاقات السعودية الأمريكية

«أوباما» والملك «سلمان»: رحيل «الأسد» شرط لأي تحول سياسي في سوريا

«النفيسي»: إيران تستخدم الإمارات وعُمان لتهديد أمن الخليج

الأمن الخليجي وعواصف المنطقة

مخاوف الخليج التي لا يفهمها «أوباما» .. لماذا قررت السعودية الاعتماد على نفسها؟

وجهة نظر الولايات المتحدة بشأن أثر الاستراتيجيات الدولية على جهاز الأمن الخليجي