«هيومن رايتس ووتش»: انتهاكات الميليشيات في العراق تشوه القتال ضد «الدولة الإسلامية»

الاثنين 21 سبتمبر 2015 10:09 ص

قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير صدر، أمس الأحد، إن الميليشيات المدعومة من الحكومة العراقية نفذت أعمال تدمير موسعة لبيوت ومتاجر في شتى أرجاء مدينة تكريت في شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان من العام الجاري.

وأوضحت المنظمة في تقريرها أن عناصر من الميليشيات دمر عمدا مئات البنايات المدنية دون سبب عسكري ظاهر، بعد انسحاب تنظيم «الدولة الإسلامية» من المنطقة، ما يعد خرقا لقوانين الحرب.

بدوره، قال «جو ستورك» نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط: «على السلطات العراقية ضبط ومساءلة الميليشيات المارقة التي تدمر بيوت السنة ومتاجرهم بعد دحر الدولة الإسلامية، الميليشيات المسيئة، وقادتها الذين يتمتعون بالإفلات من العقاب، تضعف الحملة ضد الدولة الإسلامية وتعرض المدنيين جميعا لخطر أكبر».

وأضاف أن هذه الميليشيات تنتمي إلى قوات «الحشد الشعبي»، التي تتكون من عشرات الميليشيات الشيعية، والتي شكلتها الحكومة ردا على تقدم «الدولة الإسلامية» السريع عبر أراضي محافظتي نينوى وصلاح الدين في يونيو/حزيران من العام الماضي.

وتابع: «تتلقى الميليشيات رواتب وأسلحة حكومية، لكنها تصرف شؤونها بتنسيق غير محكم فيما بينها ومع الجيش العراقي وقوات الأمن الأخرى، وفي 7 أبريل/نيسان اعترفت الحكومة العراقية بقوات الحشد الشعبي كقوة أمن منفصلة تتبع رئيس الوزراء حيدر العبادي».

وأكدت صور القمر الصناعي شهادات الشهود والتي أفادت بأن الدمار اللاحق بالمباني وقع بالأساس بعد دحر القوات الموالية للحكومة لـ«الدولة الإسلامية» وبعد أن غادر الجيش العراقي المنطقة تاركا إياها تحت سيطرة الميليشيات، وكان الدمار الذي ألحقته الضربات الجوية التي نفذتها الحكومة وتحالف بقيادة أمريكية، وكذا الضربات المدفعية والدمار الذي ألحقته «الدولة الإسلامية» –خلال حكمها لفترة 9 أشهر قبيل مارس/آذار– دمارا محدودا.

وذكر «ستورك» أنه من الأمثلة، عندما استعادت القوات العراقية والميليشيات الشيعية الدور، وهي بلدة يقطنها نحو 120 ألف نسمة على مسافة 20 كيلومترا جنوب تكريتودون معركة كبرى، في 6 مارس/آذار– على حد قول السكان لـ«هيومن رايتس ووتش»، انسحب الجيش بعد يوم، تاركا البلدة في يد الميليشيات، وفر جميع السكان تقريبا أثناء سيطرة «الدولة الإسلامية» أو قبل استعادة القوات الحكومية للبلدة بقليل.

وأضاف: «في 8 مارس/آذار بثت قناة الاتجاه مقاطع فيديو تظهر فيها كتائب حزب الله وهي تدخل البلدة وتفكك أجهزة متفجرة زرعتها عناصر الدولة الإسلامية، ويظهر في مقاطع الفيديو أيضا شارع الدور الرئيسي وميدان ومواقع أخرى تظهر سليمة إلى حد بعيد».

إلا أنه لدى عودة الشرطة المحلية للخدمة في مطلع أبريل/نيسان قام رجال الشرطة بإعداد قائمة من أكثر من 600 منزل ومتجر محترق ومتفجر.

وأظهرت صور القمر الصناعي الملتقطة في مايو/أيار مساحات كبيرة من مناطق الدور السكنية وقد دمرت تماما.

وقال الشيخ «مالك شهاب» –رجل أعمال بارز وشقيق عمدة الدورلـ«هيومن رايتس ووتش» إن عضوا في قوات «الحشد الشعبي» قال متباهيا: «أحرقنا الدور ودمرناها لأن أهلها دواعش وبعثيون».

وفي 8 مارس/آذار استعادت الميليشيات الشيعية ومقاتلون محليون متطوعون بلدة العلم، وهي على مسافة 12 كيلومترا شمال شرقي تكريت، ويقطنها نحو 60 ألف نسمة.

وجمعت «هيومن رايتس ووتش» صورا فوتوغرافية وشهادات شهود عن 28 بناية أحرقت أو انفجرت بعد استعادة العلم، بعض هذا الدمار يظهر في صور القمر الصناعي، التي تظهر 45 بناية دمرت في مارس/آذار وأبريل/نيسان من بعد استعادة الميليشيات للعلم.

ويتحمل مقاتلون سنة محليون ومتطوعون –كانوا يعارضون سيطرة الدولة الإسلامية ويعملون تحت حماية ميليشيات شيعية– مسؤولية الدمار اللاحق بالعلم.

وبين التقرير أن معركة مدينة تكريت دامت –وتقع 180 كيلومترا شمال بغداد وكان يقطنها وقت السلم نحو 150 ألف نسمة– منذ مطلع مارس/آذار إلى الأول من أبريل/نيسان، عندما أعلن رئيس الوزراء «العبادي» الانتصار، رغم استمرار القتال المتفرق بعد ذلك، وقال بعض الأهالي لـ«هيومن رايتس ووتش» إن القتال الثقيل اقتصر إلى حد بعيد على حي القادسية شمالي المدينة، حيث دُمرت مئات البيوت بعد دحر الميليشيات لـ«الدولة الإسلامية» وإخراج عناصرها من المدينة.

وتورطت الميليشيات –في تكريت– في أعمال نهب موسعة.

وأظهر «محمد جاسم»وهو رجل أعمال يدير متجرا كبيرا للأجهزة الإلكترونية والمنزلية– لـ«هيومن رايتس ووتش» صورا لأعمال نهب الميليشيات وحرقها لمتجره، في أحد مقاطع الفيديو، وتم تصويره في 31 مارس/آذار، تظهر شاحنة بيضاء أمام متجر «جاسم»، مع قيام رجال يرتدون ثيابا مموهة بتحميل الأجهزة في الشاحنة.

وقال شهود عيان إن الميليشيات الشيعية نفذت أيضا عمليات قتل ميداني خارج نطاق القضاء في تكريت، فيما قال رجل شرطة محلي إنه عندما تفقد منطقة في حي القادسية في مطلع أبريل/نيسان، رأى أكثر من عشرين مقاتلا من «الدولة الإسلامية» يسلمون أنفسهم لـ«كتائب بدر»، وهي ميليشيا شيعية أخرى، ومعها عناصر من «عصائب أهل الحق»، وذلك بعد أن نفدت منهم الذخيرة والطعام.

وقال الشرطي إنه رأى عناصر الميليشيات يعدمون بعض أسرى «الدولة الإسلامية» في الشارع. وفي 3 أبريل/نيسان تناقل مراسلو «رويترز» للأنباء في تكريت أنهم شهدوا على قيام رجال شرطة اتحادية بطعن شخص اشتبهوا في أنه من مقاتلي «الدولة الإسلامية» حتى الموت.

وقالت «هيومن رايتس ووتش» إن الولايات المتحدة وإيران بصفتهما أكبر الداعمين للجيش العراقي وقوات الأمن العراقية، عليهما إعلان رفض انتهاكات الميليشيات وأن يعلنا بوضوح مسؤولية الحكومة عن وقف هذه الانتهاكات ومحاسبة الجناة، بغض النظر عن الرتبة، وعلى جميع البلدان التي توفر المساعدة العسكرية للعراق أن تعزز الرقابة على الوجهة النهائية للمعدات المقدمة.

وأضافت المنظمة أنه على هذه الدول أيضا ضمان أن الجهة المتلقية تحترم حقوق الإنسان، ويتضمن ذلك نشر تقارير علنية عن التحقيقات في إساءة استخدام المساعدات والخطوات لتصحيح الخلل، كما ينبغي أن تدعم هذه الدول إنشاء أدوات لمراقبة الميليشيات والسيطرة عليها، بإشراف مدني، ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب، مشيرة إلى أنه وإن أخفق العراق في ذلك خلال عام واحد، يجب إيقاف المساعدات بمقدار هذا الإخفاق.   

وقال «جو ستورك»: «يجب ألا ينظر إلى الانتقام والعقاب الجماعي كجزء من استراتيجية لهزيمة الدولة الإسلامية،  على العراق ضمان تحقق المساءلة الفردية على الجرائم، بغض النظر عما إذا كان مرتكبوها من المتطرفين السنة أو من عناصر الميليشيات الشيعة»، وفقا لتعبيره.

 

  كلمات مفتاحية

العراق هيومن رايتس ووتش الحشد الشعبي الدولة الإسلامية حيدرالعبادي الشيعة السنة

ميليشيات عراقية شيعية تنقل ملكية سيارات سرقتها من المحافظات السنية

مسؤول عراقي يؤكد انسحاب ميليشيات الحشد الشعبي من تكريت

قلق من انسحاب «الحشد الشعبي» من بيجي احتجاجا على عزل «المالكي»

قوات أمريكية تمهل «الحشد الشعبي» 24 ساعة لمغادرة منطقة في الأنبار

«أبو عزرائيل»: من أحرقته ليس عراقيا .. و«الدولة» يرد بحرق 4 عناصر من «الحشد»

«سليماني» يتجول في كربلاء العراقية برفقة قيادات من «الحشد الشعبي»

اتهام «الحشد الشعبي» بقتل 10 واختطاف 30 في مناطق سنية بديالي

«رايتس ووتش»: القوات العراقية و«الحشد الشعبي» ارتكبوا جرائم حرب ضد السنة