هذه مخاطر اعتراف الولايات المتحدة بتبعية الصحراء الغربية للمغرب

الأحد 13 ديسمبر 2020 06:26 م

يعتبر تحرك واشنطن للاعتراف بالسيطرة المغربية على منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها بمثابة إنجاز دبلوماسي كبير للرباط إذا أيدته الإدارة الأمريكية المقبلة، على الرغم من أنه يخاطر بإشعال التوترات في الداخل ومع جيران المغرب الأفارقة.

وأكد البيت الأبيض والديوان الملكي المغربي في 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أن إسرائيل والمغرب قررا إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، وكجزء من اتفاقية التطبيع، قالت الولايات المتحدة إنها ستعترف أيضًا "بالسيادة الكاملة" للمغرب على الصحراء الغربية.

وتشير هذه الاتفاقيات المتزامنة إلى أن واشنطن وعدت بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية مقابل تطبيع الرباط لعلاقاتها مع إسرائيل، وفي حالة وفاء الرئيس الأمريكي المنتخب "جو بايدن" بهذا التعهد من خلال إنشاء قنصلية أمريكية في المنطقة المتنازع عليها، فسيكون ذلك بمثابة دعم كبير لاستراتيجية المغرب الدبلوماسية المطالبة بالسيادة الفعلية على الإقليم، لأن تأثير واشنطن العالمي يتجاوز إلى حد بعيد تأثير الدول الأفريقية والشرق الأوسطية التي فتحت مؤخرًا قنصليات في الصحراء الغربية.

تأجيج المعارضة الداخلية

مارست الرباط على مدى عقود ضغوطاً من أجل اعتراف أوسع بمطالبها السيادية في الصحراء الغربية، حيث يطالب المغرب بالسيطرة على ما يقرب من 80% من الأراضي المتنازع عليها، وهي غنية بالفوسفات والأسماك واحتياطيات محتملة من النفط والغاز.

وتسيطر الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية المدعومة من الجزائر وجبهة البوليساريو المسلحة على الأراضي المتبقية.

يرحب المغاربة إلى حد كبير بمزيد من الدعم الخارجي لمطالب بلادهم بالسيادة على الصحراء الغربية، على الرغم من أن مقايضة ذلك بالتطبيع الإسرائيلي يخاطر برد فعل محلي معارض.

وستولّد الرحلات الجوية المباشرة والعلاقات التجارية الأعمق مع إسرائيل فوائد اقتصادية ستحصد شعبية بالتأكيد لدى الشعب المغربي، لكن العديد من المغاربة يخشون من أن تؤدي العلاقة الجديدة مع إسرائيل إلى تخلي الرباط عن سعيها لإقامة دولة فلسطينية.

وللمساعدة في نزع فتيل هذا التوتر، أوضح العاهل المغربي أن الاتفاقية الجديدة لم تغير موقف الحكومة الرسمي المؤيد للفلسطينيين، وستكون مثل هذه التطمينات حيوية في منع المغاربة من التساؤل عن مدى سرعة تغير قيم حكومتهم المتعلقة بالعروبة والأمة الإسلامية.

وأجرى العاهل المغربي "محمد السادس" اتصالا هاتفيا مع الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" في 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وهو نفس اليوم الذي أُعلن فيه التطبيع مع إسرائيل، وأكد للرئيس الفلسطيني أن المغرب لا يزال يريد إقامة دولة كاملة للفلسطينيين.

خطر تصعيد الصراعات

سيزيد دعم الولايات المتحدة لمطالب المغرب في الصحراء الغربية من تأجيج الصراع مع الجزائر وجبهة البوليساريو التي تدعمها.

وكانت الأمم المتحدة قد وعدت على مدى عقود بإجراء استفتاء لتقرير المصير للشعب الصحراوي الذي يعيش في المنطقة، كما اقترح المغرب الحكم الذاتي للصحراويين مقابل الاعتراف بالسيادة المغربية الكاملة، لكن الدعم الأمريكي الصريح للجانب المغربي يجعل من المستبعد إجراء هذا الاستفتاء المؤجل.

سيضغط هذا بدوره على جبهة البوليساريو وداعميهم الجزائريين لاستخدام الوسائل السياسية والعسكرية لإبطاء مثل هذا التقدم، ومن شأن احتمال إنشاء قنصلية أمريكية - على وجه الخصوص - أن يزعج الجزائر بشدة، ما قد يثير القضية على الأرجح في القنوات الدبلوماسية مثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.

كما قد تدفع القنصلية الأمريكية الجزائر لتقديم المزيد من الأسلحة والدعم المادي لجبهة البوليساريو لمساعدة الجماعة في الضغط على المغرب.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت جبهة البوليساريو أنها قررت التوقف عن الالتزام باتفاقية وقف إطلاق النار لعام 1991، ما أدى إلى اندلاع موجة عنف واسعة في المناطق القريبة من المنطقة العازلة.

وكان المغرب وجبهة البوليساريو قد اقتراحا خططا مختلفة للحكم الذاتي في عام 2007، وهي آخر مرة جرت فيها مفاوضات جادة، وحازت خطة الحكم الذاتي المغربية وقتها على دعم الولايات المتحدة وفرنسا.

أهمية الدعم الأمريكي

وأشارت العديد من الدول الأفريقية بقوة إلى أنها لا تريد للمغرب أن يكسب الصحراء الغربية بدون عملية الاستفتاء التي ستجريها الأمم المتحدة، ما يشير إلى استجابة ضعيفة لضغط الرباط لتنويع علاقاتها في أفريقيا، حيث أقام المغرب علاقات تجارية واستثمارات أعمق عبر أفريقيا جنوب الصحراء بعد عودة الرباط في عام 2017 إلى الاتحاد الأفريقي، وقد أدت استراتيجية التنويع هذه إلى تقليص اعتماد المغرب الاقتصادي على أوروبا، التي تظل سوق التصدير الرئيسي.

ويعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري للمغرب، حيث تتجه نحو 65% من الصادرات المغربية إلى الكتلة وفقًا لأحدث بيانات الاتحاد الأوروبي.

وتشمل الدول الأفريقية التي أنشأت حتى الآن قنصليات في الصحراء الغربية بوركينا فاسو وجزر القمر وزامبيا، وعلى الرغم من أهمية هذه الدول في دفع المغرب نحو السيادة الشاملة، لكنها أصغر وأقل قوة، وبالتالي لا يمكن أن تكون بمثابة أسواق تصدير بديلة عن أوروبا.

وقدمت السنغال وغانا وساحل العاج دعمًا دبلوماسيًا متزايدًا لمطالبات المغرب بالصحراء الغربية، لكن دول غرب أفريقيا الكبرى الأخرى، مثل مالي، لا تزال تعارض إضفاء الشرعية على السيادة المغربية في الإقليم، بينما تتمسك موريتانيا بما تسميه موقف "الحياد الإيجابي".

وسيعتمد مسار سياسة الرباط مستقبلًا على استمرار الدعم الأمريكي من إدارة "بايدن" القادمة، والتي ستؤثر تصرفاتها أيضًا على ما يُرجح أن يكون رد فعل فاترًا من الاتحاد الأوروبي، لهذا فإن قدرة واشنطن على التأثير في تصرفات شركاء المغرب الأقوياء الآخرين ستحدد مدى فاعلية الاعتراف الأمريكي.

تعتبر فرنسا وإسبانيا هما الشريكان التجاريان الأوروبيان الأساسيان اللذان من المحتمل أن يظهرا استعدادًا أكبر لقبول استراتيجية المغرب، ومع ذلك، فإن رفض الاتحاد الأوروبي للاعتراف بالسيادة المغربية بسبب دعم الكتلة لاستفتاء الأمم المتحدة حول الصحراء الغربية من المرجح أن يستمر في التأثير على التجارة المغربية الشاملة عبر أوروبا.

ومن الجدير بالذكر أن محكمة العدل الأوروبية قضت عدة مرات في السنوات الأخيرة ضد استفادة المغرب بالكامل من السلع المنتجة في الصحراء الغربية.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإسرائيلية المغربية الصحراء المغربية إدارة بايدن إدارة ترامب

مجددا دعمه للقضية الفلسطينية.. العدالة والتنمية المغربي يؤيد قرارات الملك للتطبيع

الجزائر تحذر من زعزعة استقرارها بعد التطبيع مع المغرب

بعد قرار ترامب.. قضية الصحراء على طاولة مجلس الأمن الإثنين

قرار مفاجئ.. المغرب يعلن قطع علاقاته مع السفارة الألمانية بالرباط

مجلة فرنسية: مغربية الصحراء باتت أمرا واقعا